تطوّر بارز أطلّ على البلد من لاهاي، مع إعلان المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رفضها طلباً لتبرئة أحد عناصر «حزب الله» الأربعة المتّهمين بالضلوع في عملية الاغتيال.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية» فإنّ رئيس هيئة القضاة ديفيد ري أشار الى «أنّ المحكمة وجدت انّ الإدعاء قدّم ما يكفي من الادلة التي يمكن ان تستند اليها في إدانة حسين عنيسي»، لكنه استدرك قائلاً: «لا يزال بإمكان المحكمة تبرئة عنيسي في نهاية المحاكمة، في حال لم يتمكن الادعاء من إثبات التهم «بشكل قاطع».

تجدر الإشارة هنا الى انّ الادّعاء أنهى مرافعته الشهر الماضي ضد عنيسي و3 آخرين يُشتبه بانتمائهم الى الحزب ويُحاكمون جميعاً غيابياً في هولندا. وطالب محامو عنيسي بإسقاط التهم الخمس الموجهة ضده لأنّ الادعاء لم يقدّم أدلة كافية.

ووافق القضاة على انّ معظم الأدلة المقدمة ضد عنيسي، والتي يستند معظمها الى تسجيلات من شبكات الهواتف النقّالة وشرائح الهواتف المستخدمة في الهجوم، هي ظرفية. إلّا انّ القاضية جانيت نوزوورثي قالت: «عدد المصادفات كبير لدرجة أنّ المحكمة لديها أدلة كافية يمكن الاستناد إليها لإدانة عنيسي بالضلوع في الهجوم على الحريري».

أمن وتحذيرات

واللافت للانتباه، في مكان آخر، هو تَسارع التطورات على المشهد الداخلي. ففي ملف عيتاني والحاج أُقفلت نوافذ التسريب حوله بناء على تمنّيات مراجع رسمية رفيعة، بالنظر الى حساسيته ودقة بعض التفاصيل الكامنة في هذا الملف وخلفياته.

وقال مسؤول امني كبير لـ«الجمهورية»: «أُدخل هذا الملف في الايام الاخيرة في بازارات مختلفة ومزايدات وتحريفات وسياقات بعيدة ألقت ظلالاً كثيفة حوله، وأخذته الى غير موقعه، ما أدّى الى إرباكات على صعد مختلفة. الآن، وبعد الاجتماعات الامنية والقضائية التي حصلت، يمكن القول انّ هذا الملف يسلك حالياً مسارَه الطبيعي، وسيُجرى المقتضى في ضوء ما سيصل إليه».

واللافت ايضاً، بروز العامل الأمني على السطح الداخلي، ولا سيما من خلال التوترات المفاجئة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني قبل يومين، وكذلك في مخيم شاتيلا بالأمس، والتي أدّت الى اشتباكات وسقوط قتلى، او من الناحية المالية والاقتصادية والتحذيرات المتتالية من مراجع مختلفة من وضعها البالغ الدقة.

وقالت مصادر أمنية لـ«الجمهورية»: «الطابع الفردي هو الغالب على هذه التوترات، حتى الآن، لكن التحقيقات جارية للوقوف على كل الملابسات وما اذا كانت هناك أياد تخريبية تسعى الى التوتير. لكن عموماً الوضع تحت السيطرة خصوصاً انّ الاجهزة العسكرية والامنية على جهوزيتها الكاملة منعاً لأيّ خرق او اي خلل يُراد منه إرباك الداخل والوضع الامني».

تحالفات... ولا تحالفات!

إنتخابياً، فَرض إقفال باب الترشيح الانتقال الى المرحلة التالية المتمثّلة بالتحالفات. وعليه، بدأت الماكينات الانتخابية باتّباع قواعد جديدة على طريق حسم الصَور النهائية للوائح التي ستنافس بعضها في الانتخابات.

واذا كانت التحالفات وشكل اللوائح حسمت في بعض الدوائر، وخصوصاً في الجنوب على صعيد الثنائي الشيعي، فإنّ المحك هو في كيفية صَوغ التحالفات بين القوى الاخرى بالنظر الى تعقيدات الدوائر والتداخل بين بعضها البعض، والذي جعل لكل دائرة خصوصيتها، وفرضَ ما يسمّى التحالفات والاختلافات الموضعية حتى بين حلفاء الصف الواحد.

