«أعجوبة سماوية»، «تدخّل إلهي»، «مشيئة ربّانية»... كلها اجتمعت لإنقاذ حياة الشاب ساري أبو رحال، بعدما تعرّض 4 مرات لعملية دهس في عقر داره صباح الأحد المنصرم. لم يكن فيلماً بوليسياً ولا لقطة لفيديو كليب، إنما روح إجرام إستفاقت لدى رالف أ.ن. الذي حاول وضع حدٍّ لحياة ساري بعدما رأى منه رسالة على هاتف صديقته. 4 عمليات دهس وساري يقاوم نزيفه، يتحامل على جراحه وهو يصرخ في وجه ذاك الوحش «أريد الحياة».
حتى فجر اليوم، كان الشاب ساري أبو رحال (30 سنة) لا يزال يَرقد في العناية الفائقة في مستشفى «سيدة لبنان»، فيما مدخل الطوارئ يعجّ بالمحبّين، بكل من عرفه من قريب وبعيد. حرص جميعهم منذ اللحظة الأولى لدخول ساري المستشفى على انتظار أي خبر «بيفش الخلق»، عند عتبة الطوارئ. منهم من افترش الرصيف، وآخرون غصت بهم المقاهي، أما حديثهم الوحيد: «والله ساري خيرة الأوادم»، «ساري بيحبّ الحياة ما بيستاهل إلّا كل خير».
أما عائلته الصغيرة، فأبت التحدّث إلى الإعلام. الأم تتألّم بصمت، وتتأمل من الرب أن يكمل معها الأعجوبة ويخرج إبنها معافى، فيما شقيقته تُتمتم في قرارة نفسها «الدولة ستأخذ لنا حقنا».
في التفاصيل...
يروي صديق ساري لـ «الجمهورية» تفاصيل تلك الليلة المشؤومة، قائلاً: «خرج ساري وصديقه ليسهرا في أحد الملاهي الليلية في بيروت، حيث كان يسهر أيضاً زينة ر. ورالف أ.ن.. إسترعت الشابة إنتباه ساري، فتبادلا نظرات الإعجاب، ولاحقاً أرسل إليها رسالة قصيرة على «الإنستغرام»، وانتهت السهرة بكل هدوء وسلام عند ساعات الفجر الأولى».
ويضيف: «عاد ساري إلى منزله الكائن في موقف مدينة الملاهي «دريم بارك» والتي يملكها، وما لبث أن خلد إلى النوم، حتى استيقظ قرابة السادسة صباحاً على صراخ وتكسير في سيارته AUDI، وعلى «تشفيط» في سيارة رباعية الدفع X6، يقود سائقها بسرعة ذهاباً وإياباً».
ويتابع: «إتصل ساري بالناطور مستفسراً عما يحدث، فعلم منه أنه ابتعد بعد تعرُّضه للضرب، وأن سيارة X6 قد عادت أدراجها، وأن لا أحد في الموقف. خرج حينها ساري من منزله ليطمئن لما حصل، وإذ بلحظة البرق يرى أن رالف نفسه من كان في السهرة يتجه نحوه بسرعة جنونية»، مشيراً «إلى أن ساري للوهلة الأولى لم يبتعد، لأنه اعتقد أن «المكسيموم» الذي قد يقع هو مشكل وتضارُب.
ولكن لسوء الحظ، تعمّد رالف دهسه 4 مرات، محاولاً وضع حد لحياته». ويضيف: «وقع ساري أرضاً وارتطم بالحائط، ولم يكد يلتقط أنفاسه ليستوعب ما يتعرّض له، حتى دهسه رالف مراراً، فيما الشابة زينة ر. إلى جانبه تتأمّل ما يحدُث». ويتابع: «لحسن حظ ساري أن حفرة أشبه بـ «ريغار» كانت في محيطه، فوقع فيها محتمياً».
هل من خلافات قديمة؟
تؤكد إحدى صديقات ساري «أن لا خلافات قديمة بين ساري ورالف، وهما يعرفان بعضهما بالإسم ليس أكثر»، فيُقاطعها صديقها مذكّراً بما ارتكبه شقيق رالف منذ نحو سنة، قائلاً: «نذكر جيداً كيف أن شقيقه صدم أحد الشبان وأرداه قتيلاً، ولكن لم يُسجن، وبسحر ساحر لُفلفت القضية، الجماعة أصحاب سوابق...».
وتُتابع الصديقة حديثها لـ«الجمهورية»: أنقذ ساري نفسه بنفسه بصعوبة، نهض من الريغار متجهاً نحو هاتفه وهو ينزف بجنون، واتصل بصديقه الذي أمضى معه تلك السهرة قائلاً: «عجِّل تاع إيدي مقطوشة إجا رالف أ.ن. وطرقني بالسيارة»... وما إن وصل صديقه حتى حضرت سيارة الصليب الأحمر ونقلت ساري إلى مستشفى سيدة لبنان».
«المهمّ بيناتنا»
«المهم يعيش». بهذه العبارة يختصر رفاق ساري تمنياتهم وصلواتهم، معبِّرين عن قلقهم على صديق «العمر»: «نتيجة كمية الدم الهائلة التي فقدها ساري، طلبنا أكثر من مرّة وحدات دم، ولا شك في أننا نتخوّف من تجدُّد أيّ نزيف. أما يده فقد نالت الحصة الأكبر من الضربة للأسف، بعدما تقطّعت الشرايين فيها، وربما قد يضطر أن يخسر وظيفتها، على أي حال المهمّ أن يبقى بيننا».
ما عاد يعرف أهل ساري ليلهم من نهارهم، فيما أهل الزوق تحديداً واللبنانيون عموماً، مصدومين لهول «الزعرنات» المتفشية في الآونة الاخيرة، ويصرخون: «متى سيُرفع الغطاء عن هؤلاء؟».