منذ إطلاقه في نهاية 2016 وحتى اليوم، حقق مشروع “صراحة” نجاحًا مفاجئًا لم يكن متوقعًا ربما حتى من قبل مطوره زين العابدين توفيق نفسه، وحقق الموقع قبل أن يصبح تطبيقًا انتشارًا كبيرًا على المستوى المحلي والعالمي، وأصبح يصنف رسميًا على أنّه “شبكة تواصل اجتماعي”، وبدأت قاعدة مستخدميه بالازدياد حتى تجاوزت 14 مليون مستخدم في آب أغسطس 2017.
نسبة كبيرة منا كبشر يدّعي أنّ رأي الآخرين لايهمه في شيء، ويحاول أن يظهر كذلك، ولكن في الواقع لايوجد من لايريد أن يعرف (ولو لمجرد المعرفة) رأي الآخرين فيه أو انطباعهم عنه، وقد وفرت شبكة صراحة هذه الإمكانية، وهذا هو السبب الرئيسي وراء الانتشار الفيروسي للمنصة.
ولكن كما كل شيء في العالم لابد من جانب سلبي لهذه المنصة، فكما لكل شخص أصدقاء قد يكون له أعداء، أو أناس لايتمنون له الخير، وقد ساعد تطبيق صراحة هؤلاء الأشخاص على إيذاء الآخرين بآراء سلبية مستفيدين من الخصوصية والسرية التي تقدمها المنصة.
وبسبب تكرر حوادث “التنمر” والإساءة عبر هذه المنصة، والضرر النفسي الذي لحق للكثيرين بسببها أطلق مجموعة من النشطاء قبل فترة حملة على موقع Change.org مطالبين بها بإزالة تطبيق صراحة من متاجر التطبيقات، وبالفعل حصلت هذه الحملة على 469,662 توقيع من أشخاص حول العالم خلال أقل من أسبوع واحد فقط، ويبدو أنّ هذه الضغوط أدت في النهاية إلى إزالة التطبيق بالفعل من متاجر التطبيقات الرئيسية، والحديث هنا عن AppStore، و Google Play.
تلك الرسالة مجهولة المصدر وصف فيها أحدهم ابنتي الجميلة، واللطيفة ذات الثلاثة عشر عامًا بأنّها “عاهرة، أتمنى أن تقتلي نفسك، لن يهتم أحد لذلك على الإطلاق”، كيف يمكن لفتاة بهذا العمر أن تتعامل مع هذا النوع من التنمر؟ احجبوا تطبيق الصراحة الذي قال فيه أحدهم لابنتي “اقتلي نفسك”
كاترينا كولينس – منظمة حملة “أزيلوا تطبيق صراحة”
وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها من هذا النوع، بل تكرر الأمر كثيرًا، ومن المؤكد أنّك قد سمعت عن الكثير منها مؤخرًا أثناء تصفحك لشريط التغذية الأخبارية الخاص بك على فيسبوك أو تويتر، ولم يتوقف الأمر على تطبيق صراحة فقط، بل تعرضت الكثير من التطبيقات التي تقدم خدمات “التواصل مجهول الهوية” لانتقادات مماثلة، تطبيقات مثل: Yik Yak ،Secret ،Whisper، وحتى ask.fm قد حاولت جميعها، ويبدو أنّها فشلت في بناء شبكات تواصل اجتماعي تخفي هوية الأشخاص، ولكن الفرق الوحيد هو أنّ أيًا من التطبيقات التي تم ذكرها لم يصل إلى المركز الأول في متاجر التطبيقات، كما حصل مع تطبيق صراحة، لقد أصبح ظاهرةً عالميةً بالفعل!
أشرس الانتقادات التي تعرض لها موقع Ask.fm حصلت في عام 2013 بعد أن تم تسجيل عدد من حالات الانتحار المرتبطة برسائل التنمر التي وصلت من قبل أشخاص مجهولي الهوية على هذه الشبكة، وحالة الرعب، والاضطراب النفسي الذي يمكن أن تصيب المراهقين نتيحةً لذلك، وربما كان بإمكان القائمين على شبكة صراحة تجنب تكرار هذا الحوادث لو قام بتوفير آلية معينة للتعامل معها، خاصةً بعد أن تجاوز عدد مستخدميه 14 مليون مستخدم، كان بإمكانهم التعلم من تجارب من سبقهم.
و إلى جانب الحوادث التي تحدث نتيجة إساءة استخدام التطبيق، تعرض تطبيق صراحة قبل فترة إلى انتقادات أخرى، واتهامات بانتهاكه لخصوصية المستخدمين، بعد أن تم اكتشاف محاولة التطبيقات الوصول إلى الأسماء وجهات الاتصال الخاصة بالمستخدمين، وقد تم تبرير ذلك بأنّها “ميزة مستقبلية” جاري العمل عليها لإضافتها إلى التطبيق لاحقًا.
ولكن حتى بعد إزالة التطبيق من متاجر التطبيقات، ما زال بالإمكان الوصول إليه من خلال متصفحات الإنترنت على الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر على حدٍ سواء، وبتجربة مقاربة جدًا لتلك التي يقدمها التطبيق، فهل فعلًا إزالة التطبيق من المتجر هو إجراء مؤثر؟