الحريري - جعجع

وفيما يعلن رئيس الحكومة سعد الحريري أسماء مرشّحي «المستقبل» الاحد المقبل، فإنّ صورة تحالفاته أنجزت بالكامل مع «الاشتراكي»، فيما تفيد معلومات عن حماسة لديه للدخول في تحالف واسع مع «التيار الوطني الحر». أمّا الحسم النهائي للتحالف مع «القوات اللبنانية»، الذي ظهرت اولى معالمه في التحالف بينهما في دائرة بعلبك ـ الهرمل، فيبدو انّ أمامه مساراً قد لا يخلو من مطبّات ومحاولات مَد الجسور، سواء عبر زيارة الوزير ملحم الرياشي الى بيت الوسط، او زيارة الوزير غطاس خوري الى معراب.

وخلافاً لِما تردّد في الساعات الماضية عن لقاء وشيك بين الحريري ورئيس «حزب القوات الدكتور سمير جعجع، أكدت مصادر القوات لـ«الجمهورية» ان لا شيء من هذا القبيل حتى الآن، واللقاء بينهما سيكون نتيجة تفاهم انتخابي جيد وعميق بين «القوات» و»المستقبل»، وبالتالي هذا التفاهم هو الذي يفتح باب اللقاء».

وبحسب المصادر، فإنّ «الإتفاق بين «القوات» و«الإشتراكي» و«المستقبل» في دوائر الشوف عاليه، بعبدا، والبقاع الغربي بات في حكم المؤكّد والمُنجز وسيُعلن قريباً جدّاً، ويشمل تسمية المرشحين القواتيين: جورج عدوان في الشوف، أنيس نصّار في عاليه، بيار بو عاصي في بعبدا، الى جانب مرشحي «المستقبل» و«الإشتراكي».

مجلس وزراء

أمّا حكومياً، فانعقد مجلس الوزراء أمس في جلسة وصفت بالمتوتّرة كهربائياً، والحامية على خَطّي «التيار» وحركة «أمل» و«اللقاء الديموقراطي».
والبارز فيها الدخول المباشر لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون على خط أزمة الكهرباء، حيث قدّم تقريراً حول العجز في هذا القطاع وانعكاساته السلبية على الاقتصاد، مُعدّداً المراحل التي قطعها منذ العام 1992 وحتى العام 2017، وبرز فيه تأكيده على وجوب شراء الكهرباء من البواخر كحاجة الى الاستهلاك فوراً.

كما برزت الخاتمة السياسية للتقرير، والتي جاء فيها: «لماذا اعترض البعض على بناء المعامل خلال السنوات الماضية وبحجج واهية، فتأخّر بناء هذه المعامل الاضافية وتحديث بعض المعامل الموجودة؟ ولماذا لم تكن لديهم اقتراحات عملية بديلة؟ وماذا يريد المعترضون حالياً على شراء كميات إضافية من الطاقة لتغطية الجزء الاكبر من النقص بنفس أسعار الانتاج من المعامل؟ أليس للعرقلة فقط، ولو على حساب جيوب المواطنين ومالية الدولة ونمو الاقتصاد و«عَنزة ولو طارت»؟

وعلّق وزير المال علي حسن خليل على هذا التقرير قائلاً انه استمع اليه بتمعّن، وسيدرسه، «أمّا عن «العَنزة ولو طارت» فلم أرَ في مجلس الوزراء أيّ عنزة لكي تطير».

وخلال الجلسة طلب الوزير غازي زعيتر الموافقة على إجراء مباراة لتعيين حرّاس أحراج في مجلس الخدمة المدنية، وعددهم 64 (34 في جبل لبنان)، (15 الشمال) و(15 عكار)، الّا انه تمّ تأجيل هذا البند بعد اعتراض الوزير جبران باسيل عليه على أساس انه لا يراعي التوازن الطائفي، فوصَف زعيتر هذا الاعتراض بالكيدي وغير القانوني.

كذلك حصل سجال بين وزيري التربية والعدل حول البند المتعلّق بتعيين ٢٠٧ أساتذة في التعليم الثانوي، حيث رفض وزراء تكتل «الاصلاح والتغيير» تمرير هذه التعيينات للاستنسابية ولأسباب قانونية عدة عموماً، ولإخلالها بالتوازن الطائفي خصوصاً كونها تشمل ١٩٦ أستاذاً مسلماً و١١ أستاذاً مسيحياً».

«التكتل»
وقالت مصادر الـ«تكتل» لـ«الجمهورية»: «انّ المجلس وافق على نفقات العملية الانتخابية في الخارج وخطة كيفية التصويت، وأقرّ طرح باسيل بتجديد جوازات سفر اللبنانيين في الخارج او إعطاء جواز سفر عادي بسعر 1000 ليرة لبنانية للتمكّن من استعماله للتصويت في الانتخابات، من دون أيّ كلفة نقل لإيصال الجوازات الى منازلهم».