بعد اقفال باب الترشيحات بدأت الاستعدادات الجدية لاعلان اللوائح الانتخابية وصياغة التحالفات، وتبدو الصورة واضحة بأن الاطراف الاساسية تخوض الانتخابات دون برامج سياسية، واللاعبون الاساسيون يضعون كل ثقلهم للحفاظ على احجامهم وان لا تكون الخسائر «ثقيلة» مع النسبي والصوت التفضيلي.
فقد اسقطت الانتخابات كل الاصطفافات السياسية القائمة وتحول الخصوم الى حلفاء والحلفاء الى خصوم، واللوائح ستضم «خليطا» من كل الاطراف للحفاظ على المكتسبات الحالية، لكن النسبية ستؤدي الى خسارة الجميع وولادة كتلة نيابية من كل المناطق ما بين 15 الى 20 نائباً، وستكون هذه الكتلة من حصة رئيس الجمهورية وليست محسوبة على التيار الوطني الحر، الرئيس عون ما زال يؤكد ان عهده سيبدأ بعد الانتخابات النيابية مع كتلة نيابية وازنة ومستقلة ومن كل الطوائف وستكون هذه الكتلة تحت رعاية الرئيس وتوجيهاته واعداد اقتراحات مشاريع القوانين لتطوير عمل الادارات في لبنان ووقف الهدر والفساد.
صورة الاستعدادات والتحالفات الطارئة قبل الانتخابات وستتبدل كلها بعدها وستعود الاصطفافات السياسية نفسها، لكن رئيس الحكومة المقبل سيكون ثمرة توافق بين القوى السياسية والوزراء سيمثلون الكتل الوازنة وبالتالي التغيير سيكون فقط عبر الكتلة المحسوبة على الرئيس ميشال عون لا اكثر لان العديد من المستقلين يخوضون الانتخابات بثوابت الرئيس ميشال عون وشعار «بي الجميع».
لكن المؤشرات الاخيرة التي ظهرت من خلال الاستعدادات تطرح سؤالاً اساسياً، هل الانتخابات اللبنانية ستكون ديموقراطية 100%، حيث التدخلات السعودية والاميركية لا توحي بذلك مطلقاً لاسباب عديدة:
ـ وزير الخارجية الاميركي تيلرسون حضر الى لبنان بعنوان الملف النفطي والجدار الاسمنتي لكن «باطن الامور» الانتخابات النيابية والتحريض على حزب الله وخوض المعارك ضده.
2- الوفد السعودي العلولا حضر الى لبنان، وفتح ملف الانتخابات الينابية مع كل الاطراف اللبنانية وتحديداً فريق 14 اذار ومستقلين، باستثناء النائب وليد جنبلاط وحضهم على الوحدة والعمل، وانتقل بعدها مباشرة مع رئيس الحكومة الى الرياض وثم الاجتماع بالملك السعودي وبولي العهد محمد بن سلمان بعنوان واحد الانتخابات النيابية ووحدة 14 اذار وهزيمة حزب الله واستثمار الانتصار بعد الانتخابات بالحكومة وبرئاسة المجلس النيابي. وبكتلة صغيرة لحزب الله من 6 نواب.
3- حضر المسؤول الاميركي ساترفيلد و«خيم» في لبنان لـ14 يوماً، وحض الجميع من الدائرين بفلك السياسة الاميركية لخوض الانتخابات ضد حزب الله وقوى 8 اذار وضرورة الحصول على الاكثرية.
