اقرت الحكومة اللبنانية موازنة عام 2018 بعجز بلغ 7آلاف مليار ليرة، لتبدأ رحلة الاقرار في مجلس النواب، بعد ان وقع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم الاحالة مساء امس، ومن المقرر ان تبدأ لجنة المال والموازنة بدراستها قبل احالتها الى جلسة عامة، ووعد الرئيس نبيه بري  بعقدها قبل 6 نيسان المقبل موعد مؤتمر سيدر في باريس. في هذا الوقت انطلقت جلسات الاستجواب في قضية الحاج - عيتاني في المحكمة العسكرية بجلسات مطولة مع المقرصن ايلي غبش الذي اكد اتهاماته للمقدم سوزان الحاج التي سيتم استجوابها اليوم، حيث من المقرر ايضا ان تبت مسألة اطلاق الممثل زياد عيتاني..
واذا كان «التأزم» بعد «العسر» هو عنوان العلاقة الانتخابية بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية بعد فشل الامينة العامة  لحزب «القوات» شانتال سركيس، ومسؤول الملف الانتخابي في المستقبل، خالد شهاب، في اجتماع عقد امس، بتفكيك «العقد» التي تحول دون بناء تحالف واسع بين الطرفين، جاءت زيارة الوزير السعودي المفوض وليد البخاري الى وزارة الخارجية بالامس لتلقي الضوء على المزيد من تفاصيل مهمة الدبلوماسيين السعوديين في بيروت بعد «الاستدارة» الاخيرة للمملكة تجاه الساحة اللبنانية. 
وفي هذا الاطار، تؤكد اوساط وزارية بارزة، بان زيارة البخاري تتجاوز البعد الدبلوماسي البروتوكولي، فاضافة الى المهمة الاصلية التي جاءت في سياق شرح اسباب التبديل الدبلوماسي «المفاجىء» الذي اجرته المملكة، وذلك في اطار تصفية «تركة» تامر السبهان، حرص الموفد السعودي على تأكيد رغبة المملكة في فتح صفحة جديدة مع التيار الوطني الحر، وذلك في سياق «طي» ملف «سوء الفهم» الذي حصل خلال مرحلة ما قبل انتخاب الرئيس عون وما بعدها، وكان البخاري مفرطا في اظهار الود الى وزير الخارجية الذي اكد حرصه على العلاقة التاريخية مع المملكة العربية السعودية.
بدوره اكد البخاري لباسيل أن «هذا التدبير المؤقت لن يؤثر على المسار الإيجابي التصاعدي في العلاقات بين البلدين»، مشدداً على «حرص الرياض الدائم على استقرار لبنان، وعملها الدؤوب من أجل مساعدته في النهوض بمؤسساته ودعمها إياه في المحافل العربية والدولية». وأكد البخاري أن «سفيراً جديداً سوف يتم تعيينه في لبنان ويمارس مهامه، بعد المرور بالإجراءات الدبلوماسية المعتادة».
 

 

 

 «اعجاب مستجد»


ووفقا لتلك الاوساط، ثمة «اعجاب مستجد» من قبل السعوديين برئيس التيار الوطني الحر، بعد ان عادت السياسة السعودية الى «المربع» الاول وتبنت استراتيجية الرئيس الحريري، ما قبل «الاختطاف»، والقائمة على الاستثمار «الهادىء» في نسج تعاون مع التيارين المسيحيين الاقوى ،لمحاولة ضمهما الى خط «بناء» الدولة، ومحاصرة حزب الله على المديين المتوسط، والطويل.. وبحسب تلك المصادر فان  المناكفة المستمرة بين باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري عززت «اسهم» باسيل في الرياض وهي ترى ان السجال مفيد للغاية كونه يترك ندوبا في «العلاقة» مع حزب الله غير القادر على التخلي عن حليفه الشيعي، وقد اظهر باسيل في الفترة الماضية نزعة قوية للتمايز عن حزب الله، ويعتقد السعوديون انه يشعر «بفائض قوة» داخلي وهو يحتاج لاستدراج عروض خارجية لتقوية موقفه وعدم البقاء اسيرا في دوامة الحاجة الى الحماية الاقليمية التي تفرضها «سطوة» حزب الله على الداخل اللبناني. وهذا ما يعتقده ايضا الرئيس الحريري الذي شجع السعوديين على المضي قدما بالتقارب مع التيار الوطني الحر.
في المقابل، ترفض اوساط في «التيار» هذه الاستنتاجات وترى فيها مبالغة في فهم مواقف باسيل المتمسك بالعلاقة مع حزب الله، دون ان يعني ذلك الانغلاق على الاخرين، واذا ارادت المملكة ان تعيد حساباتها الداخلية على الساحة اللبنانية والانفتاح على الجميع فهو امر جيد، ولكن هذا لا يعني ان الامر مشروط بالدخول بمواجهة مع حزب الله، فحتى الرئيس الحريري يدرك انه غير قادر على وقف التعاون مع الحزب، فكيف يمكن ان تطلب السعودية من «التيار» ما لم تطلبه من تيار المستقبل؟
 

