قِلّة هم الذين لا يذكرون الفيديو الشهير لذلك الرجل الذي قطع بجرأته أشواطاً نحو التغيير، الناشط في الحراك المدني الذي وقف بوجه عنصر الأمن وسط بيروت غير آبهٍ بجولات القمع والضرب بحق المتظاهرين من حوله، وقال له: "هيدا الحرامي عم يسرقك قبل ما يسرقني... عم يجوّعك قبل ما يجوّعني... عيب عليه". كما لم يمحُ الوقت كيف رفض العنصر الأمني أن يرفع عصاه بوجهه قائلاً له: "انت بعمر بيي كيف بدي أرفع ايدي عليك". وغمر المتظاهر الذي غزا شعره الشيب عنصر الأمن الشاب، يومها، بمشهد أبوي إنساني قلّما شاهدناه بين العناصر الأمنية والمواطنين، لا سيما في وقتٍ شكلت فيه القوى الأمنية دروعاً عسكرية لحماية السراي الحكومي من غضب الشعب.
أما اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين على انتفاضة النفايات وسط بيروت يستكمل الناشط المتمرّد واجبه الإنساني والوطني"، ويكمل حفر طريقه باتجاه التغيير، للوصول إلى بلدٍ خالٍ من الفساد وسماسرة لقمة العيش.
يؤكد المهندس الدكتور أجود عياش لـ"ليبانون ديبايت" أنه مرشح عن المقعد الدرزي،
على لائحة المجتمع المدني في بعبدا "صفحة جديدة للبنان".
ويلفت إلى أن ترشحه للانتخابات النيابية هو فقط للقيام بواجبه كمواطن "أنا حاليا وصلت لمحطة معينة هي الانتخابات النيابية، وواجب عليّ أن استمر بهذه المسيرة لمواجهة هذا الكم الهائل من الفساد وإعطاء اللبنانيين فرصة لنكون جميعا متساوون بالحقوق والواجبات".
لعب قانون الانتخاب الجديد دوراً بتشجيع عياش لخوض المعركة الانتخابية للمرة الأولى: "هذه النسبية الصغيرة أعطت أملاً لكل لبناني بأن يكون لديه الحق بالتمثيل".
لدى عياش وزملاؤه المدنيون في اللائحة نفسها الأمل الكبير في الخرق "أقله في مقعد واحد يمثل اللائحة"، ويعولون "على الشعب اللبناني المظلوم، المقهور، الممتعض من الوضع الراهن، وتحديداً على عنصر الشباب، وهو الشعب الذي يشكل الجمر تحت الرماد ويحتاج لإعصار قوي يزيح عنه كل هذا الرماد المتراكم".
وعن برنامجه الانتخابي، يقول عياش: "نحن قبل كل شيء نفتقر لتطبيق القانون، وإن حالفني الحظ ووصلت للندوة البرلمانية سأحاول أن أطبق القانون الموجود، وبعد التطبيق سأعمل على إيجاد الثغرات الموجودة فيه لتطويره وتعديله وإنشاء قوانين جديدة تحقق الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطن".
ويرى عياش أن "هذا هو أساس مسؤولية النائب. فالأخير ليس مخلّص معاملات، ولا معبّد طرقات، بل عليه أن يسنّ القوانين ويطورها ويراقب عمل الحكومة والوزارات، ولذلك سأسعى لإلغاء موضة تحويل النائب من مشرّع إلى مقدم خدمات، لأن الخدمات مسؤولية الدولة والمؤسسات. النائب يزول والوطن باقٍ والمؤسسات باقية".
ويطمح عياش لاستئصال الطائفية السياسية التي خلقتها الطبقة السياسية في أنفسنا، وشبهها بالسرطان الذي يأكلنا من الداخل إلى الخارج.
ورداً على سؤال حول مدى تأثير حضوره الفاعل بالحراك المدني على تشجيعه لخوض المعركة الانتخابية، وما إذا كان الحضور يرفع من حظوظه، يردّ عياش، "كان لي الشرف أنني كنت أقوم بواجبي الإنساني والوطني بدءاً من معركة مطمر الناعمة مروراً بساحات بيروت وصولا للترشح. وأفتخر أنني كنت عبرةً في المواجهة ومحاولة التغيير لكثيرين، وهذا ما دفعني وشجعني للترشح، وشكّل رافعة شعبية لي".
ما أحوجنا لعياش وأمثاله في مجلس النواب، وكم تفتقد الندوة البرلمانية لنائب يصرخ بأعلى صوته مطالباً بحقنا بعيشٍ كريم، ويواجه مافيا المصالح الشخصية وفي قلبه دافعٌ وحيد هو الوطن... فهل ستستقبل ساحة النجمة للمرة الأولى مناضلين من أجل حقوق المواطن ولقمة عيشه؟