بعيدًا عن المهاترات والمماحكات والاتهامات، وبعيدا عن الخلافات والإختلافات في الرؤى السياسية والإنتماءات الحزبية، وبعيدًا عن مهزلة تتبع عثرات الآخرين وأخطائهم وتقصيرهم والتصدي لموقع المحاسبة، سيما وأننا غير قادرين للولوج إلى هذا الموقع والذي يعتبر حقًا من حقوق الشعب لمساءلة المسؤولين والمصادرين لمواقع الشأن العام.
إقرأ أيضًا: منطقة بعلبك - الهرمل حاضنة المقاومة ... لماذا يتم إفقارها وحرمانها من حقوقها؟
وبكثير من الواقعية والشفافية والتساؤلات المنطقية التي لا تهدف إلا إلى الوصول إلى الحقيقة بكل صدق وأمانة، وكي لا تضيع المسؤولية في متاهات التنصل منها وتغليفها بطبقة سميكة من الضبابية للهروب من تحملها، فإنه يحق لنا أن نتوجه لنوابنا الكرام في منطقة بعلبك الهرمل ووزرائها وكل الذين وطأت أقدامهم عتبات الندوة النيابية وارتقوا أدراج القصر الحكومي منذ اتفاقية الطائف أواخر ثمانينات القرن الماضي ودخول البلد في مرحلة السلم الأهلي بعد حروب أهلية دامت لأكثر من خمسة عشر عامًا، وكل الذين تبوؤا مناصب حكومية وعسكرية وأمنية منذ العام 1990، واستطرادًا يحق لنا أن نتوجه للجهة الحزبية التي تبنت ترشيح هؤلاء وغطت مصاريف حملاتهم الانتخابية بعد أن تم اختيارهم من قبل هذه الجهة الحزبية لتشكيل لائحة من المنتسبين إليها والمناصرين لها ومن الوصوليين الذين يغتنمون الفرص التي تمر مر السحاب ، ومن الذين يضربون بسيف السلطان الذي أكلوا من ماله، يحق لنا أن نتوجه لكل هؤلاء بالسؤال الاستفهامي عن لائحة المقاومة الانتخابية كما يرد على ألسنة الكثير من النفعيين والاستغلاليين والمتزلفين؟ وما هي العلاقة الوطيدة والمفروضة بين المقاومة والانتخابات سواء أكانت نيابية أو بلدية أو اختيارية؟ بالرغم مما هو معروف ومؤكد أن المقاومة هي نهج وسلوك وفعل إيمان بطريق نضالي وجهادي ضد أعداء الأمة من الصهاينة والتكفيريين وهي باب من أبواب الجهاد إختاره الله لخاصة عباده ولا يدخله إلا الذين امتحن الله قلوبهم بالإيمان، فقدموا أرواحهم وسالت دمائهم على مذبح الحرية والكرامة دفاعًا عن الوطن والمعتقد والدين فاستحقوا الإرتقاء إلى مرتبة الشهادة وكانوا أحياء عند ربهم يرزقون.
أما الانتخابات فهي لعبة سياسية ديمقراطية ومفصل في مسيرة الحياة وفرصة تعطى للشعب كي يختار من ينوب عنه في المطالبة بحقوقه المشروعة وبتحسين أوضاعه المعيشية وتأمين متطلباته الحياتية واحتياجاته اليومية من ماء وغذاء وانارة وتعليم وصحة واستشفاء ومعالجة للنفايات وتوفير فرص عمل والحد من البطالة والهجرة ومحاربة الفساد والمفسدين وتحسين شبكات الاتصالات والمواصلات والنهوض بالوطن من براثن الجهل والتخلف والأمراض والفقر والجوع إلى مستويات البلدان الراقية والتوازن بين المناطق في الإنماء والخدمات. وبالتالي فإن الانتخابات هي مناسبة لاختيار الناس من يمثلهم في المجلس النيابي الذي يتولى سن القوانين والتشريعات.
إقرأ أيضًا: العدو الداخلي أخطر من العدو الخارجي
أما مسألة الربط بين الانتخابات والمقاومة فهي ليست أكثر من استغلال لوظيفة المقاومة المقدسة ولدماء الشهداء ولأرواح الشباب الذين ضحوا بأنفسهم دفاعًا عن البلد ، واقحامها في سوق المزايدات والصفقات التجارية. وكذلك فإن فرض هذه العلاقة بين الانتخابات والمقاومة هو أمر مشبوه للتلاعب بالمشاعر واستخدام الشعارات الطائفية والمذهبية كمطية او كسلم ومرقاة للارتقاء الى المناصب العليا في الحكومة ومجلس النواب والإدارة وتحويلها الى مزارع لجمع الثروات الطائلة والأرصدة في البنوك على حساب دم الشهداء وعرق الناس ولقمة عيشهم والمتاجرة بالمقاومة .