لم تمضِ ساعات على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، عن تثبيت تحالف الثنائي الشيعي في الانتخابات النيابية، حتى برزت مجدداً مشكلة البلديات المنتخبة في أيار العام 2016، التي كانت في أغلبها نتيجة توافق بين الثنائي الشيعي. ففي 20 شباط 2018، قدم 6 أعضاء من لحزب الله استقالتهم من بلدية معركة (قضاء صور) لتكشف مجدداً هشاشة هذا التحالف في العديد من القرى والمدن الجنوبية.
روايتان متناقضتان للخلاف البلدي في معركة. الأولى تقول إن "الاستقالة جاءت على خلفية استخفاف أعضاء حزب الله بشهداء حركة أمل، وعدم رد رئيس البلدية والأعضاء المحسوبين على حركة أمل على ذلك. ما أحرج أعضاء الحركة أمام ردود فعل الحركيين في البلدة، الذين طالبوا بوضع حد لحزب الله وتصرفاته في البلدة". أما الرواية الثانية، فتُرجع سبب الاستقالة إلى اعتراض أعضاء حزب الله على قانونية تشكيل اللجان الفرعية في البلدية.
حاولت "المدن" التواصل مع رئيس بلدية معركة عادل سعد، لكنه رفض الحديث. لكن محمود خليل، وهو أحد الأعضاء المستقيلين، يقول لـ"المدن" إن الخلاف كان بسبب التباين في وجهات النظر، وعلى خلفية تشكيل لجان بلدية غير قانونية من قبل رئيس البلدية في جلسة غير قانونية.
ويشير خليل إلى أن الاستقالة وأسبابها بعهدة قائمقام صور، مشدداً على ضرورة فصل العمل الحزبي عن العمل البلدي وعدم زج التحالف الثنائي الشيعي في القضية. لكن، تجربة معركة الأخيرة أختبرت سابقاً في عدة قرى جنوبية منها كفرصير، عربصاليم، عدلون، حاروف وغيرها، التي كانت نتائج الانتخابات فيها غير منسجمة مع اتفاق أمل وحزب الله، وقد حلت فيها المجالس البلدية.
ورغم ما يظهره الثنائي الشيعي من إتفاق، إلا أنّ ما يتم ضبطه سياسياً لم يعد يصلح جماهيرياً. فالخلافات بين مناصريهما على مواقع التواصل الاجتماعي لا تهدأ. ومع كل ذكرى لشخصيات من أمل أو حزب الله تشتعل الساحة الإفتراضية، ولا تهدأ إلا بتدخل من قيادات الطرفين لوقف الحملات، التي تضرّ بهما وتعكر صفو التحالف المتين منذ العام 2005.
ووفق ناشطي أمل، فإنهم يُستفزون من حليفهم بسبب مواقفه الرمادية، وعدم دفاعه في العديد من المواقف عن أمل ورئيسها، لاسيما حين هاجم وزير الخارجية جبران باسيل بري، ووصفه بالبلطجي.
أمام هذه الحملات المتكررة، لا توفر المنابر السياسية للثنائي فرصة لشد عصب الشارع الشيعي، والتشديد على ضرورة التكاتف لخوض الاستحقاق النيابي المقبل، خصوصاً بعد إعلان أسماء مرشحي حزب الله وأمل في الدوائر الانتخابية، التي لاقت تململاً واعتراضاً بسبب تكرار الأسماء نفسها، التي لا ترضي تطلعات مناصري الطرفين. والاستهزاء بالأسماء المعلنة لم يقف عند حدود مواقع التواصل الاجتماعي، بل تعداه إلى جلسات الاعداد للانتخابات، لاسيما من القول إن "من يعترض على المرشحين وعلى تشكيل اللوائح يقف ضد المقاومة ويسهم في انتشار الفكر التكفيري، ويخدم المشروع الصهيوني".
هذا الاعتراض يأتي في سياق عدم وقوف قيادتا أمل وحزب الله عند رأي شارعهما في الترشيحات النيابية، تماماً كما حصل في الانتخابات البلدية. فهل ينجح الطرفان بضبط جمهورهما؟
يؤكد رئيس الماكينة الانتخابية لحركة أمل في الجنوب خليل حمدان أن الاتفاق بين الطرفين بمثابة الحكم المثبت الذي لا طعن به. بالتالي، القرارات الحزبية الصادرة عن لجان التوافق الانتخابية ستنفذ وتترجم في صناديق الإقتراع، خصوصاً لجهة توزيع الصوت التفضيلي في دوائر الجنوب.
ويضع حمدان الخلافات بين المناصرين في إطار حرية التعبير، التي لا تخرج عن إطار سيطرة الحزبين على الأرض. ودعا حمدان إلى عدم مقارنة التجربة البلدية بالتجربة النيابية بسبب خصوصية العائلات في العمل البلدي. أما ماكينة حزب الله في الجنوب، فلم ترد على العديد من الأسئلة التي تطال التحالف الثنائي، مؤكدة أن النتائج ستترجم في صناديق الإقتراع.