رجل حكيم في قريتي مضى من عمره 80 عاماً قال لي يوماً حينما كان عقلي كعقل السيد حسن نصر الله عقلا ثوريا مراهقا يسبح في بحر الأوهام والخيال ويحسبها حقائق ووقائع حينما كنت أناضل لكي أصنع لشعبي ( كرامة ) وليس كهرباء ، ولا ماء ، ولا دواء ومستشفيات ، ولا تنمية ، ولا عمران ، ولا جسور وطرقات ، ولا مساكن شعبية للفقراء ، ولا جامعات ، وبعد 18 سنة قضيناها بالغباء والجهل أدركنا باستحالة وجود كرامة من دونها !
قال لي حكيم من قريتي :
يا شيخ إن وزير الداخلية رشيد الصلح في أوائل السبعينات أصدر مرسوما وزاريا بدافع الحرص على كرامة ماسحي الأحذية أوجب فيه على ماسحي الأحذية إقتناء كرسي حتى يجلس الزبون عليها ويخلع حذاءه من قدمه ويناوله لماسح الأحذية لا أن يقف الزبون ويمد قدمه وحذاءه بين يدي ماسح الأحذية منتهكاً ( كرامته ) ، وبسبب هذا المرسوم أعرض كثير من الزبائن عن مسح أحذيتهم بهذه الطريقة التي تُسَبِّب إزعاجا لهم ، ونتيجة ذلك انخفض المدخول المالي عند ماسحي الأحذية وهبط هبوطا ذريعا فالذي كان يُنْتِجُ أكثر من 10 ليرات في اليوم بات يُنْتِجُ أقل من 5 ليرات وبسبب ذلك قام ماسحو الأحذية بتظاهرة ضد وزير الداخلية بشعار [ شكراً لحرصك على كرامتنا يا حضرة الوزير لا نريد كرامة ليس وراءها عمل نعيل به عوائلنا وليس وراءها حياة طبيعية ].
لو قُدِّرَ لنهر الغدير في حي السلم - المُسَمَّى بحي الكرامة - أن ينطق لصرخ في وجه نصر الله بأعلى صوته وقال له هنا يعيش على ضفتي عيشة بائسة نحو 100 ألف من المحرومين لا يعيش مثلها أفقر شعوب الأرض وإنها مفتوحة على عشرات الأمراض والأزمات الخطيرة المتعددة وهكذا في حي الأوزاعي ، وحي بئر حسن ، وحي الجناح ، وحي الرمل العالي أكثر من 250 ألف من المحرومين ؟!
إن تحريرها من الفقر والبؤس والحرمان أوجب من تحرير مزارع شبعا وفلسطين .
حزب ولاية الفقيه والثوريون حلفاؤه عُشاق الكرامة أنتجوا لنا أفسد وأسوأ دول في لبنان والمنطقة؟