إلى الاهتمام الرسمي بالموازنة العامة للدولة لسنة 2018، ومع دخول لبنان طور الاستعدادات الانتخابية إدارياً وميدانياً، واقتراب 26 من الجاري الموعِد النهائي لتسجيل اللوائح الانتخابية، تستمرّ الاطراف السياسية في مشاوراتها لحسمِ تحالفاتها وغربلةِ أسماء المرشحين.

مجلس دفاع

وينعقد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى جدول أعماله جملة من القضايا، أبرزُها:

• الوضع الأمني في البلاد وجهود القوى العسكرية والأمنية لتوطيده في الداخل، وعلى الحدود الجنوبية تحديداً، وما آلت إليه التطورات في شأن الجدار الإسمنتي الذي تبنيه إسرائيل على حدود لبنان الجنوبية، بالإضافة إلى المواقف الجديدة من الخلاف معها على حدود المنطقة اللبنانية الاقتصادية الخالصة في البحر.

• الخطة الأمنية الخاصة بالانتخابات النيابية والتي وضعت عناوينها الرئيسة في اجتماع القادة الأمنيين الاثنين الفائت.

• جديد التحقيقات الجارية في ملف المقدّم سوزان الحاج ـ زيادعيتاني بعدما انتقلَ الى القضاء الذي سيكون حاضراً في الاجتماع من خلال مشاركة المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود.

• إلغاء التدبير «الرقم 3» في الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية من خلال المساعي الجارية لتقليص موازنة وزراة الدفاع الوطني.

التدبير الرقم 3

وعشية هذا الاجتماع، شرَح مرجع عسكري لـ«الجمهورية» ماهيّة «التدبير الرقم 3» فقال: «المعروف أنّ هذا التدبير هو إحدى درجات الاستنفار والجهوزية لوحدات الجيش وفقاً لمستوى المهمّات التي تقوم بها، وهي ترتفع من التدبير الرقم 1 إلى الرقم 3، وفقاً لحجم المهمة ونسبة الخطر الذي تقدّره القيادة العسكرية. وبموجب هذا التدبير، يتقاضى العسكري تعويضَ نهاية الخدمة عن كلّ سنة ثلاث سنوات (1x3)، وقد تمّ اللجوء إليه خلال الفترات السابقة لرفعِ تعويضات العسكريين بعدما كان متعذّراً تأمين الزيادات العادية».

وفي ظلّ الاتجاه إلى خفضِ بعضِ التعويضات المتعلقة بالعسكريين، قالت مصادر مطّلعة على واقع المؤسسة العسكرية لـ»الجمهورية»: «الطبقة السياسية التي أغرَقت البلاد بالديون والفساد تحاول اليوم أن تأخذ من الجيش تحت حجّة عصر النفقات وخفضِها، من دون أن تدرك خطورة ما ترتكبه في حقّ الوطن والمجتمع اللبناني، إذ إنّ المسألة كما بات واضحاً تفوق بكثير خفضَ عجزٍ مِن هنا أو مصاريف من هناك، بل تندرج في إطار خطة مشبوهة يحاول البعض اللعبَ من خلالها بمصير الوطن عبر ضربِ إحدى أبرز المؤسسات فيه والركيزة الأولى للأمن والاستقرار في الوطن، والتي لولا تضحيات أفرادها وبذلُهم الغالي والرخيص مخاطِرين بحياتهم في ظلّ الإمكانات المتواضعة التي توفّرها لهم الدولة لَما كان استقرار واستمرار في دوران للعجَلة الاقتصادية». وأضافت هذه المصادر: «لولا انتشار الجيش على الحدود وفي المرافئ وضبطُه عمليات التهريب لَما ارتفعَت واردات الدولة المالية. فمِن المعيب إيهام اللبنانيين بأنّ المؤسسة العسكرية مسؤولة عن جزءٍ مِن هدرهم، أو معاملة العسكريين كموظفين عاديين أو كبقيّة عناصر القوى الأمنية أو الشرطة البلدية، نظراً لاختلاف المهمّات».

وسألت المصادر نفسها: «هل المطلوب من العسكري أن يضحّي بحياته في زمن الحرب ويتمّ التخلّي عنه في زمن السلم؟ وهل المطلوب إبعاد المواطنين عن المؤسسة وعن الإقدام على التطوّع في صفوفها لحماية السِلم الاجتماعي والوطني؟ وهل المطلوب حِرمان العسكريين من حياة كريمة في حدِّها الأدنى بعد التقاعد؟ أوَليس المطلوب العكس اليوم بعد كلّ ما جرى من الضنّية إلى «فجر الجرود» مروراً بنهر البارد وعبرا وعرسال؟ أهكذا تكافئ الدولة عائلات الشهداء والمعوقين؟ إذا كان كلّ ذلك مطلوب فهنيئاً لتلك الطبقة الفاسدة نجاحُها في ضربِ العصَب الأساسي للبلد وركيزته الأولى، ومبروك للّبنانيين الانفلاتُ والانهيار الذي يبشّرون به».

