"يحتل لبنان المرتبة الثالثة في التلوث" دراسة تناقلها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي استدعت ردود افعال بين مؤيد ومستغرب لهذه النتيجة. هل حقاً يحتل لبنان المرتبة الثالثة من ناحية التلوث مقارنة بالدول الصناعية الكبرى؟ وماذا نعني بالتلوث؟ أسئلة كثيرة تطرح حول مدى صحة هذه الصورة المتناقلة ودقتها؟ صحيح ان لبنان يرزح تحت التلوث لكنه بالتأكيد لن يكون في الصدارة مقارنة بالهند او الصين او مصر. نشرت الجامعة الأميركية في بيروت دراسة جديدة في العام 2017 تشير الى ان لبنان لم يتخطَّ المعدل المنصوص عليه من منظمة الصحة العالمية ضمن العام لكنه يشهد ارتفاعا بسيطاً في فصل الشتاء وانخفاضاً تدريجياً في فصل الصيف. اليكم الحقيقة الكاملة حول التلوث بتفاصيله وتشعباته.
قبل الحديث عن التلوث، تستهل الطالبة فاطمة حسين التي اعدت الدراسة مع مجموعة من الطلاب بإشراف الاستاذة في قسم الكيمياء في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتورة نجاة صليبا، بالقول أنه "لا يمكن الحديث عن اي تلوث دون تحديد اي نوع من التلوث نحن نتحدث عنه. فهناك عدّة انواع من التلوث منها الجزئيات في الهواء، المواد المسرطنة التي تحتويها هذه الجزيئات والغازات. اذاً، هذه الصورة التي تمّ تناقلها لا تحدد نوع التلوث الذي جعلنا نحتل المرتبة الثالثة".
بالأرقام والمعدلات
وبالعودة الى الدراسة التي أعدتها ونشرتها الجامعة الأميركية تشرح حسين تفاصيلها بالقول "يندرج المعدل العام المنصوص عليه من منظمة الصحة العالمية الى قسمين:
- الجزئيات الصغيرة التي تدخل الى الجهاز التنفسي ومعدلها 25
- الجزئيات الأكبر والتي تدخل في الأنف ومعدلها 50
وبناءً عليه، سجل لبنان معدل 23 كمعدل عام للسنة بكاملها في حين أن هذا المعدل ارتفع في فصل الشتاء وانخفض في فصل الصيف لكنه بقي ضمن المعدل المسموح به خلال العام 2017. أما بالنسبة الى معدل الجزئيات الأكبر التي تدخل في الأنف فسجلت معدل 57، وكان ملحوظاً ارتفاع المعدل في فصل الشتاء وانخفاضها في الصيف.
وفق حسين "صحيح أن بيروت تتخطى المعدل في بعض الأيام نتيجة الانبعاثات ومواد التدفئة وغيرها لكنها تبقى ضمن المعدل الطبيعي مقارنة بالدول الصناعية كالصين والهند والمصر...".
هذا الجدول يشير الى معدل الجزئيات الصغيرة التي تدخل في الجهاز التنفسي، والتي بلغت 23 فيما المعدل العام 20.
في حين يشير هذا الجدول الى تسجيل نسبة 57 فيما المعدل الطبيعي 50.
وتجدر الإشارة الى ان في كلا الجدولين يبقى المعدل الطبيعي ضمن المسموح به في منظمة الصحة العالمية خلال العام لكنه يشهد ارتفاعاً في فصل الشتاء وانخفاضاً تدريجياً في الصيف.
المواد المسرطنة وحقيقتها
لكن ماذا عن المواد المسرطنة الموجودة في الجزئيات الصغيرة؟ تشير حسين الى ان "المعدل المحدد من منظمة الصحة العالمية هو 1، وقد سجل لبنان بين فترة التشرين الثاني وآذار 1.7 اي فوق معدل الطبيعي. وإزاء هذه النتيجة احتل لبنان المرتبة 5 من اصل 10- 15 بلداً، لكنه لم يتخط المعدل الطبيعي العام طوال السنة وانما فقط في فصول الشتاء، كما هي الحال مع تلوث الجزئيات.
اذاً، تقييماً للأداء البيئي يحتل لبنان المرتبة 67 من اصل 180 بلداً. هذه حقيقة التلوث في آخر دراسة، ويبقى ان نعرف ان الناس معرضة اكثر للتلوث في الشتاء منه في الصيف بسبب انحباسه وانخفاض درجة الحرارة.
وفي العودة الى السنوات الماضية بين العام 2008 و2013 نلمس حقيقة عدم تغير في المعدل العام للتلوث مقارنة بالعام 2017، مما يعني أن لبنان ما زال ضمن المعدل الطبيعي مقارنة بالدول الصناعية الكبرى.