أيّها الجيل المقبل،
أنا آسفة...
إنّني أعتذر نيابةً عن مجتمعي وعن جيلي لأنّنا خذلناكم. تركنا غرورنا وطبائعنا الإنسانيّة تتغلّب علينا. ندمّر طبيعتنا الأمّ لنخلق غابات الإسمنت. نتكلّم على الإنسانيّة والقيم في المؤتمرات لكنّ الشريف، في نظرنا، هو أكبر ظالم ومحتال...
ندّعي أنّ كلّ إنسان ذو حقوق وكرامة، وما زلنا في القرن السادس عشر، في عالم مليء بالفقر والعبوديّة. افتخرنا سابقاً بالأدب والحقّ؛ والآن نفتخر بأكبر صاروخ أو أقوى جيش أو أعلى برج.
يتكلّمون على الدبلوماسيّة: لكن أين هي الدبلوماسيّة في مجتمع، كلّما قرأنا فيه الأخبار، وجدنا حروبًا وخلافاتٍ بين البلدان؟ والحرب لا تقتضي فقط السلاح، فعدم وجود الدمّ على الأرصفة وفي الشّوارع لا يعني أنّ ثمّة سلامًا. نحاول الحفاظ على حياتنا؛ لكن في الحقيقة نحن نقتل أنفسنا كلّ يوم. اختراعاتنا التي من المفترض بها تسهيل حياتنا باتت أدوات تدمير إنسانيّتنا. فقدنا القدرة على التواصل مع الآخر القريب، لأنّنا مشغولون في مواقع التواصل الاجتماعي مع البعيد... نسينا القلم لأنّنا وجدنا السيف ألمع منه. أهملنا الجمال كي نفسح للتطوّر مجالًا: أيّ جمال هذا؟ إذاً، أتأسّف من القول إنّ مجدنا توفّي مع أجدادنا، ربّما قبلهم بقليل...
انا آسفة؛ لذلك أنا أرفض. إنّني أرفض أن أتقبّل هذا الواقع. لن أقبل بهذا العالم؛ وأنتم أيضاً يجب ألّا تقبلوه. يجب ألّا نقبل بعالم حيث يجب على الفتيات الصغار الانتظار ليأتي فارس أحلامهنّ على حصان أبيض؛ يجب أن يربين على أنّهن لسن بحاجة إلى أيّ إنسان لأنّهنّ يملكن أنفسهن. على الشباب أن يدركوا أنّ القوّة لن تجعلهم أنضج؛ لكنّ الأخلاق هي التي تصنع رجالاً. أيّتها المدارس، بدلاً من تعليمنا حروب الماضي علّمونا كيف ننقذ أنفسنا إن وضعنا في هذه الحالة... لئلّا تتعلّم أجيال المستقبل حروبنا الرّاهنة...
أيّها السياسيّون، لو استثمرتم نصف ما سلبتموه من الشعب في البلد لَكان لبنان في افضل حال. حتّى لو أخذتم منّا جميع أموالنا، لن نستسلم. وإن وقعنا، فسنقف على أرجلنا حتّى آخر نفس. ما زال لديّ أمل في لبنان: لماذا؟ لأنّني أؤمن بأنّ هناك أناسًا يرفضون هذا الوضع ولن يسكتوا عليه؛ ولبنان المجد سينهض مجدّدًا.
في الحياة لدينا خياران: بإمكاننا الجلوس منتظرين الأفضل أو بإمكاننا كسر هذا السكوت. لقد انتظرتُ كافّةً... وحان وقت التصدّي والتّحدّي...
وأنت، ما هو خيارك؟؟
يارا أبو عتمة - شانفيل