لم تحدد معظم القوى السياسية، وخصوصا المسيحيّة منها، طبيعة تحالفاتها ولوائحها الانتخابية بإنتظار قرار رئيس الحكومة سعد الحريري. تلك المسألة تؤكد حاجة تلك القوى نفسها للدعم المستقبلي. القضية ليست سياسية، بل تتعلق بالأصوات التي يستطيع التيار الازرق تأمينها للوائح في معظم الدوائر. في حال قرر "الشيخ سعد" التخلي عن التحالف مع التيار "الوطني الحر"، سيُربك التيار البرتقالي والتحالفات والمرشحين.
في الساعات الماضية سرت معلومات عن توجه الحريري للتحالف فقط مع "الكتلة الشعبيّة" في دائرة البقاع الاوسط. دبّ الارباك في صفوف معظم المرشحين في زحلة: اولاً، يختلط مشهد التحالفات بين القوى. يصبح حينها "الوطني الحر" بناء على طلب "حزب الله"، مكوناً اساسيا في لائحة يشكلها النائب نقولا فتوش، وتضم "الثنائي الشيعي" وأحزاباً وشخصيات. هذا يرتّب استبعاد عدد من المرشحين الطامحين سواء حلفاء فتوش أو "الوطني الحر"، وتبديل الخطاب الانتخابي عند مرشحي اللائحة. ثانيا، المشهد نفسه ينسحب على الاحلاف الاخرى: من يتحالف مع من؟ الأهم هو خلط حسابات الفوز في النتائج النسبية بحسب الطوائف. مثلاً: هل تستطيع لائحة "الوطني الحر"-فتوش-"الثنائي الشيعي" الفوز بمقاعد الماروني والكاثوليكي والارثوذكسي معاً الى جانب المقعد الشيعي؟ بالتأكيد، لا. بينما قد تستطيع القوى نفسها تأمين الفوز بتلك المقاعد في حال توزعت في لوائح.
في بعلبك-الهرمل، الأمر يتكرر. مجرد ابتعاد "المستقبل" عن "الوطني الحر" يعني ان الأخير سيعمد الى الانضمام الى أحد السيناريوهين: اما التحالف مع "الثنائي الشيعي". أو تشكيل لائحة تتحالف مع عائلات، في ظل إستبعاد التحالف مع "القوات" في البقاع الشمالي. السيناريو الثاني هو الارجح، نتيجة اصرار التيار البرتقالي على ترشيح محازبين في المقعدين الماروني والكاثوليكي ورفضه الاسماء التي يتبناها "حزب الله" في هذه الدائرة. لكن استطلاعات الرأي التي جرت تشكّك في امكانية تأمين "الوطني الحر" الحاصل الانتخابي من دون تحالفات مع القوى السياسية الاساسية في هذه الدائرة.
المشهد ذاته في دائرة البقاع الغربي-راشيا. التيار الازرق قادر على خوص الانتخابات بتحالفه فقط مع الحزب "التقدمي الاشتراكي"، من دون الحاجة الى التحالف مع "الوطني الحر" أو "القوات". عندها سيلجأ التيار البرتقالي الى الانضمام للائحة يترأسها الوزير السابق عبدالرحيم مراد وتضم مرشح حركة "أمل" محمد نصرالله والنائب السابق فيصل الداوود. الارباك سيصيب مرشحين مسيحيين طامحين للانضمام الى لائحة مراد، وموعودين بخرق لائحة التيارين البرتقالي والازرق، بالمقعدين الماروني والارثوذكسي تحديدا.
لا يستطيع "الوطني الحر" خوض الانتخابات من دون تحالفات وازنة في هذه الدائرة، لعدم قدرته على تأمين الحاصل الانتخابي بحسب معظم استطلاعات الرأي. بينما يقدر الحريري على تأمين نجاح ثلاثة مرشحين من اصل ستة في البقاع الغربي-راشيا.
يتبين في كل دوائر البقاع ان تحالف التيارين الازرق والبرتقالي لا يصب في مصلحة الحريري انتخابياً. هذا ما أظهرته ماكينته بالارقام، بينما يشكل "المستقبل" رافعة للتيار "الوطني الحر" في كل دوائر البقاع.