والسؤال المطروح على الرئيس سعد الحريري؟ اين الديموقراطية؟ واين النأي بالنفس الذي طرحته امس في جلسة مجلس الوزراء، فالتدخلات السعودية والاميركية المكشوفة في الانتخابات اين منها النأي بالنفس؟ ومن يخرق النأي بالنفس؟ اين التدخل الايراني في الانتخابات واين التدخل الفرنسي؟ ومعلومات «الديار» تؤكد ان الرئيس الفرنسي أبلغ جميع الاطراف اللبنانية عدم التدخل بالانتخابات النيابية، وترك هذا الامر للبنانيين؟ اين التدخل السوري المقعد البعثي في بعلبك - الهرمل انتقل الى اللواء جميل السيد، حتى سوريا لم تتدخل في ترشيحات العلويين في طرابلس والشمال،لا يلمس اي مراقب ان التدخلات في الانتخابات فقط تأتي من الولايات المتحدة الاميركية والسعودية و«عالمكشوف» وبالتالي كيف يسمح لبنان بهذه التدخلات؟ واين النأي بالنفس؟ واين الديموقراطية؟
وفي المعلومات ان الرئيس سعد الحريري وقبل ان تحط طائرته في مطار رفيق الحريري الدولي اثناء عودته من السعودية اجرى اتصالات بكل قوى 14 اذار دون استثناء، وكذلك بالنائب وليد جنبلاط وابلغهم القرار السعودي بالوحدة وخوض الانتخابات بشكل موحد، وازالة كل ما «جرى» معه في السعودية؟
لكن اللافت ان السعودية والولايات المتحدة الاميركية لم يتعظا من تدخلاتهما السابقة في الملفات اللبنانية، وما خلفته على اللبنانيين وماذا تستطيع ان تفعل السعودية وواشنطن، ومشروعهما يتراجع في كل المنطقة، حزب الله يملك الاكثرية الشعبية في لبنان وهذا ظهر بنتائج انتخابات 2009، وانه يحضر لمفاجأة انتخابية ديموقراطيةوالرئيس الحريري يدرك جيداً بأنه لولا موافقة حزب الله وحلفائه لما ذهبت رئاسة الحكومة له، ولكن الاعتدال الذي مارسه الحريري في السنة الماضية، امنت له استقراراً حكومياً وغطاء شعبيا لبنانيا وان هذا التوافق وهذه السياسة هي المدخل لعودته لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية واي خيار آخر سيعيد الشلل الى البلاد.
التدخلات الاميركية - السعودية في الانتخابات النيابية ونتائجها تشير الى تحضيرات سعودية - أميركية للبنان وادخاله في أتون الانقسامات الاقليمية والدولية بعد الانتخابات وهذا ما يجب ان يفهمه اللبنانيون.
جنبلاط ـ جعجع
اما على صعيد الاستعدادات فالمؤشرات تشير في موضوع دائرة الشوف - عاليه، الى ان الامور باتت محسومة بنسبة 90%، بعد ان ذللت العقدة الابرز وتمثلت بموافقة القوات اللبنانية على ترشيح المحامي ناجي البستاني عن المقعد الماروني في هذه الدائرة، وهذا الشرط وضعه النائب وليد جنبلاط شخصياً كمدخل للتحالف مع القوات، ومساء الاحد الماضي خرج الدخان الابيض، بعد لقاء جمع النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في منزل النائب نعمه طعمه وعلى مائدة العشاء بحضور النائب اكرم شهيب، وجرى نقاش مطول وقدم الدكتور جعجع مبرراته لرفض ناجي البستاني وماضيه وتحالفاته، لم يقتنع بها جنبلاط، واصر على موقفه، معتبراً البستاني خطاً احمر، وقال الدكتور جعجع ان ترشيح البستاني قد يؤدي الى خسارتك احد المقاعد المسيحية ومن بينهم نعمه طعمة، فرد جنبلاط «هذا الموضوع انا اعالجه»، في كيفية توزيع الاصوات، انتهى اللقاء دون نتيجة.
وظهر الثلاثاء تلقى جنبلاط اتصالاً هاتفياً من النائبة ستريدا جعجع، وبناء على الاتصال انتقل شهيب وطعمه الى معراب عند الساعة الخامسة والنصفمن عصر الثلاثاء، والتقيا الدكتور جعجع الذي ابلغهما موافقته على ترشيح البستاني وقال لهما ممازحاً «غلبني وليد بيك في هذا الموضوع»، وجرى نقاش حول تحالف الاشتراكي والقوات في بعبدا وكان الرد ان هذا الامر قابل للنقاش والبحث.
لكن في دائرة البقاع الغربي - راشيا التحالف بين الاشتراكي والقوات اللبنانية والمستقبل حسم فيما اللائحة الثانية ستضم عبد الرحيم مراد وايلي الفرزلي ومرشح امل محمد نصرالله والنائب السابق فيصل الداوود، علماً ان مصالحة حصلت بين مراد والفرزلي بعد جفاء.
وبشأن دائرة عاليه - الشوف، فقد يلجأ الرئيس الحريري الى ترشيح المحامي نديم معاذ من برجا لارضاء المدينة بديلاً عن محمد الحجار مع وعد وزاري لحجار، فيما المقعد الماروني الثالث في الشوف، فقد رشح جنبلاط النائب ايلي عون من الدامور، وهناك ميل عند الحريري لترشيح النائب غطاس خوري، وهذا الامر سيتم حله خلال «الرتوش» النهائي على اللائحة.
