حتى الآن خطوات ضربة دمشق حاضرة وجاهزة سياسياً وعسكرياً ويبدو حضور السفن الحربية الى شواطىء المتوسط تمهد لهذه الضربة
 

أوّل من تحدث عن ضرب دمشق من قبل أميركا واستهداف بنية النظام في العاصمة السورية كانت روسيا لعلمها بأن الحرب الدائرة في الغوطة وعفرين ما هي الاّ حرب من خارج التفاهمات القائمة بين أميركا وروسيا لذا أدرك الروس بأن أميركا لن تسكت عن تقاسم سورية بين الأتراك والروس وعلى خلفية النزاع مع الإدارة الأمريكية وبأنها ستوجه رسالة قاسية للنظام السوري ومن خلاله لحليفه الروسي وعدوه التركي خاصة وأن أبعاد هذه الرسالة ستطال دور روسيا في المنطقة بعد أن استطعمت حلاوة النصر ولكنها لم تستلذ بعد بثرواتها كما أنها ستطال علاقات السلطة التركية ودور أردوغان فيها طالما أنّه شذّ عن القاعدة الأمريكية المرسومة على الواقع السوري والتي أنهى فيها أردوغان دور الكُرد المعارضين لتركيا.
حتى الآن خطوات ضربة دمشق حاضرة وجاهزة سياسياً وعسكرياً ويبدو حضور السفن الحربية الى شواطىء المتوسط تمهد لهذه الضربة التي حذرت منها روسيا واعتبرتها بداية جنوح نحو حرب مكلفة للمنطقة بعد أن التزمت روسيا أمن النظام السوري و أخذت على عاتقها تصفية المعارضة السورية وإعادة انتاج النظام السوري وبنفس المواصفات دون تعديل يُذكر في بنية النظام على أن تكون سورية حصة روسيا في منطقة أوسطية أميركية.

إقرأ أيضًا: تيريزا ماي تصفع قفا بوتين وتعلم العرب درسًا في السياسة
لو صدقت روسيا في احتمال الضربة الأمريكية للنظام ماذا ستفعل؟ سؤال يطرح دور روسيا تجاه أميركا التي تخافها وتهابها والتي لا طاقة لها على مجاراتها في حرب غير متكافئة بين البلدين خاصة و أن روسيا حاضرة وجاهزة لفوضى عند أي خلل يطال أمنها باعتبار أن السلطة القائمة فيها سلطة مافيات وأجهزة مخابراتية ولا دور للشعب في بلد تستعرض فيها الانتخابات وتستحضر كشكل انتخابي لا يفضي الاّ للنتيجة واحدة وهي إعادة رئاسة بوتين الى الواجهة فكلما خرج من شباك المُدّة المنتهية عاد من باب الانتخابات المحسومة النتائج في دوامة انتخابية تعكس رغبة المافيا الروسية أكثر مما تعكس إرادة الشعب الروسي الذي تعوّد على مصادرة حقه في اختيار السلطة مذ كان في عهدة الاتحاد السوفياتي.
لو استطاعت روسيا مواجهة أميركا لواجهتها في أوكرانيا حيث خاصرة روسيا الأمنية قد فتحت لدخول الغرب اليها وبسهولة ولتمكن الروس من الدفاع عن دورها هناك بوجه أوروبا التي تعاطت مع روسيا تعاط مذل لها اذ وضعتها على اللائحة السوداء واتخذت بحقها تدابير أمنية واقتصادية وسياسية وهددتها عسكرياً دون أن يكون لروسيا الخيار في أمرها غير الاستسلام للشروط الأوروبية ولم تُقدم على أي خطوة عنترية في أوكرانيا كما تعنترت في سورية والسبب أن روسيا أعجز من أن تواجه دول الناتو.

إقرأ أيضًا: الشيوعي في النبطية حدادة وفي الزهراني غريب
لقد عرضت روسيا عضلاتها على السوريين المنسيين ودمرت بلداً لا أحد يريد بقاءه واقفاً بتاريخه العمراني لذا تركوا روسيا تًدمر ما لم يُدمره النظام وتنظيم الخلافة وهنا ظنت روسيا أنها ربحت حرباً كل من دخلها خسر وهذا ما جعل لها وزناً في السياسة الدولية اذ أصبحت معنية في حروب العالم وفي المناطق المتنازع فيها وعليها وباتت تبحث عن خيارات الاستثمار في الأمن الأوسطي وتقدم نفسها كشريك قوي لمنافسة أميركا في السياسة والأمن الدوليين.
كانت الدبلوماسية الروسية قبل سورية نائمة ولا دور لها وبعد سورية أصبحت أنشط دبلوماسية وتتخذ مواقف حاسمة وتتصرف كسيدة لنفسها و للعالم فتُحاسب مواقف الاخرين في مجلس الأمن وخارجه وهذا ما دفع بالسياسة الروسية الى الأمام بعد أن كانت الى الوراء.
في العودة الى التصريح الروسي الخائف من الضربة الأمريكية المحتملة للنظام السوري يبدو أن الانتظار لسماع أصوات الصواريخ الأمريكية قد يطول ما دامت أميركا غير معنية بوضع نهاية للحرب وللنظام ولو أرادت لكلفها نظام الأسد صاروخاً واحداً، و قد تكون الصواريخ قريبة اذا ما أرادت أميركا إعادة التوازن في الخلل القائم في ميزان القوى والقوّة بعد أن فرض الروس قوتهم التدميرية في حلب والغوطة الشرقية.