فيما بدأ الحريري زيارته الرسمية للرياض، طرح سؤال بقوة أمس هل تشكّل هذه الزيارة نقطة تحوّل بين المرحلة السابقة والمرحلة المقبلة لبنانياً وسعودياً؟
يعرف اللبنانيون كيف ذهب الحريري الى الرياض، لكنهم لن يعرفوا كيف سيعود؟ هل سيعود الى تَموضعه السابق؟ أم يبقى في تموضعه الحالي؟ ام يجد «تسوية» بين التسوية الرئاسية والمملكة تسمح له بحفظ كل الخطوط المفتوحة في هذه المرحلة الدقيقة التي تستدعي وحدة وطنية لاجتيازها؟

وتفيد المعلومات المتوافرة انّ الحريري الذي كان يفضّل أن يُستقبل كرئيس حكومة لبنان منذ وصوله الى الرياض، استُقبل كإبن السعودية في المطار، وكرئيس حكومة لبنان في القصر الملكي في اليمامة، بحيث جلس على كرسي الى يمين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وفق البروتوكول السعودي الخاص باستقبال رؤساء الدول.

وتضيف المعلومات أنّ اجتماع الحريري مع الملك سلمان اتّخَذ «الطابع البنَوي»، ورَطّب الاجواء الشخصية بعد ملابسات زيارته السابقة في 4 تشرين الثاني الماضي، وانّ اجتماعه المرتقَب اليوم مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان يُعدّ الاجتماع الحاسم الذي سيتمّ خلاله رسم نوعية العلاقات بين الرجلين من جهة، وبين المملكة ولبنان في المرحلة المقبلة من جهة أخرى.

ووفق المعلومات فإنّ الموفد السعودي نزار العلولا الذي عاد من لبنان الى المملكة، نقل أجواء إيجابية عن مختلف المسؤولين والشخصيات الذين التقاهم، وعلى أساس نتائج هذه الزيارة ستحدّد المملكة خطة تحرّك لها في لبنان، وقد لا تكون محصورة فقط بالاستحقاق الانتخابي الذي بات صعباً تغيير مساره نظراً لنوعية قانون الانتخاب ولتقدّم فريق الثامن من آذار وحلفائه، إلّا في حال حصلت تحالفات جديدة في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.

وقد استبَق ولي العهد السعودي لقاءه بالحريري المنتظر اليوم بالقول لصحيفة «واشنطن بوست» انه «تعرّض للانتقاد بنحو غير مبرّر واتُهِمَ بأنه ضَغَط على الرئيس سعد الحريري للاستقالة في شهر تشرين الثاني الماضي». واعتبر «أنّ وضع الحريري الآن أفضل في لبنان مقارنة بـ«حزب الله».

اللقاء مع الملك
وأفادت «وكالة الانباء السعودية» الرسمية (واس) وكذلك المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أنّ الملك سلمان استقبل الحريري في قصر اليمامة في الرياض «وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في مستجدّات الأحداث على الساحة اللبنانية».

وذكرت الوكالة أنه حضر اللقاء وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان والمستشار في الديوان الملكي نزار بن سليمان العلولا، وسفير المملكة لدى لبنان وليد بن محمد اليعقوب، وسفير لبنان لدى المملكة فوزي كبارة.

وكان في استقبال الحريري لدى وصوله الى الرياض فجر أمس المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والوزير المفوض وليد البخاري الذي غرّد أمس قائلاً: «مهما يَطل بُعدنا فالجَمعُ يَشتمِلُ»، كذلك كان في استقباله سفير لبنان في الرياض والمراسم الملكية.

بري
في هذه الاجواء، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في «لقاء الأربعاء النيابي» أنّ زيارة الموفد السعودي «كانت ودية لإعادة ترميم العلاقات اللبنانية ـ السعودية». واشار الى انّ هذا الموفد «لم يتطرّق الى الانتخابات النيابية، ولكنه عائد الى لبنان بعد زيارة الحريري للمملكة».

المشنوق
والى ذلك أوضح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، انه «لظروف طارئة» تغيّب عن المشاركة في زيارة الحريري للرياض، ولفت الى انه تلقّى امس اتصالاً من نظيره السعودي «للسؤال والاطمئنان»، ودعاه إلى زيارة رسمية للمملكة نهاية الشهر الحالي.

