نظّم منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 18 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 6 مارس 2018م ندوة حوارية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة شاركت فيها الكاتبة والأديبة الدكتورة زينب ابراهيم الخضيري بمحاضرة تحت عنوان "المرأة السعودية: تطلعات وتحديات"، وتم تكريم ست شخصيات نسائية في هذه الأمسية التي غصت بالحضور من الجنسين وطرحت فيها العديد من القضايا والمواضيع ذات لالعلاقة بالمرأة.
وقبيل بدء الندوة، تم عرض فلم قصير حول تاريخ اليوم العالمي للمرأة وجهودها ونضالها على مستوى العالم للحصول على حقوقها في مختلف المجالات كالأمومة والعمل والمشاركة العامة وغيرها. كما تحدث الفوتوغرافي الأستاذ محد الشبيب عن تجربته الفنية الثرية في التصوير الضوئي والمجالات التي خاضها، حيث أنه حصل على العديد من الجوائز الدولية وشارك في معارض فنية متعددة، مستعرضا مختلف المهارات التي قدمها من خلال البرامج التدريبية، وشارحا حول المعرض الفني الذي أقامه بالمنتدى واحتوى على 22 صورة تعكس دور المرأة في العالم ومجالات مساهماتها.
بدأت الندوة بكلمة المنتدى التي ألقاها راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب وتحدث فيها عن دور المنتدى في الإحتفاء بالمناسبات الحقوقية الدولية ومنها اليوم العالمي للمرأة في كل عام، مشيرا إلى التطور الملحوظ في التشريعات المتلاحقة التي أقرتها الدولة للمساهمة في إفساح المجال بصورة أوسع لمساهمة المرأة، ومؤكدا على ضرورة العمل على تشخيص التحديات والمعوقات التي تواجه المرأة بصورة دقيقة. وعرّفت مديرة الندوة الإعلامية عرفات الماجد بالضيفة الدكتورة زينب الخضيري التي تعمل كعضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود بالرياض ولها مساهمات أدبية وإعلامية عديدة في مجال قضايا المرأة، وصدر لها العديد من الأبحاث والدراسات حول صحة المجتمع وكذلك مجموعة من الإصدارات والكتب الأدبية ومجموعات قصصية، كما أنها كاتبة بصحيفة الرياض.
رصدت الدكتورة زينب الخضيري مجموعة من التحولات في واقع المرأة السعودية تبعا للتغيرات الإجتماعية والقانونية ومن خلال برنامج "التحول الوطني 2020" الذي أقر في المملكة، الذي أكّد على ضرورة تكافؤ الفرص والحصول على التعليم وجعل التدريب عنصرا أساسيا لتمكين المرأة. وأوضحت أن تقدم المرأة في المجتمع مرهون بخلق مساواة حقيقية ينعكس على دورها في الواقع، وتعديل الأنظمة وتحرير المجتمع من النظرة الدونية للمرأة، ومراجعة كل خطاب عنيف ضدها، والتخلص من القيم الإجتماعية التي لا تتناسب مع وقتنا الحالي. وأشارت إلى أن تمكين المرأة يعني تأكيد حقها في الإختيار واتخاذ القرارات في حياتها، والاعتماد على نفسها، ومدى تأثيرها عل محيطها، ورفع ثقتها بنفسها، موضحة أن مفهوم التمكين قد تحول من مفهوم محوري يسعى إلى تحرير المهمشين ودعم دورهم ومشاركتهم إلى مفهوم استيعابي يسعى إلى استيعابهم في المجتمع وفي منظومة التنمية.
وتحدثت الدكتورة زينب الخضيري مفصلا عن أبرز التحديات التي تواجه المرأة السعودية في هذه المرحلة، ذاكرة على رأسها التحدي القانوني مطالبة بتحسين القوانين المتعلقة بالمرأة والتي تعيق مسيرتها في الحياة كحقوق الأمونة والحضانة والأحوال الشخصية، مؤكدة على ضرورة توعية النساء بحقوقهن القانونية حيث أن الكثير من النساء يجهلن حقوقهن المنصوص عليها في القانون. كما تحدثت أيضا عن التحدي الإقتصادي باعتبار أن دور المرأة في الإقتصاد لا يزال محدودا وضئيلا، بسبب عدم استقلالية المرأة المادية واعتمادها على الرجل وتبعيتها الإقتصادية له، وأن نسبة البطالة ترتفع كثيرا لدى النساء مقارنة بنسبتها لدى الذكور.
ومن ناحية أخرى أشارت المحاضرة إلى دور التحدي الإجتماعي كالعرف الإجتماعي السائد الذي ينظر للمرأة كإنسان قاصر غير مؤهل، وتدني مستوى الوعي بدور المرأة في المجتمع تهميش وجودها، وصعوبة التوفيق بين المتطلبات العائلية ومتطلبات العمل، وتراكم الموروث الثقافي القاسي في التعامل مع المرأة، والتعرض للمرأة في أماكن العمل أو التحرش بها والتطاول عليها. وأخيرا تناولت الدكتورة الخضيري تحديات العمل والتنظيمات الإدارية ومن بينها ضعف القدرات والمهارات الإدارية للمرأة، وعدم وجود بيئة إيجابية لاحتواء المرأة، وعدم إعطاء قضايا المرأة أولوية، وقلة الموارد البشرية والمادية المخصصة لتنفيذ برامج المرأة، وضعف التسهيلات الإدارية المقدمة للمرأة.