 تعثر التفاهم بين «القوات» و«المستقبل»


في هذا الوقت خرج الرئيس الحريري عن صمته وفي دردشة مع الصحافيين بعد جلسة الحكومة قال ان «القوات» «بدن منجم مغربي»، على الرغم من تأكيده ان لا شيء يحول دون لقائه برئيس «القوات» سمير جعجع قبل الانتخابات «نحن متفقون على الاهداف الاستراتيجية، مؤكدا انه لم يتحدث عن اي عرض انتخابي ولا سيما في زحلة.
وبحسب اوساط «المستقبل»، عبّر الحريري بكل وضوح عن كيفية ادارة «القوات» للتفاوض الانتخابي، وقال «معراب» تريد فرض امر واقع علينا ثم تأتي لتناقشنا بما هو لنا وليس لهم، وبدل استعراض التحالفات الممكنة في كل الدوائر، يأتي العرض القواتي ناقصاً، ومثال على ذلك حسمت شانتال سركيس امام خالد شهاب بالامس بان القوات ستتحالف في دائرة بيروت الاولى مع الكتائب دون الاخذ بعين الاعتبار حلفاء تيار المستقبل، اما المشكلة الرئيسية فتبقى في دائرة زحلة وبعد ان قدم الحريري كل الاحتمالات «التحالفية» للقوات جاء الجواب بالرفض، فلا هم قبلوا التحالف مع ميريام سكاف، ولا بتدخل رئيس الحكومة مع التيار الوطني الحر لاقناعه تشكيل تحالف ثلاثي، «وباتت لدينا شكوك بان «القوات» تريد حقيقة التحالف.. في المقابل تتحدث اوساط «القوات» عن احراج متعمد لاخراجها من التحالف، لانه بحسابات بسيطة يدرك تيار المستقبل ان القبول بالعرض الاول يعني سقوطا حتميا لمرشح القوات، بينما لا يمكن القبول بشروط التيار الوطني الحر في زحلة، وهذا يعني بوضوح عدم وجود رغبة لدى تيار المستقبل الا بالتحالف معنا في دائرة بعلبك -الهرمل لمواجهة حزب الله، وهو العامل المشترك الوحيد الذي قد يجمعنا.
 

 الحريري ملزم بعدم «عزل» «القوات»


وفي هذا السياق، تؤكد اوساط مطلعة على مسار العلاقة بين الجانبين بان التزام الحريري مع السعوديين في ملف «القوات» لم يشمل الانتخابات النيابية، لارتباطه بتحالف مع رئيس الجمهورية يشكل اولوية بالنسبة له، لكن ثمة التزاماً واضحاً ازاء مرحلة ما بعد الانتخابات على المستوى السياسي، حيث تم التفاهم على وضع مسألة «عزل» القوات اللبنانية جانبا واستمرار التعاون معها في الحكومة المقبلة، وقد طلب السعوديون من الحريري تمثيلا وازنا «للقوات» في الحكومة المقبلة، ووعد هو بالعمل على تخفيف الاحتقان المتصاعد بين «بعبدا» و«معراب» بما يسمح بعودة «سلسة» للقوات الى الحكومة، وتجاوز ازمة احتجازه ودور الدكتور سمير جعجع السلبي تجاهه، ولذلك يجد الحريري نفسه غير مقيد في نسج تحالفه الانتخابي مع «القوات»... لكن الامر اللافت بحسب تلك الاوساط، استفسارالسعوديين حول الكلام الواثق الذي اطلقه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بفصله النيابية عن الوزارة وحجز مقعد من الان للوزير محمد فنيش في الحكومة المقبلة، فكان رد الحريري واضحا وصريحا، هل تظنون انه يمكن تأليف حكومة في لبنان دون حزب الله؟
 

