يطلّ اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار، ليذكّر بأهمّية رفع التمييز عن النساء. كل الدول من حول العالم تسير باتّجاه تحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل على صعيد الحقوق والواجبات والقانون... دول كثيرة تحقّق إنجازات وخطوات متقدّمة جداً وغيرها يمشي بوتيرة سلحفاة، على غرار لبنان.
صحيح أنّ تغيير واقع النساء في وطننا أبصر النور ولكنه ينمو ببطء، ويعيقه تمسّك النظام الطائفي ورجالاته برسم دولة تخنق أبناءها وبناتها يومياً باسم الطوائف والدين والسياسة المفصّلة على قياس بعض الشخصيات، بدل العمل على تطوير المجتمع. وأبلغ دليل على ذلك وضع الللبنانيات على مشارف الانتخابات.
هنّ ناشطات
لو بحثنا ودقذقنا لوجدنا أنّ تنظيم أيّ مؤتمر لحزب سياسي أو التحضير لأيّ مهرجان انتخابي أو فوز أيّ زعيم بمنصب منذ عشرات السنين تقف وراءه نساء. هنّ يعملن بصمت ويشاركن ويدعمن ويضحّين إلّا أنهنّ يهمَّشن، تحت راية تقديس وصول الرجال وحكمهم للمجتمع، وأيّ حكم!
هم يقررون وأنتِ تدفعين الثمن من قوانين تهمّشك، إلى بطالة تتآكلك، إلى سياسات اقتصادية مهترئة تغرّب أبناءكِ وبناتكِ وربما إلى غير رجعة. نسبة النساء خريجات الجامعات في لبنان تصل إلى 54 في المئة، أما حضور المرأة في سوق العمل اللبناني فلا يتخطّى الـ 26 في المئة، فأين بقية المتخرّجات والنساء؟
يعانين البطالة؟ لا يتلقين الدعم ليشاركن في صناعة وتقدّم مجتمعهن؟
يهرُبن من تحرّش مدير متوحش في شركة ما فيجدن أنفسهن في المنزل أو يضطررن إلى السكوت والتحمّل والرضوخ وإلّا لا يتقدّمن أبداً في العمل. كل ذلك في غياب قانون يحميهن من التحرّش في الأماكن العامة! تهمّشهن الشركات من خلال تخصيص مناصب لهن برواتب أقل من الرجال. وغالباً ما لا يكفي راتب أيّ امرأة ثمن حضانات لأطفالها وأجرة مدبرة منزل تعوّض غيابها أثناء عملها خارج البيت.
كل هذه المشكلات تحتاج فعلياً لرسم سياسيات إنمائية تُخرج النساء من واقعهن حيث تعاني كل واحدة على حدى ومعاناة الجميع واحدة. علماً أنّ دراسات لصندوق النقد الدولي تؤكّد أنّ رفع مشاركة النساء في المجال الاقتصادي بنسبة 25 في المئة تدخل 9 مليارات دولار إضافية على خزينة الدولة.
كل الدول سبقتنا
ليت يوم المرأة العالمي في بلدنا يوم للاحتفال، فالواقع جعله يوماً للنق ومتابعة النضال بينما تمسك النساء لوائح طويلة من المطالب يحتاج تحقيق كل مطلب منها سنوات من الصراخ والمطالبة.
نظرة على البرلمان اللبناني تكشف عدداً هائلاً من الذكور يصل إلى 97 في المئة، بينما ربع البرلمان العراقي من النساء، وتشكل النساء 27 في المئة من البرلمان في أفغانستان حيث أُقرّت كوتا تحجز لهنّ ما لا يقل عن 20 في المئة من المقاعد.
وفي لبنان لا كوتا ولا مَن يحزنون! وسط إبعاد النساء عمداً من مواقع صنع القرار على يد أحزاب تعد ولا تفي. وفي ظلّ قانون يرتكز على الصوت التفضيلي، ترشيح بضعة نساء معدودات «لرفع العتب»، لا يجنّبهن السقوط «فرق عملة».
أين نحن؟
تؤكد دراسات صادرة عن هيئة الأمم المتحدة أنّ دولاً كثيرة في العالم تفرض اجراءات على الأحزاب السياسية التي لا تلتزم بتخصيص حصة للنساء. في الإكوادور والأرجنتين والسنغال والباراغواي تُرفَض القوائم التي لا تستوفي شروط حصص الترشّح المحدّدة للنساء، أو تحرم من المشاركة في الانتخابات. وفي رواندا وكينيا تُعتبر المجالس النيابية التي لا تستوفي شروط الحصص غير دستورية.
أما في بلجيكا والبرازيل فتبقى المناصب المخصّصة للنساء والتي لا يتم إشغالها مفتوحة. وتخضع الأحزاب التي لا تلبّي شروط حصص المرشحات الإناث لجزاء مالي في بوليفيا وبوركينافاسو وكولومبيا وكرواتيا وفرنسا وجورجيا وأيرلندا وكينيا والنيجر والبرتغال، بينما أنشأت الدولة في نيجيريا صندوقاً ائتمانياً لدعم المرشحات مادياً.
على مشارف يوم المرأة العالمي تنظر لبنانيات كثيرات إلى نساء دول أخرى بعين الغيرة والإعجاب بينما كنّ يعتقدن أنفسهن متقدّمات أكثر منهن بكثير. علّنا يوماً نكسر جدران التخلّف الذي يكبّلنا فنتمكّن من الاحتفال بيوم المرأة العالمي بدل العويل والبكاء على أطلال زمن كان لبنان فيه أوّل دولة منحت حقّ الترشح والاقتراع للنساء في محيطها سابقةً سويسرا بعشرين عاماً.