بعد إعلان المرشحين التابعين لحزب الله في كل المناطق اللبنانية رسميا، سُمعت اصوات تستنكر ما حصل من ترشيحات في اكثر من دائرة لان هناك نقمة على الطقم القديم كاملا، لان بيئة حزب الله باتت في مكان آخر، فهي تعيش في نزاع داخلي في ظل إستشهاد مئات الشبان في سوريا وفي ظل تراجع الخدمات المقدمة لهم من الحزب ومن الدولة التي يحصرونها بنواب ووزراء حزب الله.
جمهور حزب الله يعتبر اليوم ان الامور مفروضة عليه ولديه مرشحين لا رأي له في اختيارهم، بل رأيه فقط هو بالتصويت لهم بحسب رغبة الحزب، البعض يصرخ ويقول انه لا يريد ان ينتخب ولكن في الوقت عينه لا يريد ان ينتخب احدا غير حزب الله لانه قلبيا ملتزم بالحزب ولكنه يرغب بتسجيل موقف عبر تدني نسبة الاقتراع، والحملات اليوم تقوم على وسائل التواصل الاجتماعي على توزيع افلام وتسجيلات صوتية لمن لا يريد انتخاب المقاومة لتشجيعه على التصويت.
البعض يربط ما بين الإنماء والإعمار والنيابة، ويريدون إختيار نوابهم الذين يقومون بإعمار مناطقهم وخصوصا البقاع والجنوب، فالبقاع محروم وموازنته في الدولة مفقودة، حتى ان غالبية ابناء البقاع باتوا من المطلوبين بسبب حاجتهم للمال وقد لجؤوا الى طرق ملتوية، وبما ان النيابة بالنسبة للبعض هي انماء وخطط وإعمار فيجب ان تترك الحرية للناخب الشيعي بإختيار ممثلين عنه، وإذا كانت النيابة هي مقاومة وهي لمقاتلة العدو فالجميع سينتخب حزب الله قلبيا.
أهالي البقاع والجنوب يقولون ان نوابهم لم يفعلوا لهم شيئا منذ سنوات، ولم يأت الإنماء الى مناطقهم، وهم يريدون تغييرا حقيقيا هذه المرة، وهذا الامر يستغله اليوم المستقلون. كما ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قال بوضوح للجميع "يلي ما بدو ينتخبنا ما ينتخبنا".
جمهور حزب الله يقف خلف المقاومة ولكن الخلاف هو على خدمة الناس، والإختلاف في وجهات النظر بات موجودا بشكل لافت وظهر الى العلن لأول مرة. البعض يبرر غياب حزب الله عن خدمة منطقته وإنمائها عبر النواب والوزراء بسبب انشغاله في الحرب السورية في السنوات الماضية، ولكن جمهور الحزب تعب من تقديم الشهداء في خارج لبنان كما تعب من انتظار الانماء داخل لبنان.
خيار المقاومة مقدس ولا جدل فيه ولكن الخيار الانتخابي بات مختلفا اليوم، فالجميع يسأل اين المستشفيات أين المعامل اين المصالح؟ حتى انهم يسألون إيران التي فتحت مستشفى في منطقة الجاهلية في الشوف للوزير وئام وهاب لماذا لم تفتح مستشفى في البقاع او في الجنوب؟ والجميع يسأل اليوم ماذا فعل لهم نواب حزب الله الذين اجبروا على انتخابهم في المرة الماضية، وهذه المرة سيجبرون ايضا على انتخابهم تحت شعار "نحمي ونبني"؟ فجمهور الحزب متفق على كلمة "نحمي" ولكن كلمة "نبني" لم ير منها سوى الاحرف المكتوبة ولم يشاهد يوما إعمارا وبناء في مناطقه.
المسؤولون في حزب الله يلقون اللوم على الدولة واجهزتها ويقولون ان الدولة مقصرة، ولكن الجمهور لا يفهم سوى ان نواب حزب الله هم الدولة ووزراء حزب الله هم الدولة، فالجمهور لا يأبه لكلام المسؤولين اليوم وهو يريد وطنا يليق بالشهداء الذين سقطوا ويريد نوابا يمثلون مصالح الناس، ويريدون وزراء يسمع كلامهم، ويريدونهم ان يضغطوا بكل قدراتهم لإنماء مناطقهم بشكل متوزان كما في بقية المناطق، لانهم لم يسمعوا الطقم القديم يوما يقاتل من أجل الانماء.
حزب الله جزء اساسي في تركيبة الدولة التي تنطلق من مجلس النواب وتنتهي في مجلس الوزراء، وهو جزء اساسي في قتال اسرائيل وداعش، والمسؤولون في الحزب يقولون لجمهورهم اليوم ان الدولة لا تقوم فقط على حزب الله بل فيها كل الفرقاء، وكل فريق يريد انماء منطقته وعجلة الانماء في لبنان متوقفة، ويدعون الى تخفيف الضغط عن الحزب الذي دخل السلطة في العام 2005 لحماية نفسه، فهو دخل الى المجلس النيابي والى الحكومات بوزيرين فقط وبحقائب غير اساسية حتى اليوم.
ولكن في مطلق الاحوال فإن النقمة باتت موجودة والأهالي يصرخون ويسألون عن الإنماء والمستشفيات والمعامل والمؤسسات والدعم على المازوت وبدائل زراعة الحشيشة، ويقولون ان من يمثل مناطقهم الشيعية هم نواب حزب الله وحركة امل، فحركة امل وظفت كل جماعتها في الدولة وحزب الله لم يفعل هذا الامر، فهل سنشهد تبديلا جذريا يرضي الجمهور؟