حاول سعاة الخير طوال الفترة الماضية حلّ العقد وتقريب وجهات النظر بين «الكتائب» و»القوات»، لأنّ الحزبين سيواجهان العزلَ معاً، فحزب الكتائب هو أصلاً خارج تركيبة السلطة، و»المجتمع المدني» بجزئه الأكبر يرفض التحالف معه في اعتبار أنه كان في السلطة، بينما واجهت «القوات» محاولات العزل بعد عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته وما رافقها من تداعيات.
ويبدو أنّ قضاء البترون شكّل العقدة الأكبر في وجه تحالف كتائبي- قواتي كان سيشمل معظم الدوائر المسيحية. ويعتبر حزب الكتائب أنّ خروجه من البترون وتخلّي النائب سامر سعادة عن ترشيحه هو خروج من الشمال كله، بينما تطرح «القوات» أن يخوض سعادة الإنتخابات الى جانب مرشحها في البترون.
ولم يُسجّل أيُّ إنفراج في هذا السياق، فالإتصالات مستمرّة بين الحزبين، والحوار يدور على دائرتين هما: بعبدا، وكسروان- جبيل، على رغم تأكيدات كتائبية أنّ الإتصالات تجرى مع النائب السابق فريد هيكل الخازن والنائب السابق فارس سعيد في كسروان - جبيل، كذلك، مع «القوات اللبنانية»، «مع معرفتنا صعوبة إبرام تحالف عريض بين جميع هذه القوى».
لكنّ المفارقة، أنّ النائب نديم الجميل نجح في وضع الجميع أمام أمر واقع، متخطّياً الإعتبارات في بقية المناطق، وقد استشعر أنّ عدم التحالف بين «القوات» والكتائب سيؤدّي الى خسارة الطرفين في دائرة يحظى فيها الرئيس الشهيد بشير الجميل برمزيّة خاصة، وأعطت قوى «14 آذار» 5 نواب من أصل 5 في إنتخابات 2009.
وثبّتت الإتصالات الأخيرة تحالفَ كلٍّ من النائب نديم الجميل، و»القوات اللبنانية» التي رشّحت المهندس عماد واكيم، والوزير ميشال فرعون، ويستكمل هؤلاء الأفرقاء الإتصالات لتأليف لائحة من 8 مرشحين، حيث تضمّ هذه الدائرة 3 مقاعد أرمن أرثوذكس، ومقعد لكل من الأرمن الكاثوليك، الأقليات، الموارنة، الأرثوذكس، الكاثوليك.
وتحاول هذه اللائحة جذبَ تيار «المستقبل» الى صفوفها، خصوصاً أنّ هناك عدداً لا يُستهان به من الناخبين السنّة، إضافة الى بعض الشخصيات والأحزاب الأرمنية المتحالفة مع «المستقبل»، لكنّ الصعوبة هي في اتّجاه «المستقبل» الى التحالف مع «التيار الوطني الحرّ» في هذه الدائرة وفي العدد الأكبر من دوائر لبنان.
ولا يمانع فرعون في انضمام النائب والوزير جان اوغاسبيان الى لائحته، على رغم الخلاف الذي نشب بينهما منذ مدّة، خصوصاً إذا رشّحه تيار «المستقبل»، لكن لا مؤشرات جدّية الى ولادة لائحة من هذا النوع، فيما بات مستبعَداً إبرام إئتلاف عريض بين قوى «14 آذار» و»التيار الوطني الحرّ» وحزب «الطاشناق» صاحب الحضور الأقوى بين أرمن الأشرفية، والذي كان يعاني من عدم قدرة الأرمن على اختيار مرشحيهم نتيجة القانون الأكثري.
لا شك في أنّ الكتائب و»القوات» يأكلان من الصحن نفسه، ومن الصعب جداً الفصل بين القواعد الجماهيرية، خصوصاً أنّ النائب نديم الجميل شكّل علامة التقاءٍ بين الحزبين، حيث أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه لا يريد أن يُقال عنه إنه أقفل بيت بشير الجميل.
وإذا كان وجود الجميل على لائحة فيها مرشّح «القوات» قدّ حلّ نصف المشكلة، إلاّ أنّ المشكلة الأكبر تكمن في توزيع «الصوت التفضيلي»، ففي السابق كان النظام الأكثري يسمح للناخبين بالتشطيب أو انتخاب عدد من المرشحين، أما في النظام النسبي فالصوت التفضيلي يُمنح لمرشح واحد.
من هنا ستعمل الأحزاب على رفع الحاصل الإنتخابي للائحة لتأمين فوز مرشحيها، لأنّ خسارة أيٍّ من الجميل أو واكيم تشكّل نكسةً لحزبيهما اللذين يعتبران الأشرفية أحد أهم معاقلهما.