في اليوم الأوّل من محادثات موفد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، مع كل من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وعدد من القيادات السياسية ورؤساء الأحزاب، وفي مقدمهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، الذي أقام مأدبة عشاء تكريمية للموفد الملكي والوفد الذي يرافقه، عاد الدفء بقوة إلى العلاقات اللبنانية - السعودية، من زاوية الحرص على أفضل العلاقات الذي تبديه المملكة مع لبنان «على حدّ تعبير الدبلوماسي السعودي العلولا، الذي نقل رسالة شفهية من الملك السعودي إلى الرئيس عون ضمنها تحيات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد محمّد بن سلمان بن عبد العزيز، وتأكيداً على لسان الموفد الملكي من ان بلاده تقف إلى جانب لبنان وتدعم سيادته واستقلاله وتتطلع إلى مزيد من التعاون بين البلدين في المجالات كافة.
وكشف مصدر لبناني ان المستشار العلولا اعلم الرئيس عون انه سيزور الرئيس نبيه برّي غداً، وسيوجه دعوة للرئيس الحريري لزيارة المملكة.
على ان الأهم في اليوم الأوّل من محادثات الموفد الملكي السعودي يتصل بحدثين: الأوّل تسلم الرئيس الحريري دعوة لزيارة السعودية، هي الأولى منذ أربعة أشهر بعد الاستقالة، والتراجع عنها في بيروت، والثاني مأدبة العشاء التي أقامها د. جعجع على شرف السفير العلولا والوفد المرافق، والتي تخللتها أحاديث تناولت مجمل المواضيع التي تشغل لبنان والمنطقة، من النفط اللبناني والخلاف الداخلي حوله، إلى المجازر في الغوطة الشرقية، فضلاً عن تطبيع العلاقات اللبنانية - السعودية وتنقيتها من الشوائب التي عرفتها في الآونة الأخيرة، إلى جانب الانتخابات النيابية، وما يمكن ان تسفر عنه من تحالفات وبرامج.
الموفد السعودي
وفيما أكّد الرئيس الحريري ان محادثاته مع الموفد السعودي كانت «ممتازة»، وانه «سيلبي الدعوة التي تلقاها منه لزيارة المملكة في أقرب وقت ممكن»، ذكرت مصادر القصر الجمهوري ان جو اللقاء بين الرئيس عون والموفد السعودي كان ودياً وايجابياً ولو انه استمر 12 دقيقة بحكم طبيعة الزيارة.
ورحب الرئيس عون بدعوة الرئيس الحريري منوهاً بحرص المملكة على حفظ الاستقرار في لبنان.
غير ان جعجع الذي استضاف الموفد السعودي إلى مأدبة عشاء في معراب، وشارك فيها السفير السعودي في بيروت وليد اليعقوب والوزير المفوض في الديوان الملكي وليد بخاري، ووزير الإعلام ملحم رياشي والنائب ستريدا جعجع، لفت إلى ان المحادثات طالت بشكل أساسي المشاكل الرئيسية التي يُعاني منها لبنان في الوقت الحاضر، كما تمّ التطرق إلى الأزمة في سوريا وسائر منطقة الشرق الأوسط، وأعلن ان المملكة العربية السعودية مستعدة دائماً لمد يد العون للبنان، الا انهم يعتبرون انه في العامين المنصرمين قام بعض القيادات اللبنانية بمبادرات عدائية تجاه المملكة، ولكن لا يمكن لأحد العمل في هذا الجو.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان الموفد السعودي سيضغط على الرئيس الحريري من أجل التحالف مع «القوات اللبنانية» أوضح انه تمّ التطرق إلى ملف الانتخابات النيابية وان المملكة لا تتدخل في التفاصيل الصغيرة، وشدّد على ان هناك نية سعودية كبيرة وواضحة من أجل إعادة ترميم العلاقة اللبنانية - السعودية، واكبر دليل على ذلك الدعوة الرسمية التي وجهت للرئيس الحريري والذي سيلبيها بأسرع وقت ممكن، آملاً ان تكون هذه الزيارة بداية لعهد جديد بين لبنان والسعودية وعودة العلاقة إلى سابق عهدها.
وحول مشاركة السعودية في المؤتمرات الدولية لدعم لبنان، قال: إذا ما تمّ إعادة ترميم العلاقات فمن المؤكد ان السعودية ودول الخليج سيعودون إلى معاملة لبنان مجدداً كما كانوا يعاملونه سابقاً، ولن يتأخروا بمد يد العون له بالرغم من ظروفهم الصعبة والحروب التي يواجهونها.
نزاع النفط
وعلى الرغم من الانشغال الرسمي والسياسي والشعبي بزيارة الموفد السعودي، بقي النزاع النفطي والحدودي بين لبنان وإسرائيل في صدارة المشهد الداخلي، وهو حضر في الجولة التي أجراها أمس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لإدارة عمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا وشملت الرؤساء الثلاثة، وجولة له على الحدود الجنوبية مع قائد «اليونيفل» في الجنوب الجنرال مايكل بيري، بعد لقاءين منفصلين مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وأبلغ الرئيس عون ضيفه الأممي ان «لبنان حريص على استمرار الهدوء والاستقرار في الجنوب، لكنه في المقابل مستعد للدفاع عن نفسه إذا ما أقدمت إسرائيل على الاعتداء عليه»، لافتاً إلى «استمرار الخروقات الإسرائيلية لقرار مجلس الأمن الرقم 1701 وانتهاك الأجواء اللبنانية لقصف الأراضي السورية»، معتبراً «محاولة إسرائيل بناء جدار اسمنتي على الحدود الجنوبية لا سيما في النقاط الـ13 من الخط الأزرق المتحفظ عليها هي اعتداء إضافي على السيادة اللبنانية يرفضه لبنان مطلقاً».
