كتبت صونيا رزق في صحيفة "الديار": ينشغل بال السياسييّن في لبنان في الانتخابات النيابية لان الاغلبية منهم مرشحة من ضمن مجلسيّ النواب والوزراء، فالاستحقاق على الابواب والاستعدادات على نار حامية، كما ان جولات السياسييّن في المناطق تفوق التوقعات والاتصالات جارية بالناخبين على قدم وساق، انطلاقاً من هنا تبدو الملفات العالقة غائبة او منسية او مؤجلة ومن ضمنها إقرار موازنة العام 2018 التي طمأن عنها وزير المالية علي حسن خليل قائلاً: بأن الحكومة قد توافق عليها قبل منتصف آذار الجاري، لان على لبنان المثقل بالديون الانتهاء بأسرع وقت من خطط الإنفاق قبل مؤتمر المانحين المقرر في 6 نيسان المقبل، اذ لا يحق له طلب المساعدات خلال المؤتمر قبل إقرار موازنة 2018، على ان تحال الى المجلس النيابي للموافقة عليها نهاية هذا الشهر.
مع الاشارة الى ان تقرير صندوق النقد الدولي اعتبر بأن إقرار موازنة 2018 والتجهيز لمؤتمر باريس قد يوفران فرصاً لإطلاق إصلاحات يحتاجها لبنان كثيراً.
الى ذلك وفي ظل هذا التباطؤ في عملية الاقرار تشير مصادر خبيرة في عالم الاقتصاد الى ان التأخير في مناقشة مشروع الموزانة وصل الى خمسة أشهر، وهذا يعني عدم احترام المهل الدستورية وبالتالي القلق، اذ كان على الحكومة أن تبدأ بمناقشة هذا المشروع منذ شهر ايلول، معتبرة بأن التوافق السياسي في الحكومة مطلوب اليوم بقوة لانه التحدّي الذي تواجهه الموازنة .
ولفتت المصادر الى ان الفوائد الداخلية ارتفعت بنسبة 2% تقريباً بسبب الأزمة التي عاشها لبنان منذ اشهر، الأمر الذي إنعكس على خدمة الدين العام. وقالت: "في العام 2018 لدينا استحقاقات بين عجز واستحقاقات ديون على الليرة والدولار تصل الى أكثر من 15 مليار دولار، ما يرفع الدين العام 2 بالمئة أي 300 مليون دولار، إضافة الى أسعار النفط العالمية التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة 10 الى 15% الأمر الذي سينعكس على عجز مؤسسة كهرباء لبنان نتيجة ارتفاع سعر المشتقات النفطية".
وتابعت المصادر: "هنالك ايضاً زيادة في الإنفاق بسبب الإنتخابات النيابية المرتقبة، فكل هذه التحدّيات تشكل خطراً من ناحية زيادة العجز في موازنة العام 2018 وهذا يعني المزيد من القلق"، لافتة الى انه أمام الحكومة فترة وجيزة لإقرار الموازنة قبل إجراء الانتخابات النيابية في أيار، لأن أي حكومة جديدة ستقوم بمشروع موازنة آخر، مع الإشارة الى أن الفترة التي تتطلّب تشكيل الحكومة الجديدة لا تقل عن شهرين وهذا تحدّ كبير جداً لان إمكانية غياب التوافق السياسي ستؤدي للعودة الى الإنفاق على قاعدة الإثنتي عشرية.
ورأت المصادر المذكورة بأن إقرار الموازنة لها ايجابياتها، ومنها ضبط العجز في المالية العامة والعودة الى الانتظام العام، وهنالك إيجابيات على صعيد المؤسسات الدولية ونظرتها الى لبنان، ومن ضمن ذلك مؤتمر باريس 4 وهو عامل إيجابي يراهن عليه الجميع، وهنالك دراسات عديدة متقدمة بشأن هذا المؤتمر الاستثماري للبنية التحتية وقيمته 17 مليار دولار على ثلاث مراحل، إضافة الى مؤتمر بروكسل لدعم النازحين السوريين في لبنان، ومؤتمر روما للدعم العسكري . مشدّدةً على ان التوافق السياسي في البلد يحقق الإصلاحات بمختلف الأصعدة، لان كل مشكلاتنا في لبنان تحتاج الى ذلك الوفاق اولاً واخيراً.
واشارت الى ان الوضع الاقتصادي بات دقيقاً وصعباً جداً وفي مختلف القطاعات، منها التجارة والسياحة فضلاً عن الجمود الذي يشهده القطاع العقاري، لذا بتنا نحتاج كثيراً الى عامل استقرار قوي لحلحلة هذا الوضع المترّدي.