في زحمة التحضير للانتخابات المقررة في 6 أيار المقبل، ظل التريّث سيّد الموقف داخلياً في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة عن اللقاء المنتظَر بين ولي العهد السعودي والحريري، إذ في ضوء نتائجه خصوصاً وما سيعود به الحريري من الرياض عموماً، سيتحدد مسار الاستحقاق النيابي والتحالفات والمعارك الانتخابية التي سيشهدها، كما سيتحدد مسار العلاقات اللبنانية - السعودية ومصيرها.
إيران تترقّب
وفي الموازاة، بدا انّ ايران تترقّب نتائج المحادثات السعودية ـ اللبنانية، ولفتت امس زيارة سفيرها محمد فتحعلي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واعلانه بعد اللقاء انّ بلاده «تثمّن عالياً جهوده وحكمته في ادارة شؤون لبنان، كذلك تنوّه بالانجازات التي تحققت خلال السنة الاولى من العهد، والتي طاولت مجالات عدة».
وعلمت «الجمهورية» من مصادر معنية انّ السفير الايراني أراد من زيارة عون إستطلاع طبيعة الأجواء التي تلت زيارة الموفد السعودي نزار العلولا الاخيرة للبنان ومواقف رئيس الجمهورية من التطورات الأخيرة اللبنانية والاقليمية، وفي المقابل إطلاع عون على موقف إيران من التطورات الجارية في سوريا والمنطقة.
ماكرون يرجىء زيارته
وفي هذه الأجواء، أرجأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الزيارة التي كان ينوي القيام بها الى العراق ولبنان في النصف الاول من نيسان المقبل، الى موعد آخر بسبب ارتباطات سابقة له. وأكد السفير الفرنسي برونو فوشيه «انّ الزيارة الرئاسية الفرنسية قائمة لكنّ موعدها سيتحدد لاحقاً».
وعلمت «الجمهورية» انّ خطوة ماكرون لم تفاجىء كثيرين ممّن كانوا يتوقعونها، وانّ السفير الفرنسي لفت الى احتمال ان يتجدّد الحديث عن الزيارة الرئاسية الفرنسية للبنان بعد إنجاز الإنتخابات النيابية. وأصَرّ على التأكيد انّ ماكرون يسعى بما أوتي من قوة وعلاقات مع عدد من اصدقاء فرنسا ولبنان لتزخيم برامج المساعدات المقررة للبنان والمطروحة في مجموعة المؤتمرات الخاصة بلبنان وتشمل المجالات العسكرية والأمنية والإقتصادية، وملف النازحين واللاجئين السوريين.
مؤتمر «سيدر»
وفيما الآمال معقودة على مؤتمرات دولية تستضيفها باريس وروما وبروكسل لدعم لبنان مادياً وعسكرياً، أبلغ السفير الفرنسي الى عون أنّ مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان سينعقد في موعده في 6 نيسان المقبل في العاصمة الفرنسية، على ان يعقد الاجتماع التحضيري له على مستوى الموظفين الكبار في 26 الجاري في باريس.
وعلمت «الجمهورية» انّ اتصالات حصلت على مستويات عليا لتأجيل مؤتمر «سيدر» بسبب ضغط التواريخ والمهل والانتخابات النيابية، خصوصاً انه ليس مُنتظراً منه ان يدرّ أموالاً على لبنان، إنما سيؤسّس لمؤتمرات الدعم في المرحلة المقبلة، بعد ان يكون لبنان قد وَفَى بالتزاماته وبإجراءات اصلاحية جدّية سيُطلب منه التزامها خلال هذا المؤتمر شرطاً اساسياً لأي دعم مالي واستثماري، وهذا ما فسّر الضبابية السابقة في تحديد موعد انعقاد المؤتمر. الّا انّ رئيسي الجمهورية والحكومة أصرّا على انعقاده في اقرب وقت ممكن وقبل الانتخابات النيابية، ترجمة لثقة دولية يحتاجها لبنان في هذه المرحلة. وقد استجابت فرنسا هذا الطلب اللبناني وحُدِّد موعد المؤتمر.
الإنتخابات
داخلياً، ظل الملف الانتخابي طاغياً على غيره من الملفات. مع اقتراب موعد إقفال باب الترشيحات وفتح باب تسجيل اللوائح منتصف ليل الثلثاء ـ الاربعاء المقبلين، إستعداداً لإجراء الانتخابات في 6 أيار المقبل.
وسجّل عدّاد المرشحين ارتفاعاً ملحوظاً، في انتظار اعلان تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» أسماء مرشحيهم. وفي هذا السياق اعلن قائد الجيش «أنّ الجيش هو على مسافة واحدة من الجميع في الإستحقاق الانتخابي، وسيؤدي واجبه بعيداً من السياسة وبروح التجرد والمناقبية والانضباط».
