يا جماعة يا هوووووو يا سامعين الصوت، تذكروا ان في بيروت سفارات وسفراء يرسلون التقارير اليومية، ليس عن ترشيق الموازنة التي تتحدثون عنها والجدال حولها، بل أيضاً عن الإتهامات
الرشيقة جداً التي تتقاذفون بها على المستوى الوزاري، والتي وصلت الى استعمال المثل الشائع، الذي يتحدث عن تلك التي تحاضر في العفة… ولست في حاجة الى ذكر اسمها الصريح فلا “النهار” وحبرها ولا حروفي تستطيع إيراد هذا الإسم.
كنت قد كتبت أمس أننا لسنا قطيعاً من الماعز وأكتب اليوم مذكّراً بأن الذين سنذهب اليهم في 6 نيسان المقبل في مؤتمر “سيدر”، ليسوا قطيعاً من الأغبياء الذين يغامرون بإلقاء دولاراتهم في هذه الحامولة الرسمية من المتقاتلين والمتراشقين بالاتهامات حول الفساد المتوحش والسرقات المهولة.
لست أدري لماذا تعب القلب والعراك حول الموازنة وخفضها، وهو ما جعلنا أشبه بمجموعة من المتسولين يتقاتلون على عقب سيجارة كما يقال، خصوصاً ان التقارير اليومية للديبلوماسيين الغربيين والعرب التي ترسل راصدة الوضع في لبنان، تفيض بكل هذه المآثر والفضائل والحس الوطني العالي، وهو ما سيجعل المسؤولين في الدول المانحة يتساءلون:
لماذا نعطي هؤلاء الذين كان لديهم دولة فهدموها، وعندما ساعدناهم في المؤتمرات السابقة لإصلاحها وإعادة بنائها مضوا في سلوكهم المدمّر فلا إصلاح ولا حرص على الخروج من الحفرة التي يعملون على تعميقها إنتحاراً!الدول المانحة والمستثمرون في القطاع الخاص، يعرفون تماماً على سبيل المثال أنه ورد أصلاً في أرقام الموازنة رصد مبلغ ٤٤٥ مليار ليرة فقط لا غير، للإنفاق على الأثاث والمفروشات والتجهيزات والمعلوماتية، وان الحديث عن التوصّل الى خفض مبلغ ١٠٠ مليار بعد جدال وعراك ليس أكثر من مزاح، يكفي ان نتذكّر مثلاً ان ١١٤ مليار ليرة تُنفق سنوياً على إيجار مكاتب ومدارس وعقارات بعضها مقفل وبعضها غير مُستعمل، اضافة الى الجمعيات الخيرية وكثّر الله خيركم وخيرها!
في النهاية كانت الدول الأوروبية قد نبهتنا الى ضرورة القيام بالإصلاحات ووقف أبواب الهدر وقطع دابر الفساد لكي تقدم لنا المساعدات، وها نحن عشية مؤتمر باريس نتراشق على المستوى الوزاري بالإتهامات حول السرقات والسمسرات والتشبيح على المال العام، هذا إضافة الى المواقف المتفجرة بين الوزراء على المستويين الأمني والقضائي، واي مستثمر مجنون سيقدم على توظيف أمواله وسط إلتباسات الأمن والقضاء؟
وزير يقول إنه أوقف مشروعاً لأن فيه سرقة وهدراً وفساداً، فيرد وزير عليه بالقول علّمونا الفساد، في حين يحلّق وليد حنبلاط مبدعاً كعادته، ليربط تكراراً بين غرفة الإقتراع المغلقة والزر الذي يحدد لك الصوت التفضيلي، ويؤمن لك المخرج عبر “شركة عيتاني – الحاج “!