وبعد ايام سيتم الاعلان رسمياً من المختارة وستكون اللائحة برئاسة تيمور جنبلاط، وفي هذا الاطار سيزور الوزير غطاس خوري برفقة الوزير ملحم رياشي معراب لاستكمال النقاش في التحالف والذي بات محسوماً في معظم الدوائر، وربما توج اعلان التحالف بلقاء بين الحريري والدكتور جعجع، وقد يتحول الى ثلاثي في حضور جنبلاط مع اعلان اللوائح التحالفية في عاليه - الشوف، البقاع الغربي- راشيا، وربما في بعبدا، لكن لجنبلاط حيثيات في هذه الدائرة تتعلق بمراعاة رفيق العمر الرئيس بري، وكذلك حزب الله، كذلك هناك استحالة بخرق مرشحي امل وحزب الله الدكتور فادي علامه والنائب علي عمار، وفوز مرشح جنبلاط في هذه الدائرة هادي ابو الحسن امر محسوم حيث ينطلق من 15 الف صوت تفضيلي وبالتالي يمكن ان يراعي جنبلاط المعادلة الشيعية، كما ان جنبلاط بذل محاولة لانضمام ارسلان الى لائحته في الشوف وعاليه لمتطلبات الوضع الدرزي لكن المحاولة لم تنجح.
المعركة في بعبدا على المقاعد المسيحية، والوزير بيار أبي عاصي مرشح القوات اللبنانية، فيما التيار الوطني الحر رشح حكمت ديب وناجي غاريوس وآلان عون، وهناك اتجاه للائحة ثالثة من شخصيات مسيحية ودرزية وشيعية مستقلة.
بعلبك ـ الهرمل
وفي ملف بعلبك - الهرمل فان «الطلاق الحبي» بين التيار الوطني الحر وحزب الله قد وقع، فحزب الله حسم اسم النائب الماروني على لائحته اميل رحمة الذي التقى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم واجتمعت اللائحة ووضعت خطة عملها، فيما الوزير جبران باسيل ابدى دعمه لترشيح ميشال ضاهر وناشطة عونية من آل عساف ويعمل لاستكمال اللائحة.
المعركة في بعلبك - الهرمل لها حسابات سياسية بالدرجة الاولى، وانظار المتابعين الاميركيين والسعوديين مركزة على هذه الدائرة واعتبار اي خرق للائحة حزب الله انتصار للمحور السعودي - الاميركي كون هذه الدائرة من الخزان الشعبي لحزب الله.
فالقوات اللبنانية تتمتع بثقل اساسي في دير الاحمر وعيناتا وبتدعي فيما السنة يمثلون 40% من ناخبي مدينة بعلبك مع سنة عرسال والفاكهة والعديد من البلدات، ولتيار المستقبل حضوره في هذه القرى، وبالتالي فان تحالف القوات - المستقبل يركز على هذه الدائرة والخرق بالمقعد الماروني او الكاثوليكي أو السني او اخذ مقعد شيعي وفي ظل هذه المعادلة، اين سيكون الرئيس حسين الحسيني وماذا سيفعل؟ واشارت معلومات الى انه سيحدد موقفه خلال الايام المقبلة، كما ان للقوات حضور كاثوليكي في القاع بمواجهة مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي الدكتور البير منصور.
المقعدان السنيان على لائحة حزب الله يشغلهما النائب وليد سكرية ويونس الرفاعي من جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، وبالتالي للمعركة نكهة خاصة، ويعرف حزب الله حيثياتها جيداً، لكن النسبية لا تسمح لأي قوة مهما كبر حجمها بنيل كل المقاعد في هذه الدائرة، وبالتالي فان خسارة مقعد او مقعدين امر عادي وطبيعي بالنسبة لحزب الله وهذا الامر تفرضه النسبية وقال ذلك بوضوح السيد حسن نصرالله.
دائرة كسروان ـ جبيل
وفي دائرة كسروان ـ جبيل، الاقوى لائحة العميد المتقاعد شامل روكز واركانها منصور غانم البون، نعمة افرام وزياد بارود عن المجتمع المدني، فيما الاتصالات مكثفة بين النائب السابق فريد هيكل الخازن والكتائب وشخصيات كسروانية فاعلة. لكن المعلومات أكدت ان الاتصالات بين الوزير فريد هيكل الخازن وامين سر قوى 14 اذار فارس سعيد لم تصل الى نتيجة وبالتالي ستشهد الدائرة اكثرمن 3 لوائح لكن لائحة العميد المتقاعد شامل روكز تبقى الاقوى، كما تخوض القوات اللبنانية المعركة بلائحة توضع اللمسات لاعلانها.
