المجتمع في منطقة بعلبك الهرمل كغيره من باقي المجتمعات في لبنان وفي سائر أنحاء العالم، فكما أن فيه الطالح كذلك فيه الصالح وكما أن فيه المسيء كذلك فيه المحسن وكما أن فيه الخارج على القانون كذلك فيه الملتزم بكافة القوانين والأنظمة وكما أن فيه المخلّ بالأمن كذلك فيه الحريص عليه وكما أن فيه المجرم كذلك فيه القدوة والمثل الأعلى وكما أن فيه اللص والحرامي كذلك فيه الأمين وكما أن فيه الشرس كذلك فيه المسالم وكما أن فيه العميل المتخاذل فيه الوطني الشريف وكما أن فيه الفاسد كذلك فيه المصلح.
إقرأ أيضًا: منطقة بعلبك - الهرمل حاضنة المقاومة ... لماذا يتم إفقارها وحرمانها من حقوقها؟
وفوق كل ذلك يتميز هذا المجتمع عن غيره أنه يركن بين جنباته ويعشعش في زواياه الإهمال والحرمان والفقر والجوع ومعاناة المواطن ومأساته، وتنتشر البطالة بين شرائح واسعة من شبابه، وخصوصًا المتعلمين خريجي الجامعات والمعاهد والمهنيات وتغيب فرص العمل عن أصحاب المهن الحرة فيه، وفيه أيضًا وأيضًا ركود ملحوظ في الحركة الإقتصادية والتجارية والمعيشية وفي المؤسسات والمصالح الخاصة، وهذه مشاكل لا توجد في كثير من المجتمعات.
وبالتالي فإن منطقة بعلبك الهرمل تنفرد بجملة مميزات قلما تتواجد في باقي المناطق اللبنانية ومناطق العالم، ففيها شبكة مواصلات واسعة ولكن تغيب عنها الطرقات الصالحة للإستخدام لكثرة ما فيها من حفر ومطبات تشكل أفخاخًا مثالية لوسائل النقل وفيها شبكة للإنارة ولكنها تفتقد إلى التيار الكهربائي بسبب خضوعه لتقنين قاسي يدوم لساعات طويلة في اليوم، وأما شبكة المياه فلا ينقصها سوى الماء الضروري للشرب والاستخدام، وفيها مستشفيات من دون إستشفاء وفيها أعداد كبيرة من المدارس والمعاهد الخاصة ولكن التعليم فيها يقتصر على أولاد الأغنياء وأصحاب الثروات بسبب الإرتفاع الجنوني بالأقساط والمتطلبات المدرسية، مما يجعل دخولها مستحيلًا على ذوي الدخل المحدود، وفيها مؤسسات حكومية رسمية ليس لخدمة الناس بقدر ما هي لإبتزازهم واستفزازهم بالرشاوى والواسطة والمحسوبيات، وفيها منظومة واسعة من الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية ليس لضبط وفرض الأمن والاستقرار ولا لينعم المواطن بقدر من الأمان والهدوء ولا للحد من الفلتان والفوضى والسلاح المتفلت المنتشر على أوسع نطاق، بل للاستعراض وتحرير محاضر ضبط بحق البسطاء اللاهثين وراء لقمة العيش لهم ولعيالهم.
إقرأ أيضًا: إسقاط المبادىء طمعا بمقعد نيابي
وغيرها فإن منطقة بعلبك الهرمل لديها عدد من النواب يبلغ تعدادهم العشرة بعيون الشيطان إلا أن دورهم ليس لتمثيل هذه المنطقة بل للتمثيل على أهلها بالخطابات والتصريحات والوعود الفارغة واتهامات الدولة بالتقصير، علمًا بأنهم يمثلون جزءًا وازنًا في الدولة.
على أن ثالثة الأثافي تكمن في لجوء قوى الأمر الواقع في المنطقة والمتمثلة بالثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله إلى مصادرة قرارها، سيما وأن المنطقة على أبواب انتخابات نيابية، فيلجأ هذا الثنائي إلى إختيار النوائب عفوا النواب لفرضهم على المنطقة واتهام الآخرين المنافسين لقائمتهم الإنتخابية بانتمائهم إلى الجماعات الإرهابية داعش والنصرة، وهذا ما عبر عنه مؤخرا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
إلا أن هذه الأساليب المرفوضة والمحرمة شرعًا وقانونًا والمنافية للقيم والأخلاق التي يستخدمها الثنائي الشيعي في حملاته الإنتخابية والتي تصل إلى حدود تزوير واقع المنطقة وتستفز المشاعر فإنها توحي وبما لا يدع مجالًا للشك بأن رصيدهم الشعبي الى تراجع كبير أمام وعي الناس والحقائق التي بدأت تتكشف وأنهم بالتأكيد الى خسارة واضحة لعدد من مقاعدهم في المجلس النيابي.