قد تكون دائرة الجنوب الثانية (صور- الزهراني) "جزيرة الكنز" لقوى المعارضة اليساريّة والمدنيّة والمستقلّين، الذين قد يتمكنون من الحصول على "الكنز الضائع" المتمثّل بالوصول إلى عتبة الحاصل الانتخابي الذي يُعتبر الأعلى في لبنان. فهذه الدائرة قد تشهد وضع حدّ لحصريّة التمثيل التي يحتكرها الثنائي الشيعي منذ العام 1992، لاسيّما أنّ قوى المعارضة باتت قاب قوسين وأدنى من وضع لائحة موحّدة.
صحيح أنّ الحاصل الانتخابي، الذي على اللائحة تحقيقه للحصول على مقعد، مرتفع (قد يتجاوز 23 ألف صوت)، لكن على مستوى "نسبة الحاصل" من عدد المقترعين لن يكون مرتفعاً قياساً بدائرة مثل صيدا- جزين. فعلى مستوى "نسبة الحاصل" تعتبر دائرة صيدا- جزين الأعلى في لبنان بنحو 20%، بينما الجنوب الثانية بنحو 14%. ومرد ذلك تفاوت الدوائر الانتخابية لناحية عدد المقاعد المخصصة لها، لا عدد الناخبين والمقترعين فيها. وهذه النسبة، قياساً بدائرة كبيرة مثل الزهراني- صور، تحتضن نحو 300 ألف ناخب، قد تستطيع القوى المعارضة للثنائي الشيعي الحصول عليها أو حتى تجاوزها حتى لو كانت ليست سهلة المنال.
كانت هذه الدائرة مقسّمة إلى دائرتين، صور والزهراني، في انتخابات العام 2009، ولم تشهد أي منهما معركة انتخابية حقيقية، لاسيّما أن قوى المعارضة كانت مشتتة بين من قاطع الانتخابات ومن قرّر خوضها بشكل خجول بهدف تسجيل موقف لا أكثر. عنينا الشخصيات المعارضة التي خاضت تلك الانتخابات مثل رياض الأسعد في الزهراني، وبعض المرشحين الشيعة مثل جمال صفي الدين الذي حلّ أوّل الخاسرين في صور.
وصلت نسبة الاقتراع في الزهراني إلى 54%. على المستوى الطائفي وصلت نسبة التصويت إلى 60% عند الشيعة و39% لدى الكاثوليك، و49% عند السنّة و34% بين الموارنة. نالت لائحة الرئيس نبيه بري 90% من الاصوات، موزّعة على نحو 95% من أصوات الشيعة، و77% من أصوات السنة، و62% من الموارنة، و58% من الكاثوليك. بينما حصل الأسعد على 7% من الأصوات مع تسجيل نسبة منخفضة جداً بين الناخبين الشيعة بنحو 3.4%. أما في صور فقد وصلت نسبة الاقتراع إلى 48% موزعة بحسب الطوائف على 53% عند الشيعة، و39% لدى السنة، و12% بين المسيحيين. وبينما حصل الثنائي الشيعي على 93% من الأصوات، موزعة على 93% الشيعة و59% للسنة، و58% من المسيحيين، لم تتخطّ نسبة أصوات صفي الدين الـ3% من المقترعين، موزّعة على 3% شيعة، و7% سنة، و11% مسيحيين.
لكن جديد هذه الدائرة ليس ارتفاع عدد الناخبين بنحو 55 ألف ناخب عن العام 2009 فحسب، أي دخول كتلة شبابيّة ستقترع للمرة الأولى، بل أيضاً مساعي قوى المعارضة لخوض معركة انتخابية حقيقية، مدفوعة بنظام النسبية الذي سيعتمد للمرة الأولى في لبنان. فهذه الأخيرة من شأنها رفع نسبة الاقتراع في الدائرة التي ستكون حكماً لمصلحتها في الدرجة الأولى. ومرد ذلك أن المقاطعة التي رفعت في السابق نسبة التصويت الشيعي بشكل أساسي لمصلحة الثنائي الشيعي. لكن، مع توحد المعارضة تعتبر نسبة 4% اضافية من الصوت الشيعي على نسب العام 2009 بمثابة "نقطة المياه التي يفيض بها الكأس". فحصول المعارضة على 7 أو 8% من الصوت الشيعي ونحو 60% من الصوت السني (بالتحديد في صور عدد الناخبين 16 ألف و200 ناخب) ونحو 70% من الصوت المسيحي (بالتحديد في الزهراني حيث عدد الناخبين نحو 25 ألف صوت)، سيعني ليس الخرق بمقعد فحسب، بل الحصول على حاصل انتخابي مع فائض طفيف يدعّم الفوز.
ومن المتوقع أن يكون الحاصل الانتخابي بحدود الـ24 ألف صوت في حال ارتفعت نسبة الاقتراع بنحو 6 نقاط لدى جميع الطوائف. وفي حال حقّقت المعارضة النسب السابقة الذكر سيتجاوز عدد أصواتها الحاصل الانتخابي بنحو 500 صوت. لكن المسألة تتوقّف على امكانية رفع نسب التصويت للتخفيف من حدّة المقاطعة التي كانت في انتخابات العام 2009، لاسيما لدى الناخب الشيعي المعارض، واختيار مرشّح عن المقعد الكاثوليكي في الزهراني قادر على استقطاب مسيحيي المنطقة. بالتالي، يجب عدم الاستخفاف بتشتت صوت الناخب المسيحي.