كشف مرجع لبناني واسع الاطلاع لـ«الأخبار» أن زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري للرياض في الأسبوع الماضي، واجتماعه خصوصاً بولي العهد محمد بن سلمان، جاءا ثمرة جهود عربية ودولية، أسهمت بها الإمارات وفرنسا، لكن اليد الطولى كانت لجاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال المرجع إن كوشنير كان صلة وصل بين رئيس الحكومة اللبنانية وولي العهد السعودي من خلال قناة رسمية كان يتولاها مباشرة شقيق ولي العهد سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن خالد بن سلمان بن عبد العزيز، وتم الاتفاق على موعد الزيارة وبرنامجها من خلال الأخير.
وأكد المرجع أن تأخر موعد اللقاء بين الحريري وابن سلمان كانت أسبابه تقنية، وتحديداً مرتبطة بوصول خالد بن سلمان من واشنطن. وبالفعل، ما إن وصل الأخير إلى الرياض، حتى عقد اللقاء المطول بين الحريري وولي العهد السعودي.
وأوضح المرجع الذي كان قد اجتمع مطولاً في بيروت بالموفد السعودي نزار العلولا، أن اللقاء بين الحريري ومحمد بن سلمان «كان إيجابياً». واشار إلى أن الجانب السعودي أراد من خلال اللقاء تطبيع العلاقات بين الجانبين ونقل العلاقة إلى مستوى الدول وليس الأشخاص.
وقال المرجع إن السعوديين لمسوا تجاوباً من الحريري مع ما سمّاه «معظم نصائحهم وتمنياتهم، ولا سيما التواصل مع القوات اللبنانية». وأضاف أن الحريري حاذر التجاوب مع مطالب السعوديين في الشارع السنّي اللبناني، من استيعاب خالد الضاهر وأشرف ريفي في الشمال إلى فؤاد السنيورة، مروراً بحالات أخرى في باقي المناطق اللبنانية، غير أن الحريري جزم بأنه مستعد للنزول عند خاطر السنيورة، واتصل بالأخير من الرياض، كما بنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، واتفق مع نائب الكورة على أن يلاقيه في منزل السنيورة في بيروت، حيث انتقل من المطار إلى هناك مباشرة.
وأوضح المرجع أن الحريري قام بواجبه مع السنيورة، وهو كان مدركاً أن رئيس كتلة المستقبل لن يبادر إلى الترشح في معركة شبه محسومة النتائج لمصلحة أسامة سعد.
على صعيد آخر، قال المرجع إن الحريري لمس مؤشرات إيجابية سعودية على وجهة التعامل مع ملفه المالي (الفوز بمشروع جديد بقيمة لا تقل عن نصف مليار دولار)، فضلاً عن معالجة ملف شركة سعودي أوجيه (راجع مقالة الزميلة آمال خليل).
وفي الإطار نفسه، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق، العائد من مؤتمر وزراء الداخلية العرب في العاصمة الجزائرية، أن الحريري عاد إلى بيروت من رحلته السعودية بوصفه رئيساً للحكومة وزعيماً لتيار المستقبل «ويستطيع أن يقرر ما يريده ويناسبه في السياسة والانتخابات، وللقيادة السعودية كل الثقة بخياراته».
المشنوق، وفي إطلالة له مساء أمس، عبر برنامج «كلام الناس» مع الزميل مرسال غانم، أكد أن نتائج زيارة الحريري ستترجم بمشاركة السعودية والكويت والإمارات بفعالية في المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان.
واستكمالاً للمشهد الانتخابي، سيكون الاحتفال الذي ينظمه تيار المستقبل يوم الأحد المقبل في بيال للإعلان عن أسماء مرشحيه في مختلف الدوائر وعن برنامجه الانتخابي الحدث الأبرز هذا الأسبوع. وإلى ذلك الحين، فإن الاجتماعات ستتكثف للوصول إلى الخيارات الأنسب للتيار، خاصة ما يتعلق منها بالتحالفات. وبعد اجتماع انتخابي عقد في منزل الحريري في وادي أبو جميل مساء أمس، يفترض أن تظهر أولى نتائج هذا الاجتماع، اليوم، في الزيارة التي يقوم بها الوزير غطاس خوري إلى معراب ظهراً. وهناك سيكون رئيس القوات سمير جعجع بانتظار إجابات تحدد وجهة التحالف بين القوات والمستقبل. وقبيل لقاء اليوم، فإن مصلحة الطرفين قضت بالتحالف في كل من: بعبدا، الشوف ــ عاليه، البقاع الشمالي والبقاع الغربي. تبقى زحلة التي لم يحسم المستقبل أمره فيها، تاركاً كل الأطراف في حالة انتظار لوجهته.
في هذا الوقت، كان التيار الوطني الحر يقوم بالتشبيك مع حزب الله، حيث تم تثبيت التحالف في كل من بعبدا والشوف ــ عاليه وبيروت 2، فيما لم تحل مسألة التحالف في البقاع الغربي، بانتظار أن يهدأ التوتر بين أمل والتيار. وخلافاً لما يشاع عن أن حزب الله تخلى عن مرشح حليفه القومي في بيروت، فإن ثمة من يؤكد أن الحزب لم يكن قد قدم أي التزام للقومي بشأن التحالف في هذه الدائرة.
التيار العوني في مواجهة المستقبل في بيروت الثانية، لكنه معه في بيروت الأولى، من دون أن تتضح بعد الدوائر الأخرى التي يمكن أن يلتقيا فيها، باستثناء دائرة الشمال الثالثة، التي يفترض أن يوزع المستقبل الأصوات فيها، حيث سيدعم أنصاره لائحة جبران باسيل في البترون ولائحة طوني فرنجية في زغرتا، وهو الأمر الذي قد يقوم به حزب الله، الذي يملك قدرة تجيير نحو ألف صوت في المنطقة، أيضاً.
وعليه، فإن الدوائر العالقة بانتظار بلورة وجهة «المستقبل» تبقى صيدا ــ جزين، وزحلة، والشمال الأولى (عكار) والثانية (طرابلس ــ المنية ــ الضنية).