تندرج زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى طهران ضمن جهود باريس لإيجاد نقطة توازن تقنع إيران بضرورة الامتثال لرغبات المجتمع الدولي بالتوقف عن لعب أدوار لا تساعد على إرساء السلم والازدهار في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سيصل إلى طهران ويبحث عددا من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن قاسمي القول إن لودريان سيلتقي خلال الزيارة، التي تستمر يومين، الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف.
وكان من المفترض أن يقوم لودريان بزيارته لطهران في يناير الماضي إلا أن الزيارة تأجلت بسبب المظاهرات التي اندلعت في العديد من المدن الإيرانية خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين.
وتقول مصادر قريبة من وزارة الخارجية الفرنسية إن الوزير الفرنسي يتوجه إلى طهران مستندا على مواقف فرنسية جرى الإعلان عنها خلال الأشهر الماضية، سواء على لسانه أو على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن برنامج إيران الصاروخي وسلوك طهران في المنطقة.
وكان ماكرون قد أعلن في سبتمبر الماضي على هامش المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة أن “الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 لم يعد كافيا”، وكرر هذا الموقف في زيارته للإمارات في نوفمبر الماضي.
وذكرت مصادر إعلامية في باريس أن دبلوماسيا أميركيا زار العاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي، نصح لودريان “بممارسة ضغوط على الإيرانيين لكي يحترموا المعايير الدولية لمكافحة أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان”.
نتائج زيارة لودريان لطهران ستحدد مصير الزيارة التي أعلن الرئيس ماكرون قبل أشهر عن عزمه القيام بها إلى إيران
ولدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى 12 مايو المقبل ليمدد أهلية الاتفاق النووي مع إيران والموقع عام 2015، لكنه اشترط إضافة “شروط جديدة تتعلق بالبرنامج الصاروخي وأنشطة إيران الإرهابية”. كما أن واشنطن تنتقد رفع القيود عن البرنامج النووي عام 2026.
ورغم أن الولايات المتحدة هي عضو من بين مجموعة 5+1 التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن المراقبين يجمعون على أن انسحاب واشنطن من الاتفاق سيؤدي إلى انهياره وصعوبة صموده حتى لو تمسكت به بقية الدول الأربع.
وكان لوديان قد كرر أثناء زيارته لموسكو الثلاثاء الماضي “رفض فرنسا لسياسة الهيمنة” التي تمارسها إيران كما رفضها لبرنامجها للصواريخ الباليستية.
وقال الوزير الفرنسي في مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الروسي سيرجي لافروف “نعتبر أن طموحات إيران بامتلاك قدرات صاروخية باليستية مثيرة للقلق وتتعارض مع القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن”، مضيفا أن “هذا ما سوف أبلغه للسلطات الإيرانية الاثنين المقبل”.
وتعتبر أوساط سياسية فرنسية مطلعة أن نتائج زيارة لودريان لطهران ستحدد مصير الزيارة التي أعلن الرئيس ماكرون قبل أشهر عن عزمه القيام بها إلى إيران خلال هذا العام.
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية “سنقول للإيرانيين بأنه بإمكاننا أن نفهم هواجسهم الأمنية، لكن صاروخا باليستيا يصل مداه إلى 5 آلاف كيلومتر لن نرى فيه أي ضرورة. هناك تطوير باليستي لا يتطابق مع ضرورات الدفاع″.
وأضافت هذه المصادر أن لدى الفرنسيين “العزم على تطوير الحوار معهم لكن دبلوماسيتهم العسكرية تسبب عدم الاستقرار في المنطقة، وأنه إذا استمروا في برنامجهم للصواريخ الباليستية فسينتهي الأمر إلى المزيد من العقوبات”.
ويقول مراقبون إن التحرك الفرنسي يستند على موقف أوروبي يتراوح ما بين التمسك بالاتفاق النووي مع إيران وفق الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية أوروبيين مع وزير الخارجية الإيراني في بروكسل في يناير الماضي، وانتقاد برنامج إيران الصاروخي وسياسة طهران في بلدان المنطقة وفق ما صدر عن لندن وبرلين إضافة إلى لندن في الأسابيع الأخيرة.
ورغم عدم ثقة المراقبين للشؤون الإيرانية بإمكانية أن تكون إيران إيجابية إزاء الضغوط الدولية، إلا أن بعضهم يرى في التحرك الفرنسي فرصة لإيران لتطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي لا سيما إثر انكشاف أزمتها الاقتصادية وما تسببه من انهيار للعملة الإيرانية ومن قلاقل داخلية.