في حوار مع مجلة "الامن العام" اكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ان المفاوضات اللبنانية ـ الاميركية الاخيرة "بدأت سعيا الى حل توافقي". وبعدما قال ان قرار المجلس الاعلى للدفاع شدد على التصدي للجدار الاسمنتي ومنع بنائه على ارض لبنانية، اوضح ان تجربة "شجرة العديسة" يمكن ان تتجدد في اي لحظة "اذا اعتدت اسرائيل على ارضنا وحقنا. نحن نعمل على ترسيم كل حدود الدولة اللبنانية مع العدو، ولا اولوية بين الحدود البحرية او البرية".
وهنا الحوار:
* شاركت في عدد من اللقاءات العسكرية والسياسية والحكومية مع الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد. كيف تلخص موقف لبنان من بناء الجدار الاسمنتي والادعاء الاسرائيلي بملكية البلوك 9؟
- الموضوع يقسم الى شقين بري وبحري. بالنسبة الى الاول يمكن اعتباره تصحيحا لخطأ حصل عام 2000، وهذا الخطأ وقع في ظل وطأة الانسحاب الاسرائيلي والظروف التي احاطت بالعملية في حينه، وكان لهذا الخطأ ما يبرره. لذلك فإن ما نشهده اليوم يعتبر سعيا الى اعادة الحق الى نصابه، ما يعني ان الخط الاخضر او الحدود البرية المعترف بها دوليا بين لبنان وفلسطين المحتلة هو الهدف في كل الاتصالات بالنسبة الى ما يجري. اما الشق الثاني، فيتعلق بالحدود البحرية، او ما يسمى الخط الابيض. عام 2012 جاء الموفد الاميركي السيد فريديرك هوف واقترح في المفاوضات التي اجراها اقتسام المنطقة البحرية التي نتمسك بملكيتها بأن نحصل على 55% من حقنا من المساحة الاقتصادية الخالصة في البحر، كحل وسط بيننا وبين العدو الاسرائيلي. وهو ما رفضه الجانب اللبناني في حينه، ولم نزل على موقفنا. الآن هناك محاولة لتصويب الوضع، والمحادثات مستمرة في هذا الاتجاه.
* هل صحيح ان ساترفيلد ابدى تمسكا بالصيغة التي طرحها هوف كما هو متداول، ام انه طرح ما يمكن تسميته العودة الى النقطة الصفر؟
- السيد ساترفيلد طرح في المفاوضات التي يجريها صيغة جديدة، لا يمكن القول انه عاد الى النقطة الصفر، وهو يحاول جاهدا التوصل الى حل يتم التوافق في شأنه بين الطرفين. ان اردتم الدخول في التفاصيل، فما استطيع قوله ان المفاوضات ما زالت مستمرة حول ما هو مطروح، ونحن نستكمل عملنا في شأن الملف بشكل طبيعي.
* كم هو عدد البقع التي لا يزال لبنان يتحفظ عنها على الخط الازرق؟
- البقع التي لنا الحق بها والتي هي الفارق في المساحة التي احتفظ بها العدو الاسرائيلي بين الخط الازرق او ما يسمى خط الانسحاب والخط الاخضر الذي هو الحدود البرية الدولية المرسمة عام 1923، والمثبتة باتفاق الهدنة عام 1949، عددها 13. هذه البقع هي في حساباتنا خارج ما لنا من اراض في مزارع شبعا وبلدة الغجر التي يحتفظ بها العدو. في كل اللقاءات والاجتماعات التي اجريناها في هذه المرحلة والتي سبقتها اشدد على أن شبعا والغجر منطقتان خارج موضوع المفاوضات الحالية.
* اذا استكملت اسرائيل بناء الجدار داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، ما سيكون موقف لبنان وهل يمكن اعتباره خط الحدود الجديد؟
- كلا، لا يمكن في اي حال من الاحوال اعتباره حدودا. من المؤكد ان اسرائيل تستطيع ان تبني الجدار اينما ارادت من ضمن الاراضي التي تحتلها في داخل فلسطين. لكن بالتأكيد لن يكون خط حدود. الخط النهائي المقدس بالنسبة الينا هو خط الحدود المعترف به دوليا، وهو الخط الاخضر الذي رسم عام 1923 ابان الانتداب بالتفاهم بين الفرنسيين والبريطانيين، وجاء اتفاق الهدنة عام 1949 ليؤكد هذا الخط كما سبق واشرت.
