أُغلِق باب الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة، منتصف ليل أمس، ليُفتح باب التحالفات على مصراعيه، ودون هذه التحالفات عقبات جمّة تتبلور عبر خلط أوراقٍ أبعد الأصدقاء وقرّب الأعداء وصنع صنيعه في تكوين تحالفات هجينة لم تتكشّف جينات خيرها من شرها بعد.
وفي بوتقة هذه التحالفات يتمايز التيار الوطني الحر عن زملائه وكأنه رأس حربة في المعركة الانتخابية.
عملية رصد سطحية للمفاوضات القائمة في الدوائر الانتخابية تعوّم مشاكل عديدة يعاني منها التيار مع حلفائه سواء القدامى أم الجدد. ما دعا المتفاوضون معه لاتهامه بالأنانية والتصرف على مبدأ "اللهمّ نفسي".
ومن الإشكاليات العالقة في بعض الدوائر، خلاف التيار الوطني الحر مع حليفه الاستراتيجي حزب الله في جبيل، إذ يرفض التيار التحالف مع مرشح حزب الله عن المقعد الشيعي حسين زعيتر، ويرفض رئيس التيار جبران باسيل ضمّه إلى لائحة التيار. أولاً لأن ترشيح زعيتر سيؤثر سلباً على لائحة التيار مسيحياً، كونه من خارج القضاء، وثانياً لأن هناك تخوفاً من أن تشمل العقوبات الأميركية كل من يتحالف مع زعيتر.
وأفادت معلومات صحفية أن زعيتر أعلن خلال لقاء مع عائلات جبيل في الساعات الماضية ألا تحالف انتخابياً بين حزب الله والوطني الحر في دائرة جبيل وكسروان.
علماً أن زعيتر لم يكن موجوداً عندما زار باسيل بلدة لاسا المعروفة بثقلها الشيعي في قضاء جبيل. وكان واضحاً من حديث باسيل علامات الامتعاض والغضب، إذ وجه رسائل خلال زيارته مفادها التساؤل عن الشراكة غامزاً إلى التفاهم الذي يجمع الوطني الحر بحزب الله.
كما في جبيل كذلك في بعلبك الهرمل، إذ لوح حزب الله بإعادة ترشيح النائب إميل رحمة، بدلاً من انتظار تسمية مرشح التيار الوطني الحر. ما استدعى رداً من التيار بالذهاب إلى مفاوضات مع لائحة منافسة لحزب الله مقابل تسوية مرتبطة بتبني ترشيح شخصية منافسة لحزب الله في جبيل أيضاً.
وفي دائرة الشوف – عاليه، برز خلاف الوطني الحر مع النائب طلال ارسلان، إذ إن ترشيح الحزب الديمقراطي اللبناني لمروان أبو فاضل عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه بالتفاهم مع قوى 8 آذار أدى إلى توتر في العلاقة مع التيار. ويطرح الأخير مرشحاً أرثوذكسياً آخر عن المقعد نفسه، ما يقطع الطريق على تحالف التيار مع الديمقراطي، وربما مع 8 آذار أيضاً.
أما في صيدا – جزين، هناك خلاف بين الوطني الحر والمستقبل نتج عن رغبة الأخير في تعويض خسارته لمقعد سني في صيدا بآخر مسيحي في جزين، وحاول ترشيح وليد مزهر عن المقعد الكاثوليكي، إلا أن الوطني الحر رفض الأمر، نظراً إلى أنه قد يؤدي إلى خسارته أكثر من مقعد واحد في المدينة، ما أعاد بحث كل من الطرفين في التحالفات من جديد.
كل هذه الخلافات وغيرها تُرجمت اتهامات صريحة، يتمتم بها حلفاء الوطني الحر تارةً في السرّ وتارةً في العلن. فكيف يردّ التيار عليها وفي أي إطار يضع الخلافات السابقة الذكر؟
يؤكد نائب التغيير والإصلاح آلان عون لـ"ليبانون ديبايت" أن هناك مفاوضات تحصل بين كل الأفرقاء، ولكل الكتل النيابية حساباتها وطموحاتها التي تحاول فرضها عبر المفاوضات لخلق ظروف مناسبة للفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد.
"فأي تحالفات تدور حول عدد من المقاعد التي تتوزع بين الأفرقاء الذين سيكونون على لائحة واحدة، ومن الطبيعي أن يتجه كل فريق لفعل أقصى ما يستطيع أن يحققه في تلك المفاوضات"، وفقاً له.
ويرى عون أن هذه الحالة طبيعية فرضتها الانتخابات وطبيعة القانون الأناني بعض الشيء، وهو قانون يخلق التنافس ليس بين القوى السياسية المختلفة فحسب بل ضمن الفريق الواحد، إذ إن كل مرشح يفكر بنفسه بسبب قضية الصوت التفضيلي، و"هذا حال كل القوى وليس فقط التيار الوطني الحر".