فيما تَجدّد السجال «الكهربائي» بين حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر»، إنهمك اللبنانيون، مسؤولين ومواطنين، بالتحضير للانتخابات النيابية التي لا صوت يعلو على ضجيجها.
إذ سُجّلت هجمة مرشحين لافتة قُبَيل إقفال باب الترشيح منتصف ليل امس، لينطلق من اليوم تشكيل اللوائح الانتخابية الذي ينبغي ان ينتهي قبل 26 الجاري. وكانت باكورة هذه اللوائح لائحة في دائرة الجنوب الثانية برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي سُجلت أمس تحت اسم لائحة «الأمل والوفاء»، فيما الارباك ما زال ينتاب بعض القوى السياسية التي ما تزال تتريّث في إعلان تحالفاتها ولوائحها النهائية على رغم كثافة المشاورات الانتخابية.
المشنوق
في هذا الوقت، توقّع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن تكون الانتخابات «عرساً لبنانياً ديموقراطياً بعد 10 سنوات بلا انتخابات نيابية»، واوضح أنّ «قانون الانتخاب يستند إلى أربعة عناصر، هي: النسبية والصوت التفضيلي والاحتساب والتصويت». واكد أن «كل صوت يُحدث فارقاً، لأنّ الصوت هو الذي يرفع نسبية اللائحة ويؤهّلها». وشدّد على أنّ «الانتخابات ستجدد خلايا لبنان السياسية، وأن القانون سيعطي كل مرشّح حجمه الحقيقي».
«المستقبل»
وعلى مسافة ايام من إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري أسماء مرشّحي تيار «المستقبل» في احتفال يُقام عصر الاحد المقبل في مجمع «بيال» وسط بيروت، أكدت مصادر «المستقبل» لـ«الجمهورية» ان «لا شيء محسوماً بعد في موضوع التحالفات، وهي مفتوحة حتى الـ 25 آذار». علماً انّ الحريري كان قد أعلن قبل يومين التحالف الانتخابي في كل الدوائر مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. وقد أكّد امس انّ «المستقبل» سيخوض الانتخابات بلوائح تحمل تغييرات أساسية، وعلى لوائحه في كل لبنان مجموعة من النساء».
وإذ اعتبر انّ «هناك من يُكابر ويدّعي أنّ في إمكانه السيطرة على كل الأصوات والتحَكّم بالنتائج»، قال انّ قانون الانتخاب «ليس من السهل أن يتحكّم به أحد، وستكون هناك خروق لدى كل الأحزاب السياسية، وهو أمر أراه إيجابياً في مكان ما، لأنه يسمح بدخول وجوه جديدة إلى المجلس النيابي».
من جهتها، دعت كتلة «المستقبل» الى المشاركة في الانتخابات بكثافة، مؤكدة «موقفها المتضامِن الى جانب الرئيس الحريري في الخيارات الانتخابية والسياسية»، ومشدّدة على «أهمية إجراء الانتخابات في موعدها».
جنبلاط لـ«الجمهورية»
وفي سياق متصل قال جنبلاط لـ«الجمهورية»: «انّ التفاهم الإنتخابي بينه وبين الرئيس سعد الحريري تام»، مشيراً إلى أنه «سيشمل الشوف والبقاع الغربي وبيروت». وأكد «أنّ النقاش مستمر مع قوى سياسية أخرى لاستكمال تحالفات الحزب التقدمي الإشتراكي»، لافتاً الانتباه «الى أنّ التفاوض يتركّز في شكل أساسي مع «القوات اللبنانية» في الجانب المسيحي».
وتوقع جنبلاط «أن تَتّضِح الأمور قريباً في ما خَصّ مجمل اتجاهاته الانتخابية»، كاشفاً انه «في صدد الإعلان في الأيام القليلة المقبلة، وربما خلال يومين، عن التحالفات الرسمية والنهائية للحزب التقدمي الاشتراكي».
