تجري هذه الانتخابات في دائرة كسروان ـ جبيل، حسب قطب كسرواني، في ظل قانون إنتخابي مُربِك حتى الآن، فلا الشعب يفهمه، ولا المرشحون، ولا حتى الخبراء فيه. بمعنى انّ هذا القانون الهجين لم يعرف إسم أبيه أو أمّه، فهو يخلط بين النظامين الانتخابيين النسبي والاكثري، بحيث انه يأخذ المرشح الى المعركة حول «الصوت التفضيلي» قبل ان يكون هذا المرشح قد ضَمِن ما يسمّيه القانون «الحاصل الانتخابي»، بمعنى انّ معظم المرشحين بدأوا المعارك داخل اللائحة الانتخابية بسلاح «الصوت التفضيلي» فيما لم يضمنوا بعد «الحاصل الانتخابي».
وهذا الامر هو ما يحصل الآن وفي شكل اساسي ولافت داخل لائحة «التيار الوطني الحر» في كسروان ـ جبيل التي تضمّ حتى الآن المرشحين: العميد المتقاعد شامل روكز، منصور البون، نعمة افرام، روجيه عازار. وهناك مشاورات ومفاوضات للاختيار بين الوزير السابق زياد بارود والدكتور شرف لويس ابو شرف. إضافة الى النائبين الحاليين عن جبيل سيمون ابي رميا ووليد الخوري، الى جانب مرشح شيعي لم يتمّ اختياره بعد من المرشحين الشيعة المعلنين.
وتسود مخاوف على وضع المرشّح شامل روكز من حيث ترتيبه في «الصوت التفضيلي»، اذ انّ المرشح نعمت افرام ينافسه على هذا الصوت ليحتّل المرتبة الأولى، ما قد يجعله، (أي روكز) يتراجع عن هذه المرتبة التي يُفترض أن تكون له، وهذا ما يُقلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومناصري «التيار الوطني الحر» كون روكز يترشح عن المقعد الذي كان يشغله عون قبل انتخابه رئيساً الجمهورية خريف 2016.
ويأتي في الدرجة الثالثة المرشح منصور البون الذي كان يطرح نفسه مرشحاً شعبياً بامتياز، حيث يبدو انه يخشى، بل يعاني اولاً من عدم اكتساب «الصوت التفضيلي» من ناخبي «التيار الوطني الحر» محازبين ومؤيّدين الذين سستذهب اصواتهم التفضيلية كاملة لتحصين وضع روكز. كذلك يعاني البون ثانياً من تدخلات افرام المالية الذي يدفعه الى المرتبة الثانية. وفيما يبدو انّ هذه اللائحة ليست ضامنة حتى الآن اكثر من الفوز بمقعدين، ما يشكّل خطراً على البون الذي يصبح في قلب المعركة الانتخابية.
ويضاف الى ذلك التنافس الدائر بين «تيارين» داخل «التيار الوطني الحر»، اي بين الموالين لرئيسه الوزير جبران باسيل الذين قد لا يعطون «الصوت التفضيلي» لروكز، وبين الاصوليين الذين يلتزمون دعم روكز، وهذا التنافس دفع رئيس الجمهورية الى استدعاء «التيارين»، وقال لهما: «شامل أنا... وأنا شامل».
وتعاني هذه اللائحة مشكلة إضافية تتمثّل في غضب «التياريين» الذين يسمعون بدفع بعض المرشحين مبالغ هائلة لدخول اللائحة الانتخابية، فيما إذا أرادوا إقامة أي احتفال لـ»التيار» يطلب منهم المساهمة الشخصية المباشرة لتأمين تكاليف هذا الاحتفال. كما أن دخول رجل الأعمال روجيه عازار الى اللائحة لم يُرضِ هؤلاء «التياريين»، لأنّ تبنّي مثل هؤلاء المرشحين يخالف نتائج الانتخابات الداخلية التي كان «التيار الوطني الحر» أجراها لإختيار مرشحيه للإنتخابات النيابية والتي كان أنطوان عطالله من الفائزين فيها، ويعتبر التياريون ان لعطالله أحقية في الترشيح قبل عازار، وهذا الامر يهدّد بحصول «انتفاضة» داخل التيار، خصوصاً في منطقة فتوح كسروان، حيث قيل انّ كثيرين من «التياريين» سَلّموا بطاقاتهم فيما تحفّظ كثيرون آخرون عن الالتزام.
وفي الموازاة تَنصبّ جهود من اجل تركيب «لائحة مستقلين» ستنافس لائحة التيار، وربما لوائح أُخرى، وهي تضمّ سياسيين مستقلين منهم الوزير والنائب السابق فارس بويز والنائب السابق فريد هيكل الخازن وحزب «الكتائب اللبنانية» ممثلاً بشاكر سلامة، بالاضافة الى النائب السابق فارس سعيد من أعالي منطقة جبيل وجان حواط من ساحلها. ويراهن أصحاب هذه اللائحة على الفوز بمقعدين نيابيين في كسروان، وثالث في جبيل. وسيخوضون معركة على مقعد ماروني ثالث في كسروان.
إلى ذلك تبقى «العقدة الشيعية» في جبيل، ويقول قطب كسرواني في هذا المجال: «طالما انّ الموقف بين «حزب الله» وحركة «أمل» قد تَوحّد، يبدو انّ «الحركة» ترفض تأييد أيّ مرشح شيعي على لائحة «التيار الوطني الحر»، وكذلك فإنّ «حزب الله» الذي سمّى المرشح حسين زعيتر للمقعد الشيعي الوحيد في جبيل، لا يمكنه طرح مرشح على لائحة من بين المشاركين فيها حزب «الكتائب» وفارس سعيد.
ولذا، تدل المؤشرات الى احتمال تأليف لائحة مستقلة ذات طابع شيعي، بحيث انها تضمّ عدداً من المرشحين الموارنة الى جانب المرشح الشيعي، فتبدأ معركتها بـ11000 صوت فتنال الحاصل الانتخابي بما يضمن فوز المرشح الشيعي، وربما يفوز معه مرشح آخر.