بانتظار ترجمة رئيس الحكومة سعد الحريري لنتائج زيارته الى السعودية، ومع العودة المرتقبة لمسؤول الملف اللبناني في المملكة نزار العلولا الى لبنان لاستكمال ما كان بدأه قبل ايام، بدأ جزء من الاستراتيجية السعودية بالخروج الى العلن من خلال تسريبات تتعلق بالجولة الاستطلاعية الاولى، والتي كان «طبقها» «الدسم» في «معراب» مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي نجح في تقديم مقاربة «انتخابية» خلاصتها عدم امكانية التأثير في حظوظ حزب الله «والثنائي الشيعي» انتخابيا، في مقابل هزيمة محققة لحليفه المسيحي «التيار الوطني الحر» الذي سيخسر «الادعاء» بتمثيل الشارع المسيحي، وهذا يشكل انتصارا مهما على طريق «اضعاف» الحزب خارج «بيئته». في هذا الوقت، كشفت اوساط ديبلوماسية في بيروت عن «خطة» سعودية مكتملة العناصر لاعادة تفعيل الحملة على حزب الله «وتهشيم» صورة السيد حسن نصرالله، لاسباب لا ترتبط بالانتخابات النيابة التي تعد تفصيلا صغيرا في مواجهة شاملة ترتبط بدور حزب الله الاقليمي، وهذه المرة تحقيقه «اختراقاً» مستجداً على الساحة الفلسطينية المرشحة لتكون في واجهة الاحداث، مع نضوج الاستعدادات لتمرير «صفقة القرن».
اوساط ديبلوماسية في بيروت تؤكد ان من يظن ان عودة السعودية الى الساحة اللبنانية مرتبطة بالانتخابات النيابية ونتائجها مخطئ، ولا يدرك طبيعة المرحلة المقبلة التي تنتظر المنطقة بعد «نضوج» «صفقة القرن» والبدء بوضع آخر «الرتوشات» التقنية كما يسميها الديبلوماسيون الاميركيون العاملون على نسج «خيوطها».
«صفقة القرن»
وفي هذا الاطار، ثمة مفردات سعودية جديدة ستتصدر المشهد الاعلامي، تتعلق بضرورة «نأي» حزب الله بنفسه عن القضية الفلسطينية باعتباره حزبا «ارهابيا» ولا شأن له بهذا الملف الذي ستعمل السعودية على استعادته بفعالية الى «حضن» الجامعة العربية. والمملكة ليست مهتمة بملف حزب الله لبنانيا، والمشكلة الرئيسية ترتبط بعد اليمن، بملف «صفقة القرن» التي تسعى واشنطن لتمريرها بتغطية سعودية لاقفال ملف الصراع العربي - الاسرائيلي. وكانت للتطورات التي تلت اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل، دور اساسي في الدخول الاميركي على الخط لترميم ما انكسر على الساحة اللبنانية لخلق موجة دعائية مضادة على الساحة اللبنانية. فوفقا لتقويم اميركي - اسرائيلي مشترك، لم تكن اي من التحركات في العالم العربي والاسلامي ذات جدوى لمواجهة قرار اخراج القدس من جدول اعمال المفاوضات لتمرير التسوية، فتركيا مجرد «نمر» » من «ورق» والرئيس رجب الطيب اردوغان مجرد «طلقة» «خلبية» لا تصيب ولا «تدوش». اما مصر السيسي فأعطت الضوء الاخضر من «تحت الطاولة» ومن «فوقها»، وهي جغرافيا من اكثر الدول تأثيرا في هذا الملف، وتحييدها كان جزءا من صفقة تتضمن تقديم مساعدة اسرائيلية لمواجهة «الارهاب» في سيناء، وتعبيد الطريق امام الرئيس المصري لتجديد ولايته.
مفاجأة «حارة حريك»
«المفاجأة» جاءت مرة جديدة من «حارة حريك»، التحرك السريع والمكثف لـ«خلية فلسطين» في حزب الله فاق كل التوقعات والتقديرات، ساعات طويلة قضاها السيد نصرالله في اجتماعات «تفصيلية» مع مختلف حركات المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمها حركتا حماس والجهاد الاسلامي. وكانت المفاجأة استجابة قيادة حركة فتح لدعوة الحزب، ما دفع السعوديين في وقت لاحق الى «تأنيب» الرئيس الفلسطيني محمود عباس. لكن الاهم كان ما تسرب من محاضر هذه اللقاءات الى الجانب السعودي والاسرائيلي، حيث تبين وجود «خريطة طريق» مسندة بالوقائع وتقترن باستعداد حزب الله لتقديم مساعدة مفتوحة «لوجستيا» و«استخباراتيا» و«ماليا» لتنظيم مقاومة فلسطينية فاعلة لإجهاض الخطة الاميركية في فلسطين.