«القوات»
من جهتها، اكدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّ «الخطوط مع الحزب التقدمي الاشتراكي ما زالت مفتوحة، خصوصاً انّ المفاوضات بين الجانبين في اليومين الأخيرين شهدت خرقاً كبيراً يمكن ان يُفضي الى تحالف شامل بينهما»، وتوقعت ان تكون الأيام القليلة المقبلة «كفيلة بتوضيح الصورة على أكثر من مشهد تحالفي إنتخابي».
وقالت: «انّ «القوات» تحاول إنجاز التحالفات الانتخابية قبل 14 آذار المقبل لكي تأتي احتفاليتها الانتخابية مكتملة وطنياً وانتخابياً. ولذا، فإنها تكثِّف اتصالاتها ولقاءاتها لبلورة الصورة التحالفية، خصوصاً انّ المواقف أصبحت واضحة عملياً ولم يبقَ سوى اتخاذ قرار التحالف مع هذا الطرف في هذه الدائرة ومع ذاك في الدائرة الأخرى».
وأوضحت المصادر نفسها «انّ لقاء الوزير ملحم الرياشي مع الرئيس الحريري قد أتى في هذا السياق بالذات، حيث عُرِضت كل الدوائر التي يمكن التحالف فيها في ظل نيّة لدى الطرفين بالتحالف حيث يفيدهما التحالف، فاستمهلَ «المستقبل» لمراجعة حساباته والخروج باقتراح عملي يحمله الوزير غطاس خوري الى رئيس «القوات» سمير جعجع من أجل جَوجلته واتخاذ القرار على أساسه، فإذا حصل التحالف في الدوائر المتّفَق عليها يؤسّس هذا الأمر للقاء بين الحريري وجعجع يتوّج للتفاهم الانتخابي والتحالف السياسي الأساسي».
«التيار الحر»
وعلى جبهة «التيار الوطني الحر» علمت «الجمهورية» انّ اتصالات «التيار» مستمرة مع جميع الافرقاء، وانّ اللجنة المكلّفة صَوغ برنامجه الانتخابي أنهَت عملها، وسيُعلَن في الاحتفال الرسمي الذي سيقيمه التيار في ٢٤ الجاري في «الفوروم دو بيروت» لإعلان أسماء المرشحين واللوائح. وقالت مصادر «التيار» انّ البرنامج «سيكون شاملاً ويتضمن جدولاً مفصّلاً بالمشاريع التي ينوي الاستمرار في تنفيذها، وذلك لاستكمال بناء الدولة الفعلية وتحقيق الشراكة وتفعيل عمل المؤسسات وتأمين أبسط مقوّمات العيش الكريم للبنانيين.
السعودية
وفي انتظار تبلور نتائج زيارته السعودية ومفاعيلها تباعاً، كرّر الحريري التأكيد أنها «كانت ناجحة جداً»، وانّ المملكة ستشارك في كل المؤتمرات التي ستُعقد في كل من روما وباريس لدعم لبنان.
دعم إماراتي
وفي هذا المجال إعتبر سفير دولة الامارات العربية المتحدة في لبنان حمد الشامسي انّ زيارة الحريري للرياض «كانت ناجحة على كافة الاصعدة»، معلناً وقوف الرياض وابو ظبي الدائم الى جانبه، متمنياً له كل التوفيق في الانتخابات، وقال: «انّ السعودية والامارات من اكبر الداعمين للبنان واستقراره الذي يهمّنا جداً، كذلك يهمّنا العمل في لبنان بأجندة تنموية واضحة وليس تخريبية». وأعلن مشاركة دولة الامارات في مؤتمرَي «سيدر» وروما المقررين لدعم لبنان.
«سيدر»
وسط هذا المشهد يستعد لبنان لمؤتمري «روما 2» لدعم الجيش والقوى الامنية في 15 من الجاري في العاصمة الايطالية، و»سيدر» في باريس في 6 نيسان المقبل.
وقال الحريري: «إنّ نجاح مؤتمر «سيدر» يرتكز أساساً على نية جدية لدى المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان لدعم الاستقرار الاقتصادي فيه، وعلى إرادة حقيقية لدى جميع الأفرقاء السياسيين للمضي في عملية التصحيح المالي وتنفيذ الإصلاحات القطاعية والهيكلية التي من شأنها تفعيل نشاط القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وخَلق معدّلات نمو وفرَص عمل مستدامة».