صورة إنتخابية ضبابية

وعلى خط الانتخابات النيابية، ومع اقتراب موعد إقفال باب الترشيحات في 6 آذار الجاري وقبل أيام من فتح باب تسجيل اللوائح الانتخابية، ظلّت صورة التحالفات الانتخابية ضبابية، علماً انّ بورصة الترشيحات أقفلت امس على 65 مرشحاً، من بينهم وزير الداخلية. وقد بلغ عدد المرشحين حتى الآن 287 مرشحاً في كل الدوائر.

وكشف مصدر يواكب الاتصالات في شأن التحالفات المسيحية لـ«الجمهورية» انّ حزب الكتائب أبلغ الى جميع المعنيين، وفي مقدمهم «القوات اللبنانية»، أنه يصرّ على أن تكون تحالفاته «سياسية مبنية على مواقف واضحة في مواجهة نهج السلطة وأركانها».

الامر الذي دلّ الى حائط مسدود بَلَغته محاولات التحالف بين «القوات» والكتائب، خصوصاً في ظل استمرار المفاوضات بين «القوات» وكل من «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» في شأن عدد من المناطق.

ويتوقّع متابعون لمسار الحملات الانتخابية ان ينصرف حزب الكتائب غداً الى البدء بالتفاهم مع المرشحين الحلفاء لتركيب لوائح في معظم الدوائر، وذلك بعد ان يكون قد اختار مرشّحيه الحزبيين في اجتماع استثنائي لمكتبه السياسي بعد ظهر اليوم.

وقد اعتُبرت زيارة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل لرئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون، أمس، والتي ترافقت مع إعلان «الاحرار» أسماء مرشحيه في عدد من الدوائر، إشارة انطلاق هذين الحزبين الى البحث في التفاصيل وذلك بعد اجتماع آخر عقد أمس الأول بعيداً من الإعلام بين الجميّل والنائب السابق فارس سعيد للبحث في لائحة كسروان - الفتوح وجبيل. وفي معلومات لـ«الجمهورية» فإنّ الخطوط العريضة لهندسة اللوائح والتحالفات الانتخابية بين الكتائب وحلفائها قد وضعت على نار حامية.

جعجع
وفي المواقف، أعلن رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أنّ «القوّات سترشّح أشخاصاً في الغالبية الساحقة من الدوائر، وانّ المرشحين المفترضين هم من حملة التغيير الفعلي وليس بالقول فقط، والإصلاح في العمق وليس بطرق أخرى، وهؤلاء سيكونون على شاكلة نواب «القوّات» الحاليين ووزرائها».

وفي المقلب الآخر قال الوزير محمد فنيش انه «بات واضحاً أنّ الانتخابات ستجري في موعدها، ونحن في «حزب الله» نسعى مع حلفائنا للاحتكام الى رأي الناس، كذلك نسعى الى تعزيز الاستقرار والبناء على ما أنجزته المقاومة لأجل بناء دولة حقيقية تواجه المشكلات التي يعانيها المواطن».

واعتبر «أنّ الاسرائيلي يتدخّل علناً في الانتخابات والبعض يريد تشويه الحقائق خصوصاً لو أراد شعبنا إعطاء ثقته للمقاومة»، وسأل: «هل كان يمكن لنا أن نعمل وفقاً للمواعيد والاستحقاقات الدستورية والاطمئنان الى إجراء الانتخابات في موعدها لولا تضحيات المقاومين ودماء شهداء الوطن؟».

الموازنة
في مجال آخر، تستأنف اللجنة الوزارية المكلّفة درس مشروع قانون موازنة 2018 اجتماعاتها عصر اليوم في السراي الحكومي، بعدما واصلت في اجتماعها الخامس أمس، وفي غياب الحريري، البحث في نفقات الوزارات.

وأكد وزير المال علي حسن خليل بعد الاجتماع: «أنجَزنا موازنة وزارات عدة، واتفقنا على متابعة الاجتماع غداً للبحث في موازنات بقية الوزارات، وطلبنا ان يحضر هذا الاجتماع وزيرا التربية والشؤون الاجتماعية لنناقش الموضوع معهما مباشرة ونتمكّن من الانتهاء من كل بنود الجزء الأول. ولقد تمكنّا، في بعض النواحي، من خفض الموازنة أكثر من 20 في المئة».