* من هو المستفيد من هذا الجدار، وهل تعتقد انه سيوفر الامن لاسرائيل؟
- كل هذه الجدران التي تبنيها لن توفر امنا. اسرائيل بسياستها التي تصر على بناء الجدران في الضفة وغزة ومناطق اخرى انما هي تعزل نفسها، وانه لا يمكن لها ان تعيش مع محيطها. وهي تسعى الى ان تظهر للعالم بأنها مظلومة ومضطهدة ومضطرة الى بناء الجدار لتحمي نفسها. في رأينا هذا كل ما في الامر.
* القرار 1701 قال منذ صدوره بوقف العمليات العسكرية. وهذا يعني ان ليس هناك اي وقف للنار بين اسرائيل ولبنان. متى يمكن وكيف نصل الى وقف نار شامل وفي اي وضع يمكن ان يتحقق ذلك ما لم يطرأ تعديل على هذا القرار؟
- نحن نتنظر المفاوضات الجارية. اذا نجحت يجب ان نصل في النهاية الى وقف نار نهائي. حتى تلك اللحظة موقفنا واضح. لا وقف نهائيا لاطلاق النار الا بعد تحرير كل الاراضي اللبنانية المحتلة.
* واذا استكملت اسرائيل بناء الجدار واعتدت على المناطق التي يتحفظ عنها لبنان، ما الذي يمكن ان نتوقعه كرد فعل لبناني؟
- اذا بدأ العدو بناء الجدار في البقع المتحفظ عنها، سنكون امام واقع جديد وعندها ستكون العودة الى ما تقرر في المجلس الاعلى للدفاع ملزِمة. لمن يجب ان يعرف، القرار الذي اتخذ واضح وهو قال بمنع قيام هذا الجدار والتصدي لهذا العمل.
* في حال حصل اي تطور عسكري، هل تتوقع ان تتجدد حادثة "شجرة العديسة"؟
- كل شيء ممكن. اذا تم الاعتداء علينا وعلى حقوقنا كل شيء وارد وممكن.
* هل من معايير محددة تطبق اذا وقع الصراع بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي بالمفهوم العسكري؟
- هذا الموضوع في شكله ومضمونه لا يمكن اعتباره سوى انه للحفاظ على حقوق دولة، حقوق وطن. المنطقة المتحفظ عنها وتلك التي يحتمل ان تعتدي عليها اسرائيل هي ثروة وطنية وحقنا في ترابنا وارضنا. الامر لا يقاس بالقول انه موضوع يعني طرفا او اطرافا. هذه حقوق للدولة اللبنانية بكل اطيافها، وحقوق وطنية مقدسة.
* الى اي مدى تراهن على دور الامم المتحدة؟ هل صحيح ان هناك طلبا لبنانيا بضم مندوب اميركي الى اللجنة الثلاثية في الناقورة؟ هل هناك من اولوية لحل المشكلة في البر على ما يجري في البحر؟
- نحن كدولة لم نطلب شيئا من هذا القبيل. نحن نعمل تحت علم الامم المتحدة ونسعى الى ان يستمر العمل تحت هذا العلم برا. لكن الترسيم في البحر امر آخر. رغم الفارق بين الامرين يمكن الامم المتحدة، من طريق "اليونيفيل"، ان تتولى ترسيم الحدود البحرية. لكن هذا الموضوع في حاجة الى موافقة الطرفين. لبنان يرحب بأية وساطة يمكن ان تؤدي الى استعادته حقوقه كاملة. في الحالات جميعها لا يوجد لدينا اي اولوية بين ترسيم الحدود البرية او البحرية على حدة. نحن نعمل على ترسيم كل حدود الدولة اللبنانية.