مع بدء العد التنازلي لإغلاق باب الترشيحات للإنتخابات النيابية في 6 آذار، وبانتظار انتهاء محادثات الرئيس سعد الحريري في المملكة العربية السعودية، بلقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، يتوقع ان يكون حاسماً في ما خص نتائج المحادثات اللبنانية - السعودية وتأثيرها على التوازن اللبناني، والتسوية الرئاسية، في ضوء الانتخابات التي ستجري في 6 أيار المقبل، بدت أجواء المنطقة العربية ملبدة، في ضوء تصاعد أوار «حرب باردة» جديدة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، حيث انشغلت بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس فلاديمير بوتين من أن بلاده تمتلك أسلحة جديدة «لا تقهر» كالغواصات الصغيرة والطائرات الأسرع من الصوت التي طورتها روسيا لمواجهة التهديدات الجديدة التي تطرحها الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية وكوريا الجنوبية، فضلا عن الكشف عن 20 قاعدة عسكرية أميركية في المناطق السورية التي تخضع للسيطرة الكردية.
يتزامن هذا التصاعد في التوتر الدولي على ساحة الشرق الأوسط، في وقت انشغلت الأوساط السياسية والرسمية في ما كشفه السناتور الأميركي ليندسي غراهام من ان المسؤولين الإسرائيليين حذروه خلال زيارته إلى إسرائيل من انهم ذاهبون إلى الحرب مع حزب الله، وان هذه الحرب ستكون في الجنوب، وان الإسرائيليين يطالبون بالذخائر كمطلب أوّل، والثاني، تغطية أميركية لاستهداف إسرائيل المدنيين اللبنانيين في أية حرب مقبلة، قد تكون تدميرية، مع الإشارة إلى ان قائد الجيش العماد جوزاف عون أكثر جهوزية الجيش للرد على أي عدوان إسرائيلي.
واتهمت في السياق الإدارة الأميركية حزب الله بأنه «مرتبط» بـ«كارتيلات المخدرات، في أميركا الجنوبية، وان الكونغرس الأميركي يدرس مشروع قانون يمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلطة تصنيف الحزب «منظمة أجنبية للإتجار بالمخدرات».
استرخاء سياسي
ودفق ترشيحي
وسط ذلك، أرخت زيارة الرئيس الحريري إلى الرياض، بانتظار ما يُمكن ان يعود به من نتائج سياسية، نوعا من الاسترخاء السياسي على الساحة الداخلية، بلغ حدّ الجمود على الصعيد الانتخابي، وعلى حركة المشاورات واللقاءات على هذا الصعيد لإنجاز اللوائح والتحالفات، فيما تركز الاهتمام على متابعة عمل اللجنة الوزارية المكلفة درس موازنة العام 2018، وعلى التحضيرات الجارية لإنعقاد المؤتمرات الدولية لدعم لبنان على صعيد الاستثمار ودعم الجيش والقوى الأمنية ومعالجة مشاكل النازحين السوريين، في وقت «غرد» فيه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط متخوفا مما اسماه «وحش الدين والعجز الذي يتزايد كل دقيقة» مؤكدا ان هذا الوحش لن يرحم، ولا بدّ من حلول موجعة وجذرية قبل فوات الأوان، علما ان اللجنة الوزارية لم تعد قادرة على إنجاز مهمتها قبل الخامس من آذار الحالي، الذي حدده الرئيس نبيه برّي كحد أقصى لاحالة مشروع الموازنة إلى المجلس النيابي.
ودعت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» إلى انتظار ما قد يصدر عن زيارة الرئيس الحريري للمملكة، باعتبار انها قد تعطي دلالات على التعاطي المستقبلي في المسار الانتخابي ومفاوضات التحالف الذي يخوضه تيّار «المستقبل» على هذا الصعيد.
ولم تخفِ مصادر مقربة ان محادثات الرئيس الحريري ستترك تأثيرات على نقاط ثلاث: ان العلاقة بين الرؤساء لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة، انطلاقاً من «التسوية الرئاسية» حيث أن المعطيات تؤكد أن رئيس الحكومة ماض في تحالفه مع الرئيس عون وتياره.