وفي جبيل، يبدو ان الطلاق الحبي، ايضا سيقع بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وهذا ما اعلنه مرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر مسؤول حزب الله في جبل لبنان والشمال، وفي المعلومات ان الشيخ زعيتر يتواصل مع النائب السابق فريد هيكل الخازن وشخصيات مسيحية بينهم وزير سابق واشار الشيخ زعيتر ان اللائحة ستعلن قريبا لكن المفاجأة اذا حصلت هل ستضم لائحة الشيخ حسين زعيتر احد القياديين في التيار الوطني الحر الذي ربما لا يكون على لوائح التيار في المنطقة، علما ان اعتراضات التيار الوطني الحر تعود الى استفراد حزب الله بتسمية مرشحه الشيخ حسين زعيتر دون التشاور مع التيار الوطني والصورة ما زالت ضبابية في المنطقة.
بيروت الثانية
الرئيس سعد الحريري سيعلن مساء الاحد في البيال اسماء مرشحيه وتحالفاته ويبدو انه سيخوض المعركة في دائرة بيروت الثانية مستقلا، خصوصا ان الناخبين السنة يتحكمون في هذه الدائرة وسيكون المرشح الدرزي المسمى من النائب وليد جنبلاط النائب السابق فيصل الصايغ على لائحته فيما المحسوم من الاسماء السنة وزير الداخلية نهاد المشنوق، ولم يحسم امر التحالف بعد مع الجماعة الاسلامية. وكذلك اسمي المرشحين الشيعيين وفيما اللائحة الثانية المدعومة من حزب الله وحركة امل اللذين رشحا امين شري عن حزب الله ومحمد خواجه عن امل ستضم ايضا الدكتور عدنان طرابلسي النائب السابق عن جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية فيما لم يحسم اسم المقعد الدرزي اما التيار الوطني الحر فأبدى اعتراضه على المرشح الانجيلي التابع للحزب القومي والذي يحظى بدعم حزب الله وامل، وفي بيروت الثانية يستعد المجتمع المدني لخوض المعركة مستفيدا من النتائج التي حققها في الانتخابات البلدية لكنه لن يتحالف مع اي قوة ممثلة في السلطة.
دائرة طرابلس
وفي طرابلس كل المعطيات تؤكد ان لائحة الرئيس نجيب ميقاتي هي الاقوى وظهر ان الرئيس نجيب ميقاتي يتمتع بحضور مميز في كل الاوساط الطرابلسية.
وعمله لم ينقطع مطلقا طوال السنوات الماضية وخدماته ليست مواسم انتخابية، وهذا لا يعني ان المدينة لن تحصل فيها معركة انتخابية بين لوائح اربعة، هي سعد الحريري ولائحة الرئيس ميقاتي، ولائحة فيصل كرامي ولائحة اللواء اشرف ريفي والمنافسة ستكون حامية وستحدد الى حد بعيد اسم رئيس الحكومة المقبل.
الحريري ـ الكتائب
وفي الاطار الانتخابي، علم ان الرئيس سعد الحريري قبل ذهابه الى السعودية كان موقفه حاسماً برفض التحالف في اي دائرة مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وهناك «فيتو» حريري على مرشحي الكتائب بسبب معارضة الجميل الحادة، حتى ان الرئيس الحريري تمنى على النائب جنبلاط عدم ضم اي كتائبي الى لائحته في ظل ميل جنبلاط للنائب فادي الهبر في عاليه.
وفي المعلومات المؤكدة، ان «الفيتو» الحريري رفع عن الكتائب بعد عودته من السعودية وفتحت خطوط التواصل ولكن النائب سامي الجميل ما زال على موقفه الرافض للتحالف مع اي قوة ممثلة في السلطة نتيجة معارضته الشرسة للحكومة ولسياسات الدولة التي ستوصل البلاد الى الانهيار، وبالتالي معارضة الجميل قد تسقط انضمام النائب فادي الهبر الى لائحة المستقبل ـ القوات ـ الاشتراكي في عاليه ـ الشوف.