ازدادت وتيرة التظاهرات الناقمة في العراق على الطبقة السياسية والفساد وتردي الوضع الاقتصادي قبيل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في مايو المقبل.
وتعبر التظاهرات التي انطلقت عفوية في بغداد وكربلاء وذي قار وكركوك، عن حالة الاستياء الشعبي المتفاقمة لدى العراقيين من الوضع السياسي وشيوع الفساد وانعدام الخدمات.
ومع أن هذه التظاهرات الاحتجاجية لا يعول عليها في تغيير الوضع السياسي في البلاد، إلا أنها تبعث رسالة شديدة للسياسيين بأن غالبية العراقيين لا يعولون على نتائج الانتخابات القادمة.
وبرغم كل المحاولات التي تبذلها التيارات المدنية للإيحاء بأن التغيير ممكن في العراق عن طريق الانتخابات فإن هناك شعورا متزايدا لدى العراقيين، الشباب منهم بالأخص، بأن تلك الانتخابات ستعيد إنتاج النظام السياسي الفاشل نفسه.
لا لأن نتائج تلك الانتخابات ستتعرض للتزوير، وهي قناعة عززتها مؤخرا شكوك أميركية، فحسب، بل وأيضا لأن ما يراه العراقيون بأنفسهم يؤكد أن الطبقة السياسية التي فشلت في إدارة البلد طوال اثنتي عشرة سنة تعيد تنظيم صفوفها من خلال تحالفات جديدة استعدادا لفترة حكم جديدة.
وصارت هذه المعطيات بمثابة محفز إضافي لكي يطالب العراقيون بالتغيير عن طريق الاحتجاج المباشر من خلال النزول إلى الشوارع.
وقال مراقب سياسي عراقي “إذا ما كانت تلك التظاهرات قد بدأت عفوية فإنها هذه المرة لن تتعرض للامتصاص من قبل التيار الصدري كما حدث للتظاهرات السابقة. وذلك لأن غرضها هذه المرة موجه ضد الانتخابات باعتبارها لا تشكل حلا لأزمات المجتمع العراقي”.
وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب”، “لأن التيار الصدري قد تحالف مع تيارات مدنية في وقت سابق من أجل خوض الانتخابات فإن تظاهرات احتجاجية من هذا النوع لن تروق له. تشاركه في ذلك الموقف الأطراف المدنية التي تحالفت معه. وهو ما يعني إمكانية أن توجه إلى المتظاهرين التهمة التقليدية الساذجة بكونهم بعثيين أو من أيتام النظام السابق. وهي تهمة لن يكون لها أي أثر يُذكر على المتظاهرين، ذلك لأن معظمهم شباب لا يحملون شيئا من الذكريات عن عراق ما قبل الاحتلال”.
ونظم المئات من أهالي منطقة المعامل في العاصمة العراقية الأحد، اعتصاما مفتوحا، وأغلقوا الطريق الرابط مع محافظة ديالى، احتجاجا على تردي واقع الخدمات في المناطق الشرقية للعاصمة.
وتظاهر العشرات من أهالي مدينة كربلاء أمام مبنى القنصلية الإيرانية، للمطالبة بإطلاق سراح نجل المرجع الديني صادق الشيرازي الذي تعتقله السلطات الإيرانية.
وفي محافظة كركوك شمالي البلاد، اعتصم العشرات من موظفي دائرة كهرباء كركوك أمام مبنى الدائرة وسط المحافظة للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة لثلاثة أشهر.
وتظاهر المئات من أهالي بغداد في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية، في الذكرى السنوية الثانية لـ”الاعتصام الوطني” الذي دعا له زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مطالبا الحكومة بمحاسبة الفاسدين.
ونصب المئات من أهالي حي المعامل (ذي غالبية شيعية) خيام الاعتصام على الطريق الرابط بين بغداد وديالى، مما تسبب في توقف حركة المرور، ورفعوا لافتات تطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل لتحسين واقع الخدمات في المنطقة.
وقال عبدالجبار خلف أحد وجهاء حي المعامل إنه “بات مؤكدا لدينا أن الحقوق لابد من وسيلة مختلفة للحصول عليها، وهذا ماعملناه اليوم، بتنظيم اعتصام مفتوح لإجبار الحكومة على القيام بواجباتها تجاه المواطنين”.
وأضاف خلف أن “منطقة المعامل التي يقطنها مئات الآلاف من الفقراء تعاني من انعدام شبه تام للخدمات، ورغم المناشدات التي أطلقناها طيلة الأشهر الماضية، إلا أن الحكومة ومؤسساتها الخدمية لم تقم بواجباتها”.
وأكد أن “على رئيس الوزراء التدخل لتحسين الخدمات، أو سنلجأ إلى خطوات أخرى، فلن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء الإهمال”.
ويعاني العراق من أزمة مالية حادة سببها انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية والفساد الذي ينخر المؤسسات الحكومية والأمنية وارتفاع معدل الإنفاق الحكومي في المجال العسكري بسبب تواصل المعارك مع مسلحي تنظيم “داعش” منذ منتصف 2014 وحتى الآن.