أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بخطاب أطلق فيه العنان لاستعراض غير مسبوق للقوة، عبر الكشف عن أسلحة قال إن المنظومة الدفاعية الغربية لن تكون في المستقبل قادرة على اعتراضها.
ويحاول الرئيس الروسي إظهار قدرات روسيا على مواجهة تطورات متسارعة على صعيد التعاون الدفاعي الغربي، إذ تعيد أوروبا النظر في العلاقات العسكرية بين دولها والولايات المتحدة، كما تعيد تقييم قدرات حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتزيد من حجم الميزانيات المخصصة للأنشطة العسكرية في دول شرق أوروبا والبلقان.
وكشف بوتين عن مجموعة من الأسلحة النووية الجديدة، الخميس، قائلا إن هذه الأسلحة تستطيع أن تصيب أي نقطة في العالم.
وفي الكلمة التي ألقاها قبل أسابيع من إجراء الانتخابات الرئاسية، والتي من المتوقع أن يفوز فيها، قال بوتين إن روسيا ستعتبر أن أي هجوم نووي على حلفائها هو بمثابة هجوم عليها هي نفسها ويستدعي ردا فوريا.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بوتين سيفوز بسهولة في الانتخابات المقررة في الـ18 من مارس الجاري. وعضد بوتين خطابه الصارم بمقاطع فيديو لبعض الصواريخ الجديدة التي كان يتحدث عنها. وعرضت المقاطع على شاشة عملاقة خلفه في قاعة مؤتمرات بوسط موسكو حيث كان يلقي خطابا أمام النخبة السياسية.
وقال بوتين في إشارة إلى الغرب “لم ينجحوا في كبح جماح روسيا”.
ويعكس خطاب بوتين العودة مرة أخرى إلى التفكير بعقلية الحرب الباردة. وزادت حدّة الخطاب الروسي بشكل عام في أعقاب الاحتجاجات التي أطاحت بنظام الحكم الموالي لموسكو في أوكرانيا عام 2014، وهو ما أدى إلى ضم روسيا للقرم بعدها مباشرة.
وتشعر روسيا بمحاولات حثيثة من الولايات المتحدة بشكل خاص لإعادة التركيز على “الخطر الروسي”، خصوصا في ظل تحقيقات أميركية كشفت تأثيرا روسيا في تغيير مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أجريت عام 2016، وفاز بها الرئيس دونالد ترامب.
وحتى في سوريا، يتنافس الجانبان على كشف سياسات بعضهما البعض، خصوصا بعد حديث مسؤولين روس عن نشر الولايات المتحدة 20 قاعدة عسكرية في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، بالإضافة إلى قاعدة أخرى قرب قاعدة التنف في الجنوب.
وبات التدخل الروسي يشكل هاجسا في أوروبا، وبدأت أجهزة الاستخبارات الغربية في تطوير برامج خاصة لمواجهة الأنشطة السيبرية الروسية.
والأربعاء، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الولايات المتحدة بتدريب أوروبا على استخدام أسلحة نووية “غير استراتيجية” ضد بلاده.
وقال لافروف، خلال كلمة ألقاها بمؤتمر أمني حول نزع السلاح النووي في جنيف، إن “الولايات المتحدة تقوم بتخزين أسلحة نووية غير استراتيجية في أوروبا، وتجري مهام نووية مشتركة مع الدول غير النووية هناك”.
وأوضح أن “بقاء السلاح النووي الأميركي غير الاستراتيجي في أوروبا يعرقل عملية نزع السلاح النووي”.
وتعتقد روسيا أن هذه الأسلحة، التي تخشى أن تتسبب في تغيير موازين القوى العسكرية على الساحة الأوروبية، هي ردّ على التدخلات الغربية في السياسة الروسية.
ويقول محللون إن قدرة روسيا على تغيير مسار الأحداث بشكل حاد فاجأت الغرب، الذي لم يكن يتوقع أن تتمكن موسكو من بناء استراتيجية أمنية وإعلامية وسيبرية على هذا القدر من الكفاءة.
وأوصلت هذه الاستراتيجية بوتين إلى الحديث عن روسيا القادرة على حماية “حلفائها” أيضا، على غرار لهجة تتبناها الولايات المتحدة، واعتاد الاتحاد السوفييتي توجيهها إلى الغرب في ذروة قوته.
ويعتقد المسؤولون الروس أن المؤسسات الأميركية عاقدة العزم على الوقوف في وجه علاقات تعاون كان ترامب يأمل في بنائها مع روسيا. وفي المقابل لجأ بوتين إلى تبني خطاب ذي طابع تهديدي.
وأضاف “الآن يحتاجون إلى أن يضعوا في حسبانهم واقعا جديدا، ويدركون أن كل ما قلته اليوم ليس تهويلا”.
ومن الأسلحة الجديدة، التي قال بوتين إنها إما قيد التطوير وإما جاهزة للاستعمال بالفعل، صاروخ باليستي جديد عابر للقارات، ورأس حربي نووي صغير يمكن تركيبه على صواريخ موجهة، وطائرات نووية دون طيار تنطلق تحت الماء، وسلاح أسرع من الصوت، وسلاح ليزر.
وقال بوتين “آمل أن يُفيق ما قلته اليوم أي معتد محتمل.. أي تحركات غير ودية تجاه روسيا، مثل نشر نظام مضاد للصواريخ وإقامة حلف شمال الأطلسي بنية تحتية قرب حدودنا وما شابه ذلك، لن تكون فعالة من وجهة النظر العسكرية”.