تزايدت مخاوف النظام المصري من مقاطعة شعبية واسعة وغير مسبوقة لانتخابات الرئاسة المقبلة، التي لم يتبق على انطلاقها سوى أسبوع واحد تقريبا.
ومن المقرر أن تبدأ الانتخابات خارج البلاد أيام 16 و17 و18 آذار/ مارس الجاري، على أن تجرى داخل البلاد أيام 26 و27 و28 من الشهر ذاته.
وكشفت الدعوات المكثفة في الصحف والفضائيات، والإلحاح على أهمية المشاركة في الانتخابات، مخاوف السلطة من مقاطعة جماهيرية غير مسبوقة للانتخابات الرئاسية، التي باتت مثارا لسخرية المواطنين؛ بسبب غياب أي مرشح حقيقي يمكنه منافسة السيسي، بجانب المنافس الرسمي الوحيد موسى مصطفى موسى، الذي لم يخف حتى أيام قليلة تأييده المطلق للسيسي!
ويقول مراقبون إن هناك قلقا واضحا في أوساط النظام من ضعف المشاركة في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي سيعطي انطباعا بأن السيسي لا يحظى بشعبية حقيقية، كما أن النظام يريد زيادة أعداد المشاركين؛ لاستخدامها لاحقا في الترويج لتعديل الدستور لتمديد فترة حكمه".
إلحاح إعلامي
وألحت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام في دعوة المواطنين للمشاركة في الانتخابات، فيما اعترف الإعلامي المقرب من النظام، عمرو أديب، بأن المصريين يتجاهلون الانتخابات الرئاسية، على الرغم من إقامتها بعد أيام قليلة.
وأكد أديب، في حلقة الثلاثاء من برنامجه على قناة "أون إي"، أنه لا توجد أي علامات على اهتمام المجتمع بهذا الحدث الكبير، باستثناء لافتات الدعاية للسيسي في الشوارع، محذرا النظام من عواقب هذا العزوف الجماهيري عن المشاركة السياسية.
استخدام للدين
كما استخدم النظام الخطاب الديني لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، عبر فتاوى يطلقها رجال الدين التابعين له، التي تحرم الامتناع عن التصويت.
واعتبرت دار الإفتاء أن الممتنع عن الإدلاء بصوته في الانتخابات آثم شرعا، قائلة إن الصوت أمانة سيسأل عنها الإنسان أمام الله.
ودعا مفتي الجمهورية شوقي علام الشعب المصري، في تصريحات صحفية، للمشاركة بكثافة في الانتخابات الرئاسية؛ حتى يقدم مظهرا حضاريا ورسالة للعالم أجمع.
أما وزير الأوقاف مختار جمعة، فألقى يوم الثلاثاء محاضرة في كلية الشرطة، أكد خلالها أن المشاركة في الانتخابات المقبلة واجب وطني ومطلب شرعي، مشددا على ضرورة المشاركة الفعالة؛ حتى يتم بناء الدولة العصرية على أسس ديمقراطية راسخة.
وأعلن المفتش العام في وزارة الأوقاف، زكريا السوهاجي، أن الأئمة سيبدأون في الدعوة إلى المشاركة السياسية عبر المنابر؛ لأن الانتخابات هي استحقاق وطني يكتمل بتحققه بناء الوطن واستقرار البلاد، مشيرا إلى أن دعوة المنابر ليست ممارسة سياسية في المساجد، وأنها لن تروج لمرشح بعينه.
ولم يقتصر استخدام الدين على رجال الدين الإسلامي، بل امتد إلى الدين المسيحي، حيث قال البابا تواضروس بابا الأقباط إن المصريين جميعا يجب أن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية، معتبرا أن الوقت لم
ينفد أمام محاولات تشجيع الشعب على التصويت في الانتخابات".
توظيف للتلاميذ ورشوة للطلاب
وفي محاولة لمواجهة عدم الاهتمام بالانتخابات، نظمت مديرية التعليم ببورسعيد جولة قام بها تلاميذ المدراس الابتدائية على عدد من المصالح الحكومية؛ لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
ووزع التلاميذ أوراقا دعائية تدعو للتصويت في الانتخابات، وهو ما انتقده كثير من أولياء الأمور، باعتباره استغلالا للأطفال في عمل سياسي.
من جانبها، اقترحت النائبة دينا عبد العزيز مشروع قانون جديد، يهدف إلى تحفيز طلاب الثانوية العامة والجامعات للمشاركة في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية، عبر إضافة درجتين للمجموع الكلي كمكافأة لتصويتهم في الانتخابات.
وأثار هذا القانون جدلا واسعا في الأيام الأخيرة، باعتباره رشوة سياسية للطلاب لمواجهة عزوف الشباب عن المشاركة في العملية السياسية، فيما رأت النائبة أنه تحفيز للمشاركة فقط وليس مكافأة لانتخاب شخص بعينه.
كما بدأت الجامعات المختلفة تنظيم عدد من الندوات التثقيفية والفعاليات التوعوية لدعوة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين فيها للمشاركة الإيجابية بالانتخابات الرئاسية.
وأكد وزير التعليم العالي، خالد عبد الغفار، أنه شدد على رؤساء الجامعات بضرورة حث الطلاب بأهمية الخروج إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بالأصوات، مستبعدا أن تكون هذه الفعاليات مخالفة لقرار منع العمل السياسي داخل الجامعات.!.
الاستعانة بأمهات ضحايا الإرهاب
كما استعان النظام بأمهات ضحايا العمليات الإرهابية؛ من أجل إقناع المصريين بالمشاركة في الانتخابات، حيث شددت والدة أحد ضحايا الهجوم على "كمين الرفاعي" في الشيخ زويد بشمال سيناء، على ضرورة التصويت في الانتخابات من أجل الدولة واستعادة حق شهداء مصر، على حد قولها.
ووجهت السيدة أمل المغربي كلمة إلى الشباب، خلال مشاركتها في مؤتمر جماهيري لتأييد السيسي، مساء الاثنين الماضي بالإسكندرية، قائلة: "اصبروا ولا تسمحوا لأحد بأن يحبطكم، فالخير قادم، مطالبة المصريين بالوقوف إلى جانب السيسي؛ لأنه يحقق إنجازات كبيرة.