العودة الى «7 ايار»
وامام العجز في تغيير الوقائع الانتخابية، ينص جدول الاعمال السعودي للمرحلة المقبلة على اعادة الاعتبار للدعاية السلبية في مواجهة حزب الله بعد تراجع «خطير» ترجم عمليا في تغييب حلفاء الممكلة تركيزهم على سلاح الحزب غير «الشرعي» وهيمنته على مؤسسات الدولة، والاخطر في ما نوقش خلال الساعات القليلة الماضية التي قضاها العلولا في بيروت، بإعادة الاعتبار لتاريخ السابع من ايار 2008 الذي يرتبط «مصادفة» بتاريخ الانتخابات النيابية، للتذكير من خلاله بأن سلاح الحزب «ميلشياوي» وليس سلاحا للمقاومة، وهو قتل السنة في بيروت، كما يقتلهم في سوريا، والمطلوب التركيز مجددا على وصف السيد حسن نصرالله لهذا التاريخ بأنه يوم «مجيد».
«تهشيم» مكانة السيد نصرالله
ووفقا للمعلومات، فإن السعودية مستعدة لصرف الاموال على الدعاية المضادة للحزب «شريطة» اتخاذها منحىً اكثر «تصادمية» مع المشروع الايراني الذي يمثله الحزب في لبنان، والهدف الرئيسي في هذه الحملة اولا واخيرا «تهشيم» صورة السيد نصرالله، وضرب مصداقيته داخليا، وفي العالم العربي، بعد نجاحه في «اختراق» الساحة الفلسطينية، وتراجع الحملة ضده ازاء مشاركته في الحرب السورية، وهو ما تعتبره الرياض خرقا غير مقبول بعد سنوات 7 «عجاف» عقب الحرب في سوريا. اضعاف «مصداقية» السيد اولوية، امام جمهوره وفي العالمين العربي والاسلامي، والعودة للتركيز مجددا على دور الحزب في سوريا من زاوية طائفية، والتركيز على «مزاعم» دوره في القيام بتهجير قسري للسنّة من محيط دمشق لإحاطة العاصمة بحزام آمن يحمي النظام السوري.
«حسابات وهمية»
العمل على ايجاد «خرق» ضمن «بيئته الحانقة» وتعزيز دور القيادات الشيعية المناوئة له في ساحته مهما صغر دورها، والتركيز بشكل رئيسي على دعم «المجتمع المدني» وإعادة تلميع شخصيات معروفة بانتقاها للحزب كرئيس تيار «الانتماء اللبناني» احمد الاسعد في الجنوب، والامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، في البقاع، ومساعدتهما ماليا واعلاميا، والتركيز على مسألة الحرمان وغياب التقديمات الحقيقية لمناطق الاطراف، وخصوصا منطقة بعلبك ـ الهرمل. والنفاذ من هذه القضايا، اضافة الى العمل على خلق حسابات وهمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي «لتضخيم» حالة الاعتراض على ترشيحات الحزب، لان السعوديين يعتقدون بأن الدعاية السلبية حيال «التضحية» بالشبان الشيعة لن يكون لها اثر كبير بعدما نجح الحزب في استعادة الكثير من «بريقه» بعد معركتي جرود عرسال، وراس بعلبك، والقاع، ونجاحه في اخراج مسلحي «النصرة» و«داعش» من الحدود السورية ـ اللبنانية.
«غزل» سعودي لـ«بري»
رفع وتيرة «الغزل» برئيس مجلس النواب نبيه بري، وما قاله الموفد السعودي نزار العلولا بعد لقائه، ليس الا مقدمة لمسار تحسين العلاقة مع الشيعة، فالرياض تريد تقديم نفسها «بوجه» جديد يقوم على التأكيد ان المملكة ليست ضد الشيعة بل ضد حزب الله الذي ينفذ اجندة ايرانية في لبنان، وسيتم تفعيل «الحراك» تجاه رئيس المجلس لإظهار وجود تباين بينه كممثل «للمعتدلين» الشيعة، في مقابل «تطرف» حزب الله.
تحييد عون والاستثمار «بباسيل»؟
وفي جدول الاعمال السعودي ايضا، محاولة «لتحييد» رئيس الجمهورية ميشال عون عبر «تهميشه» عربيا، والاستثمار بالعلاقة بين تيار المستقبل ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ولذلك من غير المتوقع ان يقدم الحريري على «خربطة» العلاقة الجيدة مع «التيار»، خصوصا ان «المطالعة» الانتخابية التي قدمها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب للموفد السعودي نزار العلولا، كانت حاسمة لجهة التأكيد على «انتصار» القوات» في معركة استعادة «التوازن» للشارع المسيحي في الانتخابات النيابية المقبلة. ووفقا للوعد الذي قطعه «الحكيم» للزائر السعودي، لن يكون باسيل او الرئيس عون قادرا على «ادعاء» تمثيل التيار الوطني الحر للشارع المسيحي، وقد جرى تقديم ارقام تفصيلية تظهر على نحو مؤكد قدرة «القوات» على مقارعة تمثيل «التيار البرتقالي» في المجلس.
