تدفع عودة الرئيس سعد الحريري من الرياض، بعدما التقى قبيل منتصف الليلة الماضية ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، واستمر الاجتماع إلى فجر اليوم، استكمالا للمحادثات التي أجراها الرئيس الحريري مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، المشهد السياسي والانتخابي إلى الامام، مع رزمة استحقاقات، تتعلق بإنجاز موازنة العام 2018، تمهيداً لاقرارها، حيث يُساعد ذلك على توقع نتائج إيجابية للمؤتمرات الدولية الثلاثة التي ستعقد بدءاً من 6 نيسان المقبل (مؤتمر سيدر في باريس) فضلا عن الترتيبات الجارية للتحالفات والترشيحات واللوائح الانتخابية.
ولم ترشح معلومات عن اللقاء لكن مصادر سياسية في بيروت قالت انه يأتي استكمالاً لما بحث خلال استقبال الملك سلمان للرئيس الحريري، من جهة تطوير العلاقات الثنائية والمستجدات المتعلقة بالأوضاع اللبنانية.
وتوقعت المصادر ان يتأخر إعلان لوائح «المستقبل» ومرشحيه في كل لبنان في بحر الأسبوع المقبل، فضلا عن التحالفات الممكنة.. سواء مع التيار الوطني الحر أو مكونات 14 آذار.
ووسط حالة الترقب والانتظار هذه، انشغل اللبنانيون على الرغم من الحركات والانتظارات الانتخابية بالتغريدات والتحقيقات الجارية على خلفية ما جاء في تغريدة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من ان الممثل المسرحي زياد عيتاني الموقوف بتهمة التعامل والتخابر مع إسرائيل بهدف التطبيع هو بريء، والبراءة ليست كافية، والفخر به وبوطنيته هو الحقيقة الثابتة والوحيدة.
وكشفت المصادر في سياق متصل ان استدعاء المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج للتحقيق من قبل شعبة المعلومات، حول القضية، باعتبار انها هي التي كشفتها، جاءت بناء لاشارة القضاء.
وتحدثت معلومات عن أن الرئيس سعد الحريري الموجود في المملكة العربية السعودية أخذ علماً، بما أفضت إليه التحقيقات لدى شعبة المعلومات بشأن ما وصف «بالفبركة» التي طالت ملف عيتاني والمتورطين فيها، مشددا على ان ما حصل ليس انتهاكاً لحرية عيتاني وكرامته وحده، بل انتهاك لكرامة كل البيارتة وكل اللبنانيين الشرفاء، وهو لن يمر دون حساب، وهو لن يسمح بعد اليوم بأن تكون كرامة المواطنين الأبرياء وقوداً لإشعال نار الاثارة حول إنجازات هي في الحقيقة اخفاقات.
وكان جهاز أمن الدولة أوقف في 23ت2 الماضي الممثل عيتاني بتهمة «بالتخابر والتواصل والتعامل» مع اسرائيل، ثم أحيل منتصف كانون الأول إلى القضاء العسكري.،.
وذكرت مصادر متابعة للتحقيقات أن التحقيقات الجارية مع الحاج ستطاول أشخاصاً تعاونوا على فبركة الملف.
وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أوضحت أنها لا ولن تقوم باصدار بيانات قبل الانتهاء من أي تحقيق يجري باشراف القضاء المختص.. لكن وكالة «فرانس برس» نسبت إلى مصدر مطلع على التحقيق، طلب عدم الكشف عن اسمه أن المقدم سوزان الحاج التي كانت تشغل سابقاً منصب مديرة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي «أوقفت على ذمة التحقيق بعد ظهر أمس» الجمعة بناء لاشارة قضائية، للاشتباه بأنها «استعانت بقرصان معلوماتية لتلفيق تهمة التواصل مع فتاة إسرائيلية للممثل زياد عيتاني»
 بورصة الترشيحات
انتخابياً، رست بورصة الترشيحات في وزارة الداخلية أمس على 103 طلبات جديدة، مما رفع عدد المرشحين رسمياً، منذ فتح باب الترشيحات في 5 شباط الماضي إلى 473 مرشحاً، ويؤمل ان يتزايد هذا العدد إلى ما يلامس الـ500 مرشّح، قبل انتهاء المهلة الأخيرة لتقديم طلبات الترشيح منتصف ليل الثلاثاء المقبل في 6 آذار الحالي.