وأمل في «أن يكون القطاع الخاص السبّاق في مؤتمر باريس»، مشدداً على «إجراء لبنان الإصلاحات المطلوبة لتشجيع القطاع الخاص، وتكون لدينا إصلاحات تمكّن الدولة من إيقاف الهدر والفساد، وتعطي المواطن اللبناني ما يستحقّه من خدمات في البنى التحتية». وقال إنّ «مؤتمر سيدر يشكّل فرصاً مهمة لجميع اللبنانيين لينسجوا عقداً للاستقرار والنمو وفرَص العمل بين لبنان والمجتمع الدولي».
روما
وفي إطار الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر «روما 2»، إجتمع المشنوق امس مع كل من القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان إدوارد وايت، وسفير إيطاليا ماسيمو ماروتي، وقدّم اليهما ملفّات حول الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وعرض لهما الحاجات اللوجستية وغيرها، واستمع منهما إلى ما يمكن تحقيقه على هذا الصعيد خلال السنوات الخمس المقبلة». وسيستكمل المشنوق في الأيام المقبلة لقاءاته مع سفراء الدول التي ستشارك في هذا المؤتمر.
الموازنة
وفي ملف الموازنة العامة لسنة 2018، أنجزت اللجنة الوزارية المختصة في اجتماعها الثامن أمس موازنات كل الوزارات في شقّي النفقات الادارية والنفقات الاستثمارية، باستثناء وزارة الطاقة الذي اعتذر وزيرها سيزار ابي خليل عن الحضور. واتُّفِق على عقد اجتماع نهائي الحادية عشرة قبل ظهر غد في السراي الحكومي لإجراء مراجعة نهائية لمشروع الموازنة ورَفعه الى جلسة لمجلس الوزراء مخصّصة للموازنة سيتقرّر موعدها في الساعات المقبلة.
ورجّحت مصادر وزارية ان تنعقد بين غد او بعده أو الإثنين على أبعد تقدير، على ان تكون جلسة وحيدة. وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»: «مولود الموازنة بات جاهزاً وسيكون ابن 9 اجتماعات مُكتملاً وجاهزاً للإقرار بلا تعديلات، واذا اقتضى الأمر تُجرى تعديلات طفيفة جداً وقد تضمّنت الموازنة كلفة الكهرباء بقيمة 2100 مليار ليرة، وهذا الامر لا علاقة له بخطة الكهرباء».
واستبعدت المصادر «ان لا تحصل الموازنة على اجماع كافة القوى السياسية كونها كلها ممثّلة في اللجنة وتوافقت على القرارات والارقام والاجراءات». وكشفت «انّ قيمة التخفيضات على مشروع الموازنة ستصِل الى مليار دولار، وهو رقم جيّد كبداية ترشيق للانفاق».
وقال وزير الاتصالات جمال الجرّاح لـ«الجمهورية: «الامر لا يتعلق بإنجاز موازنة أو عدمه قبل الذهاب الى مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان، إنما المهم أن يرى المجتمع الدولي انّ هناك جديّة لدينا في مقاربة الموازنة والاصلاحات، وهناك بنود إصلاحية كثيرة تضمّنتها الموازنة والعِبرة في حسن التطبيق. مشكلتنا الاساس هي العجز الكامن في اتجاهين أساسيين، الكهرباء وخدمة الدين العام. وهذا يتطلّب مشروع إنفاق استثماري في البنى التحتية يؤدي الى زيادة حجم الاقتصاد وزيادة الواردات وتخفيض عجز الدين، وكلها حلقة مترابطة.
ففي الكهرباء لا نستطيع أن نحدّ من عجز الـ 2100 مليار ليرة إلّا بإنتاج اضافي ورفع التعرفة، كذلك يجب ان نعيد هيكلة الدين لكي نستطيع تخفيض العجز». وختم: «تمّ الاتفاق على ان تكون كل القروض المقدّمة في مؤتمر «سيدر» قروضاً ميسّرة لمساعدة لبنان، وهذا هو هدفه».