إتّصالات ومواقف

إنتخابياً، تستمرّ الاتصالات بين القوى السياسية لإبرام التحالفات، ويترقّب الجميع ما ستسفِر عنه هذه الحركة، خصوصاً ما بين «القوات» وتيار «المستقبل». ويبقى مصير بعض التحالفات معلّقاً حتى معرفة الاتّجاه النهائي لهذا الحلف. وتُعتبَر دوائر جزين - صيدا، وزحلة من أبرز الدوائر التي تترقّب الاتّفاق «القواتي»-»المستقبلي» من عدمِه، في حين أنّ دوائر عدّة ستتأثّر بهذا التحالف. ومن جهةٍ ثانية، بات مستبعَداً إبرام تحالفٍ بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ» في غالبية الدوائر المسيحية.

الجيش

وفيما الدوائر الأمنية على جهوزيتها التامة لمواكبة العملية الانتخابية، والجيش يعكفُ على إعداد خطة لتأمين سلامتها، جدّد مصدر أمني لـ»الجمهورية» التأكيد أنّ الجيش لم ولن يتدخّل في الشأن الانتخابي، مذكّراً بما قاله قائد الجيش العماد جوزف عون من أنّ «المؤسسة العسكرية لن تتدخّل إطلاقاً في الشؤون السياسية أو الانتخابية»، وأنّ «ما يعنيها هو حماية العملية الانتخابية وضمانُ حصولها بنحوٍ سلمي وحضاري وديموقراطي».

«القوات»

إلى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» إنّ «التحالفات الانتخابية بدأت تتبلور وتُحسَم تدريجاً وتباعاً، فبَعد التحالف بين «القوات» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» في دوائر الشوف ـ عاليه، وبعبدا والبقاع الغربي، تتّجه الأنظار إلى التصوّر الانتخابي لتيار «المستقبل» الذي سينقله الوزير غطاس خوري إلى معراب والذي على أساسه سيُحسَم التحالف من عدمه مع «المستقبل» أو تحدَّد الدوائر التي يمكن التحالف فيها واستبعاد الدوائر التي لا يمكن التحالف فيها، علماً أنّ التحالف في دائرة بعلبك-الهرمل مثلاً حسِم أساسا». ورأت هذه المصادر «أنّ معظم القوى ومِن ضِمنها «القوات» تريد حسمَ التحالفات سريعاً لتوضيح الصورة الانتخابية»، وقالت: «إنّ القوات» ستسعى إلى استكمال كلّ الصورة قبل 14 آذار تاريخ الإعلان عن مرشّحيها وبرنامجها الوطني الانتخابي».

بكركي

وفي بكركي قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: «نحن ننظر اليوم إلى المجلس النيابي ليعطينا وجوهاً جديدة ودماً جديداً وفكراً جديداً، لأنّ لبنان يقف أمام تحدّيات كبيرة. لا يكفي سماع عبارة أنّنا على شفير الهاوية يومياً من دون أن يكون لنا أيّ تحرّكٍ لمواجهة هذا الأمر. لذلك نحن في حاجة في الدولة اللبنانية إلى أشخاص من نوع مسؤول وواعٍ ومدرِك في التشريع والعمل السياسي الصحيح».

«الحزب»

ومِن جهته «حزب الله» اتّهَم الولايات المتحدة الاميركية والسعودية بالتدخّل في الانتخابات النيابية. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «إنّ واشنطن والرياض تعملان من أجل تقليل أعدادِ النواب الذين يمثّلون «حزب الله» في المجلس النيابي».

الموازنة

مِن جهةٍ ثانية وعشيّة مؤتمرَي «روما 2» و»سيدر»، أنهت اللجنة الوزارية درس أرقامِ موازنة 2018، على أن تُجريَ مراجعةُ أخيرة لها مساء بعدِ غدٍ الأحد، قبَيل انعقاد مجلس الوزراء الاثنين المقبل.

وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية»: «الموازنة سَلكت بطريقة توافقية، وقطعَت نفقَ التضخيم، وخلال الساعات الـ 48 المقبلة سينعكس التوافق على جوجلةِ الأرقام حيث أصبح ثابتاً أنّ الخفض فيها تجاوز الألف مليار ليرة. ونستطيع القول إنّ موازنة 2018 لم تعد موازنة مضخّمة، ومن الآن وحتى الأحد ستنكبّ وزارة المال على إجراء مراجعة نهائية للأرقام وطبعِ مسوّدةِ المشروع بنحوٍ يتيح لمجلس الوزراء مناقشته بصيغةٍ نهائية قبل إحالته إلى مجلس النواب».

وعلمت «الجمهورية» أنّ اللجنة الوزارية المختصة بَذلت جهداً كبيراً لجهة تقليصِ العجز في الموازنة وتمكّنت من إبقائه كما كان العام الماضي، بحيث أنه لن يتخطّى 8 آلاف مليار ليرة.

أبي خليل لـ«الجمهورية»

من جهته، أوضَح وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية» أنه التزم «خفضَ موازنة الوزارة 20% وفق الشرط الذي وضَعه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» الوزير جبران باسيل، وهو بدأ فيها بوزارته وأنا التزمتُ بها». وقال: «في اجتماع اللجنة الوزارية المخصّصة لدرس موازنة وزارة الطاقة كانت لديّ بعضُ الملاحظات وأوضحتُها، خصوصاً في ما يتعلق بالسدود، إذ لا يمكننا التخفيض بسبب وجود التزامات على الدولة اللبنانية، وكذلك في المساهمات للمؤسسات العاملة في قطاع المياه. وفي النتيجة لقد التزمتُ سقف الـ 20 % من التخفيضات، خصوصاً وأنّ تكتّلنا (تكتل التغيير والإصلاح) كان أوّلَ المطالبين بها».