وأبرز المتقدمين لطلب ترشيحهم أمس، رئيس تحرير «اللواء» صلاح سلام عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية، والوزير ميشال فرعون عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى، والنائب بطرس حرب عن المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة (بشري - البترون - الكورة وزغرتا)، والنائب سيمون أبي رميا عن المقعد الماروني في دائرة جبل لبنان الأوّلي (كسروان - جبيل) ورئيس جمعية انماء طرابلس والميناء انطوان حبيب عن المقعد الارثوذكسي في دائرة الشمال الثالثة (طرابلس والضنية والمنية)، بالإضافة إلى عدد من الوزراء والنواب السابقين، من بينهم: فارس بويز، يوسف سلامة، فريد هيكل الخازن عن المقاعد المارونية في كسروان وماريو عون عن المقعد الماروني في الشوف، وصلاح الحركة عن المقعد الشيعي في دائرة جبل لبنان الثالثة (بعبدا) وعدد آخر من أبناء نواب راحلين، امثال علي صبري حمادة (بعلبك - الهرمل)، عبد الرحمن نزيه البزري عن المقعد السني في صيدا، وابراهيم سمير عازار (عن المقعد الماروني في جزّين وأحمد كامل الأسعد عن المقعد الشيعي في دائرة مرجعيون - حاصبيا، وميريم سكاف عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة البقاع الأولى (زحلة).
مرشحو الكتائب
في هذا الوقت، حسم حزب الكتائب مساء أمس خياراته بالنسبة للمرشحين، حيث قرّر مكتبه السياسي في اجتماعه أمس ترشيح كل من رئيسه النائب سامي الجميل والياس حنكش عن المقعدين المارونيين في المتن الشمالي، وجوزف عيد عن المقعد الماروني في الشوف، وميشال خوري عن المقعد الماروني وميشال كبي عن المقعد الارثوذكسي في طرابلس، ورمزي أبو خالد عن المقعد الماروني في بعبدا.
وبهذه الترشيحات يكون الحزب قد غطى معظم الدوائر الانتخابية في لبنان، إذ سبق له ان رشح كلاً من: النائب فادي الهبر عن المقعد الارثوذكسي في عاليه وتيودورا بجاني عن المقعد الماروني في الشوف، والنائب نديم الجميل عن المقعد الماروني في بيروت الأولى، وسامر سعادة عن المقعد الماروني في البترون، وشادي معربس (ماروني عكار)، سميرة واكيم (كاثوليكي الزهراني)، شاكر سلامة (ماروني كسروان)، سعد الله عرضول (كاثوليكي البقاع الغربي)، ريمون نمور عن المقعد الكاثوليكي وجوزف نهرا (ماروني جزين)، والنائب ايلي ماروني عن المقعد الماروني في زحلة ومعه شارل سابا عن المقعد الارثوذكسي فيها.
وقالت مصادر قيادية في الحزب بالنسبة إلى التحالفات: «اننا لن نكون على لوائح السلطة، ولن نفرط بمبادئنا لأجل مقعد نيابي، مشيرة إلى ان الاتصالات جارية مع عدد من الأطراف الأخرى».
وكانت سجلت على صعيد لقاءات جرت بين النائبين دوري شمعون ونديم الجميل في البيت المركزي لحزب الوطنيين الأحرار في السوديكو، وكذلك زيارة للنائب السابق فارس سعيد لكل من الأحرار والصيفي موضحاً ان أحزاب الأحرار والكتائب واحزاباً أخرى تسعى لتشكيل نواة معارضة حقيقية للاعتراض على السلاح المتلفت والخروج عن الدستور والشرعية.
