ذكرت مجلة فورين بوليسي الأميركية، ان الوقت لم ينفد أمام الولايات المتحدة لمنع إيران من تحويل سوريا إلى ممر جوي لها، وذلك من خلال وضع حد للسياسات الأميركية المضللة التي شجعت إيران على الاستمرار في جهودها لتحويل سوريا إلى قاعدة متقدمة لها
 

وتشير المجلة إلى أن التقييمات التي كانت تصدر سابقاً كانت تحذر من مغبة نجاح إيران في إنشاء ممر بري يصل طهران بالبحر الأبيض المتوسط دون عوائق، وهو الجسر الذي سيربط إيران بحلفائها في كل من سوريا ولبنان، الأمر الذي يوفر إمكانية أمام إيران لشن هجمات على "إسرائيل".

ولكن الحقيقة أن إيران ليست بحاجة إلى وجود ممر بري في ظل وجود ممر جوي، وهو الذي استخدمته إيران منذ العام 2011 لنقل الآلاف من المقاتلين وأطنان الأسلحة إلى دمشق، في إطار دعمها للنظام السوري.

في العام 2011 استكملت الولايات المتحدة انسحابها من العراق، في الوقت الذي كان الرئيس بشار الأسد يواجه ضغوطاً كبيرة من قبل شعبه في ربيع ذلك العام، قبل أن يتحول الصراع إلى دموي، ومع تقلص دور الولايات المتحدة ونهاية وجودها في العراق، قامت حكومة بغداد بفتح مجالها الجوي أمام الطائرات الإيرانية للمرور إلى سوريا.

ولم تقم إداراتا الرئيس السابق باراك أوباما، واللاحق دونالد ترامب، بالكثير لتعطيل هذا الممر الجوي، فقد تمكنت إيران من خلاله من تطوير ترسانة "حزب الله" لتكون أفضل ممَّا كانت عليه عند اندلاع حرب العام 2006 مع "إسرائيل"، كما نجحت بنقل التكنولوجيا اللازمة لإنشاء مصنع للصواريخ، معززة بذلك قدرة الحزب في أي مواجهة مقبلة مع تل أبيب.

وتابعت المجلة: وجود جسر جوي يربط طهران بحلفائها في سوريا ولبنان وفر عليها الكثير من الجهد في عمليات النقل البحري، التي كانت تعتمدها سابقاً لنقل السلاح عبر الموانئ الإيرانية وصولاً إلى سوريا، خاصة مع الحظر الدولي المفروض على إيران.

وسعت إيران إلى مد حلفائها بالسلاح عبر البحر والبر والجو، وكانت كثيراً ما تبحث عن الطرق المناسبة لذلك، ولعل واحدة منها ما كانت تقوم به طهران من إرسال شحناتها بالطائرات إلى المطارات العراقية ومنها براً إلى سوريا.

وتشير المجلة إلى أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، وفي أوج الحصار الذي كان مفروضاً على النظام في دمشق من قبل المعارضة السورية، نسق مع موسكو لإطلاق أكبر عملية لنقل الأسلحة والمعدات إلى سوريا، مستخدماً العشرات من شركات الطيران التجارية الإيرانية والسورية.

وتقول المجلة إنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تعترض الطائرات الإيرانية وتفتشها وتستولي عليها كما تفعل مع سفنها، إلا أن قصف مدارج مطار دمشق قد يعرقل بشكل مؤقت هذا الجسر الجوي، ولكن يبقى أن لدى سوريا مطارات مدنية أخرى، مثل مطار اللاذقية، وقصف مطار كهذا يمكن أن يثير غضب روسيا، ومن ثم فإن البديل يتمثل في فرض عقوبات جديدة على شركات الطيران الإيرانية، وعدم السماح لإيران باستغلال رفع العقوبات لتجديد أسطولها الجوي، وهي التي تعاقدت لشراء نحو 300 طائرة من شركتي بوينغ وأيرباص.

وكما تقول الفورين بوليسي فيمكن للولايات المتحدة منع هذه الصفقات التي لا يمكن المضي بها دون الحصول على تراخيص تصدير من وزارة الخزانة الأمريكية، والتي يمكن أن تفرض شرطاً بأن لا تستخدم هذه الطائرات إلا لأغراض تجارية، وهو إن وافقت عليه إيران فإن بإمكانها أن تسير جسرها الجوي إلى سوريا من خلال الطائرات القديمة التي لا تكون مشمولة بهذا الشرط.

وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن الطائرات الإيرانية اليوم تقوم بمهمة دعم القتل اليومي للشعب السوري، وأيضاً فتح باب التصعيد مع "إسرائيل"، ومن ثم فإن السماح لإيران بشراء طائرات جديدة سيكون مؤشراً واضحاً على أن البيت الأبيض عاجز عن تعطيل مسار إيران الحتمي نحو الحرب.