واستعرضت الخضيري مجموعة من التوصيات المهمة في كل مجال من المجالات التي ذكرتها بصورة مفصلة، فطالبت من الناحية القانونية بسن وتعديل قوانين تحمي المرأة وإيجاد مراجعة وإشراف تضمن تطبيقها بصورة متساوية وسليمة، ومعالجة جميع ما يتعلق بحقوقها المدنية كالسفر والعمل والتعليم والإقامة والتنقل. وفي المجال الإقتصادي أشارت إلى ضرورة إعداد برامج مدروسة ومنظمة تسعى إلى تمكين المرأة علميا ومعرفيا وثقافيا وتكنولوجيا لمواجهة المتطلبات المعاصرة كي تتوافق مع البيئة الإقتصادية الحالية، أما في المجال الإجتماعي فأكدت على ضرورة تغيير نظرة المرأة تجاه نفسها ونظرة الرجل إليها كي يتم التعامل كشراكة في البيت والعمل دون خلق صراعات مفتعلة بين الجنسين.
تحدثت الدكتورة عائشة المانع في مداخلتها حول التفريق بين الأنظمة والقوانين معتبرة أن جميع ما صدر من إجراءات جديدة حول المرأة وحقوقها هي أنظمة بحاجة إلى قوانين وتشريعات تسندها كي تبقى أكثر ثباتا واستمرارية، كما أشار الأستاذ حسن الزاير إلى تجارب المجتمعات الأخرى ومن بينها المجتمع الياباني في إعطائه أولوية كبيرة للتربية والحضانة المنزلية على حساب إشراك المرأة في العمل خارج المنزل، كما أعاد الأستاذ صالح العمير التذكير بالتنوع المجتمعي في المملكة ودور المرأة تاريخيا في المجتمع حيث كانت أكثر حضورا ومشاركة من الوقت الحالي.
بعد ذلك، جاءت فقرة تكريم نخبة من سيدات المجتمع الناشطات في مجالات إجتماعية مختلفة تقديرا لدورهن وجهودهن بمناسبة اليوم لاعالمي للمرأة. فتحدثت بداية الدكتورة أحلام عبد الكريم القطري عن تجربتها الثرية منذ بداياتها في العمل الاجتماعي التطوعي من خلال اللجنة النسائية التابعة لمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، ومشاركتها لاحقا في تأسيس جمعية العطاء النسائية التي ترأسها حاليا وعملها في طرح برنامج يختص بتنمية المجتمع المحلي من خلال تمكين المرأة. بعدها تم تكريم الدكتورة عائشة محمد المانع التي ركزت على مجالي التعليم والبناء الإقتصادي لتمكين بنات مجتمعها حيث عملت مديرة إشراف في وزارة العمل الشئون الإجتماعية، وترأست العديد من اللجان المعنية بالصحة والتعليم في الغرف التجارية وتدير معهد المانع الصحي منذ عام 2000م.
بعدهما جاء دور تكريم الأستاذة خضراء أحمد المبارك التي انتخبت كأول عضورة بالمجاس البلدي بالقطيف، ورأست لعدة سنوات مشروع "ملكة سيدة جمال الأخلاق" التي أسسته مع فريق عملها ويهدف إلى بناء قدرات الفتيات اليافعات وتشجيعهن على التنافس الإيجابي في مجال الأخلاق، كما أنها عضو مؤسس لجائزة القطيف للإنجاز، وتحدثت في كلمتها حول دور مؤسسات المجتمع المدني. وألقت الدكتورة فاطمة الشملان نيابة عن المكرمة الأستاذة شريفة إبراهيم الشملان التي تغيبت لظرف صحي، ألقت كلمة أشادت فيها بالتكريم وتحدثت عن سيرتها في خدمة المجتمع وتنقلها في عدة مناصب في وزارة الشئون الإجتماعية ثم في تأسيس مكتب نسائي في فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية، حيث صدرت لها عدة كتب ودراسات في المجال الإجتماعي إضافة لست مجموعات قصصية، وتم تكريمها من قبل عدة جهات رسمية وأهلية.
تلتها المكرمة الناشطة الإجتماعية منى عبد الله الشافعي التي استعرضت صور جميلة من بدايات عملها الاجتماعي ضمن لجان جمعية سيهات الخيرية للخدمات الإجتماعية، ثم إدارتها لروضة الأطفال وبعدها للمركز النسائي التابع لها، كما تحدثت عن اهتماماتها في مجال اعلم التطوعي وحقوق الإنسان ودورها في التدريب في هذه المجالات مشيرة إلى أن خلاصة تجربتها تتركز في أن ما يتم القيام به من عمل حاليا سيشكل إضافة إلى التراكم الذي ستبني عليه الأجيال القادمة. وتحدثت أخيرا الأستاذة نعيمة عبد الرحمن الزامل التي اهتمت بتنمية المجتمع من خلال عملها المباشر مع أهالي بعض الأحياء الفقيرة في مدينة الخبر والتي كانت تنتشر فيها مختلف أشكال الجريمة ويسودها الفقر، ولكنها من خلال الجهود التي بذلتها تمكنت من زرع بذور الأمل واستقطاب سيدات في المركز الاجتماعي ليشاركوا في تنمية وتوعية المجتمع ومعالجة المشاكل الاجتماعية فيه، واستعرضت تاريخ أعمالهاا والجوائز التي حصلت عليها في مجال الخدمات الإنسانية التطوعية.