«القوات»
أما «القوات اللبنانية» فلم تحسم كامل خياراتها في التحالفات الانتخابية، مثل أكثرية القوى السياسية، لكنها تمكنت من حسم التحالفات في بعض الدوائر، وهي تنتظر نتائج محادثات الرئيس سعد الحريري وعودته من الرياض ليتم التفاهم او الانفصال الانتخابي في بعض الدوائر في حين تجري اتصالاتها بمعظم القوى السياسية لا سيما التيار الوطني الحر باستثناء «حزب الله» وبعض حلفائه كالحزب القومي.
 وذكرت مصادر مسؤولة في القوات لـ«اللواء» انه تم حسم التحالفات في بيروت الاولى، حيث أن التحالف رسا حتى الان بينها وبين الوزير ميشال فرعون والنائب نديم الجميل سواء بصفته القواتية او الكتائبية.
 كما حسمت تقريبا تحالفها في دائرة بعلبك – الهرمل مع تيار المستقبل وبعض المرشحين الشيعة المستقلين، لكن الاتصالات مستمرة حتى الاتفاق النهائي على تشكيل لائحة بوجه لائحة الثنائي الشيعي – الحزب القومي التي بقي فيها مقعد شاغر للمرشح الماروني.
واضافت المصادر انه في دائرة بعبدا الامور تتجه الى التحالف مع التيار الوطني الحر، وكذلك الحال بالنسبة لدائرة الشوف- عاليه، مستبعدة التحالف مع الحزب التقدمي في الدائرتين .
 وفي دائرة زحلة التي تعتبرها «القوات» مهمة جدا- حسب المصادر- فإن الاتجاه يميل الى التحالف مع التيار الحر، لكن هناك ثلاثة احتمالات يتم التداول بها: التحالف مع التيار الحر وتيار المستقبل، او تحالف مع «المستقبل»، او تشكيل لائحة من «القوات» وبعض الشخصيات والقوى الاخرى.(الكتائب مثلا).كذلك الحال في دائرة عكار حيث توجد سيناريوهات عدة لا زالت غير محسومة للتحالفات سواء مع المستقبل او التيار الحر او اللواء اشرف ريفي، وأيضاً في دائرة البترون- الكورة- زغرتا- بشري.
لكن المصادر «القواتية» اوضحت ان الامور ستتضح خلال عشرة ايام على الاكثر ويتقرر كل شيء بشكل نهائي حسب المصلحة الانتخابية لكل طرف، وانه كان يفترض حسم الامور هذا الاسبوع لكنها تأجلت بسبب سفر الرئيس الحريري المفاجئ الى الرياض. 
مرشحو «المستقبل»
على الخط الانتخابي أيضاً، أفادت معلومات ان «تيار المستقبل» سيُعلن قريباً اسماء مرشّحيه للانتخابات في احتفال في مجمّع «البيال» (10 آذار كحدّ اقصى)، غير ان النقاش حول شكل الاعلان ينتظر عودة الرئيس الحريري لحسمه لصالح خيار من اثنين: احتفال انتخابي صرف يقتصر اضافةً الى المرشّحين على الماكينة الانتخابية واعضاء المكتب السياسي، أو حفل جماهيري كبير يضمّ الى هؤلاء، اعضاء الكتلة النيابية، الوزراء، الكوادر الحزبية، رؤساء المنسقيات وحشد من مناصري التيار من مختلف المناطق.
اما برنامج الحفل فيُقسم الى قسمين: الاول مُرتبط بالمرشّحين «بطاقة تعريفية» لكل واحد والثاني كلمة سياسية-انتخابية للرئيس الحريري يرسم فيها الطريق التي سيسير عليها التيار في السنوات الاربع المقبلة والتي تنطلق من ثوابت سيادية يتركز اليها في الحكم، التمسّك بالعيش المشترك، خيار الاعتدال، الالتزام باتّفاق الطائف، النأي بالنفس عن صراعات المنطقة والتشديد على التسوية التي تُظلل العهد منذ انطلاقته.