وسبقت هذه المواقف لرئيس الجمهورية زيارة لافتة قام بها صباحاً إلى قيادة الجيش في اليرزة، التقى خلالها قائد الجيش العماد جوزاف عون وكبار ضباط القيادة، حيث نوّه الرئيس عون «بجهود الجيش للحفاظ على استقرار البلاد والدفاع عن الوطن في مواجهة العدو الإسرائيلي والارهاب»، مؤكداً «على وحدة الموقف الرسمي والشعبي الداعم لجهوزية الجيش على الحدود الجنوبية لضمان حقوق لبنان في حدوده البرية والبحرية واستثمار كامل موارده النفطية والاقتصادية، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على استقرار هذه المنطقة بالتعاون والتنسيق مع القوات الدولية تنفيذاً للقرار 1701.
وكانت مصادر دبلوماسية كشفت لـ«اللواء» ان لاكروا أكّد خلال لقائه الرئيس عون ان «القوات الدولية في الجنوب مستمرة في لعب دور وقائي، وان كل المهمات التي نفذتها في الجنوب نجحت بها لضبط ردود الفعل عند حصول أي طارئ أو مشكلة ما. وان المسؤول الدولي أكّد أيضاً على التعاون الوثيق والمنظم بين «اليونيفل» والقوات المسلحة اللبنانية، مركزاً على العلاقات التي تجمع اليونيفل مع الجنوبيين».
على ان اقتراح الرئيس عون باللجوء إلى التحكيم الدولي في ملف النزاع البحري مع إسرائيل، هو موضع تحفظ يصل إلى درجة الرفض من قبل حزب الله الذي انضم إلى تحفظ الرئيس برّي.
وقالت مصادر مقربة منه إلى «اللواء» ان هذا الطرح مرفوض بشكل تام، فالاحتكام إلى طرف ثالث تحت رعاية الأمم المتحدة لن يمنح لبنان حقه... «هذا الطرف لن يكون حياديا وسوف يتعرّض لضغوطات دولية أميركية - إسرائيلية لمنح العدو حصة من ثروتنا النفطية». (راجع ص 3).
موازنة الـ2018
في غضون ذلك، انعقدت في السراي أمس، جولة ثالثة من المناقشات حول مشروع قانون موازنة العام 2018، من دون التوصّل إلى اتفاق نهائي على المشروع، وتقرر ان تتابع اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة درس المشروع، برئاسة الرئيس الحريري اليوم، وغداً، وقد تمتد إلى أكثر إذا لم يتم التوصّل إلى توافق لعرضه على مجلس الوزراء، لكن اللافت هو ما أبلغه وزيرالمال علي حسن خليل للوزراء المجتمعين بالنسبة لمخاطر الإبقاء على نفس الأرقام التي وضعت بأنها خطيرة إذا لم تخفض موازنة الوزارات، فأبدى الوزراء تعجبهم مما أعلنه وزير المال، وأكّد هؤلاء استحالة تخفيض موازنة وزاراتهم، بحسب مصادر خاصة لـ «اللواء» التي اعتبرت ان التحدي الماثل امام اللجنة هو عدم تكريس عجز كبير في الموازنة، فيما رأت مصادر أخرى ان هناك تعقيدات في المشروع واستحالة إمكانية تخفيض موازنات وزارات خصوصا الأساسية والحياتية منها، كالصحة والشؤون الاجتماعية والاشغال.
انتخابات 2018
انتخابياً، رست بورصة الترشيحات في وزارة الداخلية على 161 مرشحاً، بعدما قدم أمس 28 مرشحاً اوراقهم الرسمية، بينهم نواب حاليون وسابقون وطامحون للوصول إلى الندوة البرلمانية، فيما لا تزال الاتصالات واللقاءات والمشاورات جارية لتشكيل اللوائح الانتخابية والتي يفرضها القانون الجديد، ويمنع على الناخبين الاقتراع للمرشحين المنفردين.
ولفت الانتباه في هذا السياق، أمس، تأكيد الرئيس الحريري ان لا أحد يملك بعد صورة التحالفات، مشيرا إلى ان المفاوضات جارية، والأمور ستتوضح تباعاً.
وقال ان ميزة هذا القانون انه يظهر حجم كل شخص، كاشفاً انه سيتم الإعلان عن أسماء مرشحي تيّار «المستقبل» قريباً، من دون ان يُحدّد موعداً لذلك، رغم ان معلومات كانت ذكرت ان إعلان الترشيحات من قبل «المستقبل» قد أرجئ مساء الخميس إلى الاثنين المقبل.
وتأكد أمس ما أشارت إليه «اللواء» عن اكتمال لائحة العميد المتقاعد شامل روكز أو لائحة «التيار الوطني الحر» في كسروان وانها باتت جاهزة، وهي تضمُّه إلى كل من النائب السابق منصور البون وروجيه عازار ونعمة افرام والوزير السابق زياد بارود، غير ان مصادر استبعدت بارود على اعتبار انه لم يحسم أمره نهائياً، وقالت ان الإعلامي جورج قرداحي جهز أوراقه لتقديمها إلى الداخلية في حال كان جواب بارود سلبياً.
ومن ناحية ثانية، ذكرت مصادر متابعة ان التحالف في دائرة بعبدا أصبح شبه محسوم بين «التيار الحر» و«المستقبل» والنائب طلال أرسلان الذي التقى أمس على انفراد الرئيس الحريري، وان هذا التحالف قد ينسحب على دائرة الشوف - عاليه، بينما يذهب النائب وليد جنبلاط الى تحالف مع حركة «أمل» وحزب الله والقوى الحليفة له