وقد طغى الحديث عن الانتخابات على المواقف الديبلوماسية والسياسية، فشَدد السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر، إثر زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، على وجوب حصول الانتخابات في موعدها.
كذلك حضر هذا الاستحقاق في اجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» التي شَجبت «أيّ تدخّل خارجي في الشأن الانتخابي الداخلي»، وتحدثت عن «محاولات للتحريض السياسي واستخدام غير مشروع للمال السياسي»، مؤكدة انّ كل ذلك «لن يُثني اللبنانيين عن تمسّكهم بالمرشحين الملتزمين خيار المقاومة».
وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد: «آن الأوان لانتهاج سياسات واقعية مُنصفة تعيد الى المواطن فعلاً ثقته بالدولة. لقد مضَت سنتان تقريباً على «حكومة استعادة الثقة»، والمحصّلة مراوحة واستنساخ مَمجوج لسياسات زبائنية عقيمة، إنسلَّ ربما في غفلة من أصحابها قانون انتخاب جديد سيعيد خلط بعض الاوراق بلا تَوهّم. وسنرى ماذا ستسمّي الحكومة الجديدة نفسها، وأيّ سياسات ستعتمد».
ودعا الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري «إلى ترقّب الخطاب الانتخابي عند الإعلان عن مرشّحي «المستقبل» في كل لبنان»، وقال: «سيكون جامعاً وسنسمّي الأمور بأسمائها، خصوصاً كل المشكلات مع «حزب الله».
الموازنة
وفي ملف الموازنة، أنجزت اللجنة الوزارية نصف دزينة اجتماعات، وتمكّنت في خلالها من إقرار الجزء الكبير من موازانات الوزارات ولا سيما منها وزارات التربية والشؤون الاجتماعية والدفاع، على ان تستكمل نقاشها الاثنين المقبل بعد عودة الحريري من الخارج.
وقال وزير المال علي حسن خليل لـ«الجمهورية»: «النقاش جدّي ويسير في الاتجاه الصحيح، واذا ما استَكملنا البحث بالروحية والايجابية نفسها تُنجز اللجنة الوزارية درس مشروع الموازنة الاسبوع المقبل، وتُحدّد كذلك جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل ايضاً لمراجعته في صيغته النهائية وإقراره». واضاف: «المرحلة مرحلة شغل ومن المبكر اعلان ارقام نهائية لأنّ البحث مستمر والارقام عرضة للتعديل بين جلسة واخرى».
وكان وزير التربية مروان حمادة، المُقاطع جلسات مجلس الوزراء بسبب عدم تحديد جلسة تربوية خاصة، قد شارك في جزء من اجتماع اللجنة، لعرض وجهة نظره «الرافضة تخفيض أي قرش» كما قال، في اعتبار «انّ هناك مسائل كثيرة عالقة تتعلق بوزارته ولم تبتّ الحكومة بها، ومنها قضية الاساتذة المتعاقدين والمدارس الخاصة. كذلك هناك مدارس مجانية تضمّ مئات الطلاب لا يمكن تخفيض موازناتها». وتساءل حمادة: «كيف يعد رئيس الجمهورية وزارة التربية بمئات المليارات للقطاع الخاص ومن ثم يُطلب منّي أن أخفّض؟».
وبعد خروج حمادة من الاجتماع، استكملت اللجنة البحث في موازنة وزارة التربية وتمكّنت من تخفيض بعض مصاريفها التشغيلية كبقية الوزارات.
وبحثت اللجنة في موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية، فأبقَت على موازنتها كما كنات في العام الماضي، علماً انّ الوزير بيار ابو عاصي اعلن انه سبق وخفّض موازنة وزارته بحدود 12 مليار ليرة. ورفض اي تخفيض على حساب الاطفال وذوي الحاجات الخاصة. كذلك اعلن انه سيطالب بـ 33 مليار ليرة اضافية لموازنة وزارته بعد ارتفاع منسوب الطلبات الاجتماعية والانسانية فيها.
وتوقعت مصادر وزارية الّا تتعدى عملية ترشيق النفقات في الوزارات مبلغاً يتراوح بين 400 و600 مليار ليرة، وهو رقم زهيد امام الارقام الكبيرة والهدر المقَونن القاتل، والذي يتطلب قرارات سياسية كبيرة لوَقفه.
وقفة إحتجاجية للمطالبة بحقوق «المعوقين»
ومن جهة ثانية نفّذ «الإتحاد الوطني للأشخاص المعوقين»، الذي يمثّل نحو 100 مؤسسة من المناطق كافة، وقفة إحتجاجية على الطريق المؤدي الى القصر الجمهوري، رُفعت خلالها لافتات تطالب بحقوقهم، مؤكدة «أنّ الأمن الإجتماعي في خطر» بعد تخفيض موازنتهم