2- ربع النزاع مع حزب الله، حيث يُشارك في الحكومة، ويستعد للانتخابات، ولكن من زاوية الحرص على التزام النأي بالنفس، وعدم التحالف الانتخابي، أياً تكن الظروف6.
3- التحالف الانتخابي مع «القوات اللبنانية»، حيث كشف النقاب عن انفتاح الرئيس الحريري على كل الطروحات، بما في ذلك حزب «القوات»، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة قانون الانتخاب الذي يجرّب النسبية لأول مرّة، مع كل تعقيداتها، التي تجعل من الصعب توقع النتائج قبل فرز الأوراق.
وقالت المصادر انه من المنتظر أن يطلع الرئيس الحريري الرئيس ميشال عون على نتائج زيارته بعد عودته إلى بيروت، من دون أن تعطي مواعيد على هذه العودة، بانتظار استكمال المحادثات التي يجريها رئيس الحكومة في العاصمة السعودية.
ولاحظت المصادر انه لم يسجل على الصعيد الانتخابي أمس أي نشاط باستثناء تدفق المرشحين على قلم مديرية الشؤون السياسية في وزارة الداخلية، لتسجيل اسمائهم رسمياً كمرشحين، قبل اقفال باب الترشيح يوم الثلاثاء المقبل، حيث لم يبق امام الطامحين لـ«جنة البرلمان» سوى ثلاثة أيام فقط، باعتبار أن يومي السبت والاحد عطلة رسمية.
وبلغ عدد طلبات الترشيح رسمياً، أمس، 87 طلباً، ما رفع بورصة الترشيحات إلى 370 مرشحاً، من بينهم وزير البيئة طارق الخطيب عن المقعد السني في الشوف، والنواب فادي الهبر عن مقعد الروم الارثوذكس في عاليه، وهادي حبيش عن المقعد الماروني في عكار، وادغار معلوف عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي، وايلي ماروني عن المقعد الماروني في زحلة، والوليد سكرية عن المقعد السني في دائرة بعلبك - الهرمل، واسطفان الدويهي عن المقعد الماروني في زغرتا، والوزيران السابقان فادي عبود عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، وفيصل عمر كرامي عن المقعد السني في طرابلس، بالإضافة الى نواب سابقين امثال: اسامة سعد عن المقعد السني في صيدا، وكريم الراسي عن مقعد الروم الارثوذكس في عكار، ومصباح الأحدب عن المقعد السني في طرابلس، وعبدالله فرحات عن المقعد الماروني في بعبدا، وزاهر الخطيب عن المقعد السني في الشوف. وترشح أيضاً عدد من رجال الأعمال، امثال: نزار محسن دلول عن المقعد الشيعي في زحلة، ونقولا شماس عن مقعد الروم الارثوذكس في بيروت الاولى، وميشال ضاهر عن مقعد الروم الكاثوليك في زحلة، اضافة الى ابناء نواب حاليين مثل: طوني سليمان فرنجية عن المقعد الماروني في زغرتا، وسابقين مثل: ملحم جبران طوق عن المقعد الماروني في بشري، وليد ميشال معلولي عن مقعد الروم الارثوذكس في البقاع الغربي - راشيا، وعمر نجاح واكيم عن مقعد الروم الارثوذكس في بيروت الثانية.
«القومي» يحسم خياراته
وعلمت «اللواء» أن الحزب السوري القومي الاجتماعي حسم قراره الحزبي بترشيح الوزير السابق فادي عبود في دائرة المتن وحسام العسراوي عن المقعد الدرزي في عاليه،
وسمير عون عن المقعد الماروني في الشوف، لكنه قد يسحب ترشيح العسراوي إذا قرّر رئيس الحزب الديموقراطي الوزير طلال أرسلان ترشيح درزي لهذا المقعد من أجل توفير حظوظ الفوز له، وسيدعم ترشيح ناصيف التيني عن المقعد الماروني في زحلة، وهو صديق وليس حزبيا.
وبالنسبة لدائرة بعبدا، قرّر الحزب ترشيح ماروني على الارجح لكن لم يتم اختيار الاسم بعد أو سيرشح درزيا هو عادل حاطوم، مع إبقاء الأفضلية للمرشح الماروني.
