فالتحالفات القائمة على القطعة بحسب طبيعة كل منطقة تخرج هذه المرّة عن مبدأ التحالف السياسي وعن تموضع كل فريق في خانة الخيارات السياسية، التي كانت في إنتخابات العام 2009 مفرزة على أساس الإنتماء إلى ما كان يُعرف بـ 8 و14 آذار، والتي فرطت صيغتها بمجرّد إقدام الرئيس سعد الحريري على ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية أولًا، ومن ثم ترشيح العماد ميشال عون، وتبنّي رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع هذا الترشيح، وما تبع ذلك من تشنج في العلاقات بين الحريري وجعجع على اثر أزمة الإستقالة من الرياض.
فهذه التحالفات التي كانت حتى الأمس القريب قائمة على خيارات سياسية معينة فقدت صلاحيتها ولم تعد مجدية في إنتخابات السادس من ايار، وإن بدا أن المملكة العربية السعودية جاهدة لترميم قواعد الرابع عشر من آذار كمشروع سياسي مناهض لمشروع "حزب الله" في لبنان والمنطقة. وباتت أوجه التعاون الإنتخابي قائمة على أساس المصلحة الظرفية، بمعنى أن أي تحالف لا يؤمن لأي من الأفرقاء السياسيين الحاصل المطلوب في أي دائرة من الدوائر الإنتخابية يسقط، من دون الأخذ في الإعتبار العوامل الأخرى، التي تنتفي معها ما تفرضه التحالفات الطبيعية القائمة على مبدأ "نبقى معًا على الحلوة والمرّة"، إذ يصبح أي تحالف مصلحي جائزًا وممكنًا بمقدار ما يؤمن لطرفي أي تحالف المصلحة الإنتخابية، من دون التغافل عمّا رُسم من خطوط حمر بالنسبة إلى الثلاثي غير القابل للتحالف، أي "حزب الله" وتيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية"، وبالطبع وبمعنى "تحصيل الحاصل" بين حركة "امل" و"التيار الوطني الحر"، وبالأخص بعدما أحتدم الجدل السياسي بينهما، وكان آخرها بالأمس في تغريدة من العيار الثقيل لوزير المال علي حسن خليل، الذي وصف الوزير باسيل بـ"اعجوبة البلد".
وما لن تفعله التحالفات الظرفية سيتكّفل الصوت التفضيلي بالقيام به لجهة "حرب داعس والغبراء" بين حلفاء الصف الواحد، بحيث يسعى كل مرشح لإستمالة الناخبين، كل على طريقته، لضمان حصوله على أعلى نسبة تفضيلية، مما يفسح في المجال أمام خصوصات "الأخوة – الأعداء" داخل البيت الواحد، وعلى طريقة "يا رب نفسي"، أو "من بعد حصاني ما ينبت حشيش".
هذا ما سيفعله القانون الذي وضع على عجل ولغايات لم تعد خافية على أحد، وذلك لئلا يقال أن من يريد إنجاح مسيرة العهد فشل في التوصل إلى قانون عصري.
اندريه قصاص