يعيش “حزب الله” على التعبئة وإظهار نفسه بموقع المُتآمر عليه دومًا، وهذا ما ظهر خلال كلمة أمينه العام السيد حسن نصرالله الأخيرة حين قال إن الأنظار الاميركية – السعودية تتجه صوب البقاع لما في ذلك من رمزية لهذه المنظقة وما تعنيه لـ”حزب الله”!
إذا كانت هذه المنطقة تعني حقًا الكثير لـ”حزب الله”، فيجب طرح السؤال التالي، ماذا قدّم نواب “الحزب” من مشاريع إنمائية لخلق فرص عمل لدعم أبسط مقومات صمود أهل المنطقة في بقعة تعاني من الإهمال والحرمان منذ زمن طويل؟.
سئم الناس لغة المقاومة، وملّوا من الحروب والدماء التي يقتات عليها “الحزب”. وكما في كل خطاب، لم يقدّم “حزب الله” أي مشروع أو أهداف إنمائية، حتى برامجه الإنتخابية تفتقر الى العناوين التي يحتاج إليها أهالي بعلبك ـ الهرمل، فالحاضر الأبرز وشبه الأوحد في تلك الخطابات هي المقاومة فحسب، وكيفية حمايتها من المخاطر والمؤامرات المزعومة وكأن حروب المنطقة هي من مسؤولية أهالي البقاع.
مقاومة وحماية المقاومة، تصدي وصمود وحروب عبثية بلا فائدة، والحجة الجديدة هي البلوك 9 والتهديدات الإسرائيلية التي يتفرّد “الحزب” بمصادرة وإحتكار الدفاع عن ثروات لبنان النفطية… كما يزعم.
تسع سنوات مرّت ولا يزال البقاع كما هو، وبالرغم من شعار الحزب الإنتخابي “نحمي ونبني” لم تُسجل أي عملية للبناء والإنماء، كل ما في الأمر هو غرق في حروب المنطقة وإرتهان لمطالب إيران التوسعية. يعلم “حزب الله” أنه لم يقدّم شيئاً لبيئته، لذلك يعمل على شد العصب من خلال إعتماد لغة المؤامرة والتصويب نحو أن أميركا والسعودية، آخر أفكاره أن هاتين الدولتين تريدان إسقاط “حزب الله” إنتخابياً في هذه الدائرة !
هذه اللغة الخشبية لم تعد تنطلي على أحد، لأن “حزب الله” في موقع المتآمر على لبنان وليس العكس، وشعار “نحمي ونبني” يعّبر فعلاً عن أهداف إيران التي لم يأتِ نصرالله على ذكرها، وهي “نحمي” مصالح إيران و”نبني” دويلات في لبنان وسوريا والبحرين واليمن والعراق. فإذا كان نصرالله يعتقد بأن اميركا والسعودية موجودتان في بعلبك ـ الهرمل، فإيران حكماً موجودة في كل المناطق التابعة للبيئة الحاضنة، وقرار التصويت يجب أن يكون إنطلاقاً من التالي: هل يريد أهالي بعلبك الهرمل فعلاً العيش تحت حكم الإستراتيجية الإيرانية، أم أنهم يريدون العيش بحرية والتصويت لبناء دولة تحميهم وجيش يحمي حدودهم؟.
كلام نصرالله الأخير وتمهيده لإمكانية خرق لوائح “الحزب” في دائرة بعلبك – الهرمل، اتى ليدحض كل ما قيل عن أن “حزب الله” يعتبر أن الإنتخابات أصبحت وراءه وإن ضمن وصول مرشحيه ويتطلع إلى كيفية توزيع الأصوات التفضيلية على الحلفاء!.
كما أن الحديث عن خرق لائحة “الحزب” يؤكد أن هناك حالة شيعية مناهضة لمحور إيران بدأت بالظهور وستخرق بطبيعة الحال.