حددت المحكمة العسكرية في لبنان الرابع من أيار المقبل، موعداً لمحاكمة خلية تابعة لتنظيم داعش، نفذت عملية فاشلة كانت تهدف لتفجير طائرة ركاب مدنية تابعة لشركة «الاتحاد» الإماراتية، بواسطة عبوتين ناسفتين، وقتل جميع ركابها الذين يفوق عددهم الـ400 شخص، أغلبهم إماراتيون ولبنانيون وأستراليون.
وتتألف الخلية التي كشف القضاء العسكري النقاب عنها، من أربعة أشقاء لبنانيين ونجل أحدهم، بينهم موقوف واحد هو عامر محمود الخياط، بالإضافة إلى أشقائه الموجودين خارج لبنان طارق محمود الخياط (مقيم في سوريا)، محمود محمود الخياط، خالد محمود الخياط، ونجل الأخير محمد خالد خياط (يقيمون في مدينة سيدني الأسترالية)، وقد أسندت إليهم جرائم «الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي، وتحضير وتجهيز عبوتين ناسفتين ومحاولة إدخالهما إلى طائرة (الاتحاد) الإماراتية الضخمة، بقصد تفجيرها فوق مدينة سيدني وقتل كافة ركابها، لكن العملية لم تنجح لأسباب خارجة عن إرادتهم».
المحاكمة المرتقبة مطلع شهر ايار المقبل، ترتكز إلى القرار الاتهامي الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري آلاء الخطيب، وما تضمنه من معلومات، كشفت الفصول الكاملة للمخطط الإرهابي، وهي مستمدة بمعظمها من اعترافات الموقوف عامر الخياط، وتضمنت وقائع القرار أنه «بإطار رصد نشاط وتحركات اللبنانيين المتواجدين في الخارج، المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش الإرهابي، وتواصلهم المشبوه مع أقاربهم المتواجدين في التنظيم، سواء في لبنان أو سوريا، تبين أن اللبناني طارق الخياط المقيم في مدينة الرقة السورية مع عائلته، يتولى مسؤولية قيادية في التنظيم، وبنتيجة عمليات الرصد والاستقصاء، تم التأكد بأنه يتولى عمليات التخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية خارج سوريا، فتم رصد أشقائه عامر وخالد ومحمود المتواجدين في مدينة سيدني ويحملون الجنسية الأسترالية، وتوفرت معلومات عن حضور شقيقه عامر الخياط بزيارة إلى لبنان في عطلة عيد الفطر خلال صيف العام 2017، ولدى وصوله إلى لبنان، وضع تحت المراقبة المكثفة، بعد التأكد من تواصله مع شقيقه طارق القيادي في تنظيم داعش».
ونتيجة تبادل المعلومات مع السلطات الأسترالية، أوقفت شرطة سيدني في أواخر شهر تموز، الأخوين خالد ومحمود الخياط، بشبهة التورط في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي يستهدف إحدى الطائرات المتوجهة من سيدني إلى أبوظبي (وفق ما جاء في القرار الاتهامي) الذي أكد أن «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في لبنان، كثفت جهودها للتأكد من وجود دور للمدعى عليه عامر الخياط، ومعرفة ما إذا كان متورطاً في المخطط، وبنتيجة معطيات تقنية واستعلامية، ثبت تورط عامر في المخطط الإرهابي الذي كان ينوي الإخوة الأربعة تنفيذه في أستراليا، فجرى توقيف الأخير على الفور».
العملية دُبّرت في الرقة وتقرر تنفيذها فوق سيدني
وعلى أثر خضوعه للتحقيق، اعترف عامر الخياط في إفادته بأن شقيقه طارق المتواجد في سوريا «هو أمير ومسؤول شرعي في تنظيم داعش الإرهابي، وقائد مجموعة مسلحة داخل الرقة، وأن شقيقه خالد المقيم في أستراليا متشدد دينياً ومبايع للتنظيم، ويتواصل مع شقيقه طارق بصورة سرية عبر تطبيقات الإنترنت؛ تجنباً لرصد هذا التواصل»، مؤكداً أنه «خلال عطلة عيد الفطر طلب منه خالد أن يقوم بإرضاء الله من خلال تنفيذ عملية انتحارية على متن طائرة إماراتية تحديداً وليس أي طائرة أخرى، خلال عودته من أستراليا إلى لبنان، بحيث يتم تفجير الطائرة بعد إقلاعها بعدة دقائق».
وبنتيجة هذا الطلب «اقتنع عامر بالفكرة وآمن بها، (يضيف القرار القضائي) وحجز تذكرة سفر على متن طائرة (الاتحاد) الإماراتية، في الرحلة المتوجهة من سيدني إلى أبوظبي في 15 تموز الماضي، وقام خالد الخياط بتزويد شقيقه عامر بآلة كهربائية عبارة عن فرّامة لحمة، وضعها في حقيبة اليد العائدة لعامر، وأبلغه بأن العبوة الناسفة بداخلها ولن يتم تفتيشها عبر آلة السكانر؛ كونها موضوعة في حقيبة اليد، كما سلمه لعبة (باربي) بلاستيكية، وأخبره بأنها مفخخة أيضاً، وطلب منه أن يحملها بيده ويدخل بها إلى الطائرة، ويكون بذلك تم إدخال العبوتين، ليصار إلى تفجيرهما بعد إقلاع الطائرة بوقت قصير، باعتبار أن العبوتين مجهزتان بساعة توقيت عكسي (Timer)».
بعد تجهيز العبوتين وتوضيبهما، توجه الأشقاء عامر وخالد ومحمود الخياط إلى المطار بسيارة الأخير، وهناك نزل خالد وعامر ودخلا المطار، وبقي محمود منتظراً داخل السيارة، ولدى قيام خالد بمرافقة شقيقه إلى مكتب شركة طيران «الاتحاد» الإماراتية للتأكد من وزن الحقائب، طلبت الموظفة من عامر عدم إدخال اللعبة معه إلى الطائرة بسبب الوزن الزائد لحقيبة اليد التي يحملها، عندها وخوفاً من افتضاح الأمر قام خالد الخياط بأخذ اللعبة وفتح حقيبة اليد وأخرج منها آلة فرم اللحمة، ثم غلفها ببعض الألبسة وغادر مسرعاً، في حين أكمل عامر رحلته إلى أبوظبي ومنها إلى بيروت على متن الطائرة نفسها، ولم تتم العملية لأسباب خارجة عن إرادة المتهمين. وقد أقر عامر بأن شقيقه خالد ونجله محمد «قاما بتجهيز العبوتين، بالتنسيق مع شقيقه طارق الخياط الذي قام بوصلهما بخبير متفجرات تابع لتنظيم داعش في الرقة».
وخلص قاضي التحقيق العسكري في قراره، إلى الطلب من المحكمة إنزال عقوبة الإعدام بحق المتهمين الخمسة المذكورين، مستنداً إلى مواد في قانون العقوبات وقانون الإرهاب، وقد سارع رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله، إلى تحديد الرابع من مايو المقبل، موعداً لبدء المحاكمة العلنية.
يوسف دياب