 عيتاني- الحاج


في هذا الوقت استمع قاضي التحقيق العسكري رياض ابو غيدا في جلستي استماع للمقرصن ايلي غبش ما حال دون الاستماع الى المقدم سوزان الحاج في قضية فبركة ادلة لاتهام الممثل زياد عيتاني الذي اعلن وكيله المحامي صليبا الحاج أن طلب إخلاء سبيل موكله الذي تقدم به الأسبوع الماضي سيبت به اليوم او غدا بعد انتهاء استجواب المقرصن ايلي.غ. ومن المقرر ان يستمع ابو غيدا اليوم الى المقدم الحاج بعد ان حصل من فرع المعلومات على كامل التسجيلات التي تم استخراجها من هاتف غبش.
ووفقا لمصادر التحقيقات، فان المقرصن غبش عاد واكد امام ابوغيدا على المعلومات التي سبق وادلى بها امام فرع المعلومات، واشار الى انه لم يكن يعرف من هو الممثل زياد عيتاني الا بعد ان طلبت منه المقدم الحاج فبركة الملف. اما بالنسبة للتسجيلات الصوتية التي تم اخذها من هاتفه فشدد على انها ليست مفبركة وهي مفصلة وتكشف حقيقة كل ما حصل بينه وبين المقدم الحاج.
وتجدر الاشارة الى ان جلسة الاستجواب عقدت دون وجود محامي غبش الذي تخلف عن الحضور بسبب عدم ابلاغه ضمن المهل القانونية، وهو ما اعتبره محامي المقدم سوزان الحاج الوزير السابق درباس دليلا على ان «المقرصن» جاء للادلاء بما هو مطلوب منه، وهو في هذا الاطار سيعمل على فتح الملف بكامل تفاصيله وسيطلب مواجهة المحققين في جهاز امن الدولة والاستماع الى كيفية توصلهم الى اتهام عيتاني، كما سيطلب الاستماع الى المحققين في فرع المعلومات لتبيان كيفية توصلهم الى نتائج معاكسة في هذا الملف.
 

 اقرار الموازنة


أقر مجلس الوزراء، موازنة العام 2018، وأحالها إلى مجلس النواب. وقد وقع رئيس الجمهورية احالة مرسوم الموازنة العامة والموازنات الملحقة وحمل المرسوم الرقم 2508 وقال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد الجلسة: «عملنا طويلاً من خلال اللجنة الوزارية من أجل إقرار موازنة 2018 وأقريناها». وأضاف: «كل الوزارات التزمت بتخفيض الموازنة 20 %، وأشكر وزير المال على إنجاز الموازنة وما حصل يمثل إنجازاً».
بدوره، أكد وزير المالية علي حسن خليل في مؤتمر صحافي مشترك مع الحريري أن «العمل بموضوع قطع الحساب يسير بشكل جدي»، مشدداً على «الالتزام بالمهلة التي حددت في موازنة الـ 2017. وقال: «تمت إضافة كل البنود الإصلاحية التي أوصى بها مجلس النواب وناقشناها وأقررنا معظمها وسيظهر ذلك». وأكد أنه «لم تقر أي ضريبة جديدة في الموازنة وليس هناك أي رسم جديد على أي من الطبقات». وأوضح أن «الحكومة ألزمت نفسها في مادة من مشروع الموازنة، بالعمل على ترشيق القطاع العام وتسوية أوضاع المؤسسات العامة التي لم يعد لديها دور». وتابع قائلاً: «أقررنا مادة في الموازنة وهي كلفة الايجارات التي تدفعها الدولة، وتبين أن في استطاعتنا بقيمة إيجار، أن نشيد خلال 5 سنوات، أبنية تستوعب كل وزارات الدولة وإداراتها». مشيراً إلى أن «مجموع الموازنة العام بلغ 23 ألفاً و 854 ملياراً و 271 مليوناً و 623 ألف ليرة، بالإضافة الى السلفة التي تعطى لمؤسسة كهرباء لبنان». وفي سياق متصل، اكد الرئيس الحريري انه يجب وضع السياسة جانباً بموضوع الكهرباء وهذا الموضوع قيد الدرس ونأمل أن نصل الى حل ونتمنى وقف التراشق السياسي بهذا المجال، لان اصحاب المولدات وحدهم المستفيدون من هذا الملف وهم يكسبون حوالى الملياري دولار سنويا دون دفع اي ضريبة.