عون في خلدة والوردانية
في غضون ذلك، أكّد الرئيس عون في خلال حضوره حفل إزاحة الستار عن نصب الأمير مجيد أرسلان في خلدة واقتصر فقط على المدعويين من قبل رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، «اننا نجحنا في إزالة فتيل لغم الإرهاب وقدنا مؤخرا آخر معارك الانتصار عليه على حدود وطننا، ونلنا تقديرا دوليا عالميا على هذا الإنجاز، وهو انتصار لم يكن ليتحقق لولا الخيارات الكبرى التي اجمع عليها اللبنانيون ووحدة الشعب اللبناني، في مواجهة التطرف وتحييد لبنان عن الملفات الخلافية، وبقاؤنا على مسافة واحدة من جميع الدول العربية، ايمانا منا بأن روح الأخوة بينها لا بدّ من ان تعود إلى المسار السليم».
وإذ شدّد على الحاجة إلى ما يجمع اللبنانيين ويقود سفينتهم إلى بر الأمان، لفت إلى اتساع رقعة التفاؤل بإمكان النهوض بالدولة إلى حيث يتلاقى امال اللبنانيين وتطلعاتهم بعد ما تمّ إنجازه في الفترة الماضية.
ولفت الرئيس عون ايضا إلى الضغوط الكبيرة التي يتحملها لبنان سياسيا واقتصاديا وامنيا، والعمل على مواجهة هذه الضغوط وتعطيلها واحدا واحدا، مؤكدا العمل على إطلاق خطة اقتصادية تحدد رؤية طويلة الأمد للنهوض الاقتصادي، مشددا على هدف اقفال ملف المهجرين نهائياً ومعه طي صفحة من تاريخ لبنان طال انتظار خواتيمها.
وفي المناسبة، انتقل الرئيس عون إلى بلدة الوردانية حيث عاين نهاية أعمال حفر النفق الثاني لجر مياه نهر الأولى إلى بيروت الكبرى ووضع حجر الأساس لمشروع إنشاء محطة تكرير مياه الشفة.
الموازنة
في هذا الوقت، تستأنف اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع موازنة الـ2018 اجتماعاتها الاثنين المقبل، في محاولة لإنجاز درس المشروع قبل فوات الأوان، حيث أصبحت مواعيد المؤتمرات الدولية لدعم لبنان ضاغطة، ابتداء من منتصف الشهر الحالي ولغاية نهاية شهر نيسان المقبل، ولا بدّ للحكومة من مواكبة هذه المؤتمرات بالقيام ببعض الإنجازات المالية والاقتصادية، خصوصا وان هناك شروطاً دولية على لبنان من أجل مساعدته بتنفيذ إصلاحات مالية ضرورية.
وتعتقد مصادر مالية شاركت في اجتماعات اللجنة ان الحكومة تسعى لإنجاز موازنة إصلاحية تقشفية لكن في النهاية المجلس النيابي هو من سيتخذ القرار الذي يراه مناسباً، ولا تتوقع المصادر إقرار المشروع في المجلس النيابي الحالي، بسبب قرب موعد الانتخابات النيابية، وترى انه على الرغم من الوتيرة السريعة التي تعمل بها اللجنة، فإن الأمر لا يزال يحتاج إلى مزيد من الاجتماعات لدقة وأهمية الملف المالي، بحيث بات من الصعب الانتهاء من درس المشروع ضمن المهلة التي حددها الرئيس نبيه برّي في الخامس من آذار، أي الثلاثاء المقبل، ما دفع وزير المال علي حسن خليل إلى التخوف من ان يواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية حقيقية، لكنه استدرك بأن الأزمة غير مستعصية إذا وجدت الإرادة وموازنة إصلاحية، في إشارة إلى ضرورة المحافظة على عدم زيادة الدين مهما تطلب الأمر، وتخفيض نسبة 20 في المائة على أرقام الموازنة، وعدم زيادة العجز، الأمر الذي سبق ان حذر منه صندوق النقد الدولي مشددا على وجوب تخفيض العجز والنفقات وخاصة عجز الكهرباء.