جعجع و«الانتصار» على «التيار»
ووفقا لاوساط وزارية بارزة، كان جعجع واضحا لجهة التأكيد للموفد السعودي ان إحداث تغييرات جذرية في خارطة المجلس النيابي المقبل غير ممكن، حتى لو تمت اعادة تجميع قوى 14 آذار انتخابيا، ومن المحسوم ان حصة حزب الله وحلفائه ستكون في حدها الادنى 44 مقعدا و47 في حدها الاقصى، دون احتساب حصة «التيار الوطني الحر» ونواب «الطاشناق، ومعهما قد تصل «بإعجاز» الى 69 نائبا، لكن الجديد «المفرح» في مقاربة «الحكيم» هو انتزاع «ادعاء» التيار الوطني الحر لتمثيل المسيحيين، لان «القوات» ستكون الرابح الاكبر مسيحيا، بعد ان جاءت حسابات «حقل» الوزير باسيل مغايرة لحسابات « البيدر»، وفي رأي جعجع لو عاد الزمن الى الوراء لما كان قبل وزير الخارجية في هذا القانون، بعد ان اكتشف متأخرا انه ضد مصلحته في الشارع المسيحي!
ووفقا لتلك الارقام، فان للتيار الوطني الحر 15 مقعدا محسوما في المجلس القادم، وسقف كتلتهم مع «الطاشناق» 19 نائبا، فيما تضمن «القوات» الفوز بـ12 مقعداً مع النائب ميشال فرعون، وتنافس جديا على 6 مقاعد، طبعا هذه الارقام «أثلجت» «قلب» الموفد السعودي الذي اعتبر ان اضعاف حليف حزب الله قد يكون «جائزة» ترضية مقبولة في الانتخابات، ولذلك الاولوية يجب ان تكون لاعادة «العصب» الى الائتلاف السياسي الشامل لقوى 14 آذار بعد الانتخابات، واعدا «بالمونة» على تيار المستقبل للتحالف على «القطعة» حيث يمكن ذلك.
«خسائر» «التيار البرتقالي»
وفي تفاصيل تلك الارقام «الاحصائية» «القواتية»، لن يحصل التيار الوطني الحر في دائرة بيروت الاولى سوى على مقعد واحد، و3 مقاعد سيحسمها الطاشناق الذي يحسن ادارة «الصوت التفضيلي»، في بيروت الثانية لن يحصل «التيار» على اي مقعد، وفي دائرة صيدا ـ جزين لن يكسب الا نائباً مارونياً بعد قرار «المستقبل» فض التحالف معه بحيث يذهب المقعد الكاثوليكي للتيار «الأزرق»، في دائرتي الجنوب لن يحصل «التيار» على اي نائب، في زحلة مقعد واحد، البقاع الغربي سيربح النائب الفرزلي المحسوب على حزب الله، في رأي «القوات» ولا يمكن تسويقه مسيحيا، في بعلبك ـ الهرمل يحتاج «التيار» الى معجزة كي يربح المقعد الماروني، في عكار مقعد واحد، في طرابلس ـ المنية ـ الضنية صفر مقعد والنائبان المسيحيان سيكونا من حصة «المردة» ولائحة الرئيس نجيب ميقاتي، في دائرة البترون ـ الكورة ـ زغرتا ـ بشري، مقعد الوزير جبران باسيل وحده مضمون في البترون، وفي كسروان ـ جبيل 3 مقاعد مضمونة «للتيار» والرابع غير محسوم، في المتن 3 مقاعد وواحد للطشناق، وفي بعبدا مقعد واحد محسوم، وفي دائرة الشوف ـ عاليه بحسب ارقام «القوات» هناك فقط 4 مقاعد محسومة «للتيار الوطني الحر»، وهذا يعني ان الكتلة المرتقبة لن تتجاوز العشرين نائبا مع «الطشناق».
«ارباح» «القوات»
في المقابل تمنح تلك الاحصائيات، «القوات» وحدها، 12 نائبا مع الوزير ميشال فرعون. ومن المرتقب اي يربح مرشحها في بيروت الاولى، زائد فرعون، وواحد في زحلة، وآخر غير محسوم، ونائب عن البقاع الغربي، و3 في دائرة زغرتا ـ الكورة ـ بشري ـ البترون 3 مقاعد، وواحد غير محسوم، وفي كسروان ـ جبيل مقعدان، وواحد في المتن، وتنافس على مقعد آخر، ومقعد في بعبدا، ونائب عن دائرة الشوف ـ عاليه وتنافس على مقعد ثان. كما تنافس القوات على مقعد في عكار، وآخر في بعلبك ـ الهرمل. وهذه النتائج كفيلة في رأي «معراب» في احداث الخرق المطلوب «لتفاهم مار مخايل» خصوصا اذا ما تم تسويق «فكرة» تفضيل حزب الله التحالف مع حركمة امل على حساب «التيار».