وأكدت مصادر المعلومات ان الحزب القومي لن يتحالف مع القوات اللبنانية، وحزب الكتائب وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي في أي دائرة، وهو يجري اتصالات لترتيب تحالفات مع التيار الوطني الحر في اغلب الدوائر لا سيما في المتن، إضافة الى التحالف مع حلفاء الخط السياسي الواحد في دوائر مثل بعلبك - الهرمل، حيث تمّ الاتفاق نهائياً مع الوزير السابق البير منصور علىان يكون ضمن لائحة تحالف الحزب مع الثنائي الشيعي.
وبالنسبة لحزب الكتائب، ذكرت مصادره انه قد حسم اسمي مرشحيه في عاليه عن المقعد الارثوذكسي وهو النائب الحالي فادي الهبر وفي الشوف وهي تيودورا بجابي عن المقعد الماروني، لكنه حتى الآن لم يحسم أسماء مرشحيه الموارنة في دوائر المتن وبعبدا ولا في جبيل، مع انه يميل اما إلى ترشيح حزبي في جبيل أو دعم ترشيح النائب السابق فارس سعيد.
افتراق في كسروان - جبيل
في هذا الوقت، لوحظ ان الوزير السابق زياد بارود، لم يحسم خيار ترشيحه عن المقعد الماروني في كسروان، كي يكون الماروني الخامس في لائحة العميد المتقاعد شامل روكز إلى جانب النائب السابق منصور غانم البون ورئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام.
ويتوقع كثيرون ان تكون المعركة في دائرة كسروان جبيل شرسة لوجود عدد كبير من القوى السياسية والشعبية فيها، وان بنسب واحجام متفاوتة، وفي حساب هؤلاء ان لا شيء يشي إلى ان المواجهة لكسب المقاعد الثانية في هذه الدائرة (7 موارنة و1 شيعي) ستكون سهلة على التيار الوطني الحر الذي يخوض المعركة للمرة الأولى في غياب شخص (الجنرال) ميشال عون الذي لعبت شخصيته القوية إلى جانب تعاطف الناخبين التاريخي مع مسيرته السياسية والعسكرية، دوراً في فوز لائحته كاملة في انتخابات عام 2009، الا ان التيار يعول على ان يخوض المعركة بشخص العميد روكز، الذي له نفس مواصفات الرئيس عون، لكنه يميل الى ان تكون اللائحة العونية ائتلافية مع عدد من المستقلين الذين كانوا مصنفين في خانة المعارضين، امثال نعمة افرام ومنصور البون.
وتلفت المصادر في هذا السياق إلى ان التيار سيضطر إلى مواجهة خصومه وحلفائه على السواء في هذه الدائرة، وعلى رأسهم القوات اللبنانية التي سارعت إلى تأييد ترشيح رئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط لأحد المقعدين المارونيين، مع ان اسم حواط لا ينزل بردا وسلاما في الرابية، بدليل ان العونيين اطلقوا في تموز 2017 من سُمي «بلدية الظل» لمراقبة اعمال المجلس البلدي الذي رأسه حواط، في ما اعتبر رسالة سياسية قاسية باتجاه المرشح الجبيلي.
والحال نفسه يسري ايضا على حزب الله الذي سارع إلى ترشيح الشيخ حسين زعيتر عن المقعد الشيعي في جبيل، ما اثار اعتراضا في صفوف الجبليين والعونيين على حدّ سواء باعتبار ان زعيتر من خارج المنطقة، وان ترشيحه محاولة لفرضه، ضمن التحالف السياسي العريض بين الحزب والتيار الذي يتجه إلى ترشيح شخصية أخرى من آل عواد، رغم علمه ان الثنائي الشيعي قرّر توزيع المقاعد الشيعية بينهما، في إشارة إلى ان المقعد الشيعي في جبيل لن يكون برتقالياً هذه المرة، ما يؤشر إلى افتراق انتخابي بين حليفي «تفاهم مار مخايل»، مثلما هو الحال بين حليفي «تفاهم معراب».
