بعدما أقفلت في وجهه كل أبواب العلاج في بلغاريا، قرر ابن بلدة القنطرة الجنوبية العودة الى لبنان ضارباً عصفورين بحجر، أولهما تمضية ما تبقى له من ايام في هذه الحياة وسط أهله وأحبابه، والثاني البحث عن باب جديد للعلاج من مرض السرطان الذي أصابه في رأسه. استقل الطائرة من بلاد الاغتراب وكله أمل ان يصل الى وطنه، لكن بخل عليه الزمن، لم يمنحه مزيداً من الوقت كي يحقق آخر امنياته، خطفه الموت على متن الطائرة قبل نحو 20 دقيقة من الوصول الى مطار الرئيس رفيق الحريري.
"محاولة يائسة"
منذ نحو 12 سنة، حمل علي (35 سنة) حقيبته، استقل الطائرة المتوجهة الى بلغاريا، أسس حياة جديدة هناك، عمل في تجارة قطع السيارات، تزوج من بلغارية ورزق بولدين، زار لبنان خلال تلك السنوات عدة مرات، حتى دهمه المرض قبل نحو سنتين، وبحسب ما شرحه ابن عمه المختار محمد عباس لـ "النهار" فقد "قصد علي لبنان في الصيف الماضي، كان المرض قد أضناه، عاد بعدها الى بلغاريا الى حين سدت كل سبل العلاج أمامه، عندها قرر البحث عن باب جديد هذه المرة في لبنان، على الرغم من انه كان يعلم انها محاولة يائسة وأن شفاءه من المرض مستحيل، ومع هذا فضل الموت وسط اهله".
رحلة الموت
كلف شقيق علي أحد اصدقائه بمرافقته في الرحلة من بلغاريا الى لبنان، لكون كما قال المختار: "تأزم وضعه الصحي في الايام الاخيرة، حيث بات عاجزاً عن السير، نتيجة تلف بعض خلاياه الدماغية"، مضيفاً: "وصل الى تركيا، قبل التوجه الى لبنان، انطلقت الرحلة الى الوطن لكن قبل وصوله فارق الحياة، كان ذلك عند نحو الساعة الثانية من فجر أمس الجمعة". وختم: "كنا نتمنى استقباله في المطار، ان نمضي بعض الوقت معه، فقد كان انسانا خفيف الظل، شاباً عصامياً ومحبوباً من كل من عرفه، لكن شاء القدر ان يغادرنا بهذه السرعة، وان نستقبله جسداً بلا روح".