ويبدو ان هذا الافتراق في جبيل سينسحب أيضاً على المقعد الماروني في بعلبك- الهرمل، والذي تركه الثنائي الشيعي في لائحتهما للمفاوضات مع «التيار العوني»، الا ان رفض التيار لترشيح زعيتر في جبيل، قابله «حزب الله» برفض ترشيح باتريك فخري المقرب من الوزير جبران باسيل، لأن بين فخري وآل جعفر ثأراً بسبب جريمة بتدعي التي ذهبت ضحيتها والداه، ويفضل ان ان تكتمل اللائحة بمرشحين محتملين هما: النائب السابق طارق حبشي أو النائب السابق نادر سكر، والاثنان مرفوضان من التيار، علماً انه كان وافق على مضض على تبني الحزب ترشيح ألبير منصور عن المقعد القومي في اللائحة، وكان يفضل عليه المرشح الكاثوليكي ميشال ضاهر ابن بلدة رأس بعلبك.
لجنة الموازنة
في غضون ذلك، تابعت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع موازنة 2018 في جلستها السادسة امس دراسة موازنة الوزارات وهي انهت البحث في موازنة وزارات السياحة والتربية والشؤون الاجتماعية على ان تستكمل اجتماعاتها يوم الاثنين المقبل بدراسة موازنة وزارة الصحة.
وأكدت مصادر المجتمعين لـ«للواء» ان جميع الاجتماعات التي عقدت حتى الان تُركز على موضوع تخفيض الانفاق دون التطرق الى موضوع الاصلاحات الجذرية البنيوية والخطط الواجبة اتباعها في الاقتصاد وبنية الدولة وغيرها من اجل التوفير، رغم أن المصادر ترى اهمية كبرى بالنسبة الى تخفيض الانفاق في الوزارات من خلال اتباع سياسة التقشف.
اشارت مصادر وزارية الى انه مهما خفضت الوزارات موازنتها فان الامر لا يكفي، مشددة على وجوب ان يتزامن ذلك مع القيام باصلاحات اساسية، سبق أن وضعتها مؤسسات الدولية فيما خص الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان، معتبرة ان هذه ما زالت تتساهل معنا رغم قساوتها، وابدت هذه المصادر تفاؤلا في امكانية تحسن الوضع المالي في حال بدأ لبنان بالتنقيب عن الغاز ولكنها اشارت الى ان الامر يحتاج في حده الادنى لكي تظهر نتائجه إلى حوالى ثماني سنوات.
ولفتت المصادر إلى أن اللجنة الوزارية ما زالت بحاجة إلى ثلاثة اجتماعات كحد أدنى لكي تنهي عملها وترفع مشروع الموازنة إلى مجلس الوزراء لدراسته واقراره، ومن ثم احالته إلى المجلس النيابي، وهذا يعني أن الحكومة لن تتمكن من إنجاز الموازنة ضمن المهلة التي حددها الرئيس نبيه برّي وهي الخامس من آذار الحالي، ما يفرض عليها استراتيجية جديدة قد تكون بإقرار الموازنة كاشارة إيجابية للمجتمع الدولي، مفادها ان الحكومة اللبنانية أنجزت واجباتها بوضع الموازنة، والتي هي أحد شروط مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد اللبناني، وتترك الخطوة الثانية للمجلس النيابي.
تجدر الإشارة إلى ان السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، وضع الرئيس ميشال عون، أمس، في التحضيرات لمؤتمرات الدعم الدولية التي تنشط فرنسا بقوة على خط الاعداد لها. وهو أبلغ الرئيس عون ان مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان سوف ينعقد في موعده في 6 نيسان المقبل في باريس، على ان يعقد الاجتماع التحضيري له على مستوى كبار الموظفين في 26 آذار في العاصمة الفرنسية.
وأشار السفير فوشيه أيضاً إلى ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أرجأ الزيارة التي كان ينوي القيام بها إلى العراق ولبنان في النصف الأول من شهر نيسان إلى وقت آخر بسبب ارتباكات سابقة، لكنه أوضح ان الزيار الرئاسية الفرنسية لا تزال قائمة لكن موعدها سوف يتحدد لاحقاً.