ليس في الامكان عدم ملاحظة اندفاع رموز من عصر الوصاية السورية الى الواجهة الانتخابية غالبيتها يقع او سيقع من ضمن لوائح ” حزب الله” او اللوائح الحليفة التي سيدعمها بما يطرح سؤالا اساسيا لدى كثر اذا كان ذلك يتعلق بعودة النظام السوري ليعيد الاعتبار لنفسه عبر هذه الرموز او ان هناك ابعادا اخرى. قد يبدو السؤال غريبا بالنسبة الى البعض من اكثر من جانب. اولا في ظل معاناة بشار الاسد لان يعيد لملمة شتات الكثير مما خسره في ظل رعاية روسية ايرانية لهذه العملية في الوقت الذي يقول البعض ان الامر مفيد معنويا له على غرار ما اعلنه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من ان بشار الاسد هو وراء اطلاق المضادات الارضية التي اسقطت الطائرة الحربية الاسرائيلية قبل اسبوعين. وثانيا لان الحزب حل محل النظام السوري في لبنان من جهة وهو اقوى من الاسد الذي يعزى بقاؤه في السلطة الى محاربة الحزب الى جانبه اقله في مرحلة من المراحل وقبل اضطرار ايران الى طلب مساعدة روسيا بعدما عجزت وحدها عن متابعة انقاذ الاسد. لكن لن يكون الحزب القادر والمسيطر في موقع الممانع لان يبيع الاسد او يرضيه من خلال ترشيح شخصيات حليفة لا تزال تدافع عنه علما ان هناك قوى مؤثرة حليفة للنظام هي قوى 8 آذار فيما الحزب يقوم بمصلحته. لكن ترشيح هؤلاء الاشخاص يدخل في حسابات الحزب تحديدا اذ تقول مصادر سياسية عليمة ان الحزب انما يخطط للمستقبل ويتحسب له على وقع تكبير حصة من يساعد على ايصالهم الى البرلمان. فمع ان كتلة “التيار الوطني الحر” الملتزمة تحالفا استراتيجيا مع الحزب هي عمليا كتلة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لا يخطئ ولا يتوقع ان يخطئ مع الحزب لاعتبارات معروفة، والتحالف بينهما بعد الانتخابات سيؤدي الى سيطرة اكثرية نيابية لقوى 8 آذار بدأت دول عدة ترسم علامات استفهام حول كيفية التعاطي مع الواقع الذي سيستجد على هذه الخلفية، فان الحزب يقيم حسابات حتى من خارج كتلة رئيس الجمهورية ومع التحالفات الاخرى. ذلك ان هناك تحديات مستقبلية كثيرة قد يواجهها الحزب على صعيد سلاحه اولا كما على صعيد العقوبات الخارجية ضده واحتمالات تعرضه لضغوط اضافية مما قد يفرض ضمان مروحة واسعة داعمة له في المجلس النيابي مع الاخذ في الاعتبار كل الاحتمالات.
السؤال تبعا لذلك يصبح اذا كان لبنان مع مشهد لمجلس نيابي مماثل لما قبل 2005 حيث يمثل من حيث الثقل السياسي المحسوب على فريق معين معاكس لذلك الذي ارسي منذ تلك المرحلة اي بعد خروج القوات السورية من لبنان عملية الغاء للفترة التي امتدت من تلك السنة حتى السنة الحالية؟
لا يمكن سياسيا اغفال واقع اندفاع اشخاص كانوا ولا يزالون محسوبين على النظام السوري ابان زمن سطوته في لبنان وسيطرته عليه الى حجز موقع لها في الانتخابات المقبلة على وقع انطباعات مسربة من ان “حزب الله” الذي حل محل حليفه السوري في لبنان انما يدعم وصول هذه الشخصيات لا بل سيحقق اختراقا للطوائف الاخرى عبرها وقد تشجعت من مناخ سياسي يلعب فيه الاقتناع بان التوازن السياسي في لبنان اختل وان الارجحية هي لعودة المناخ السياسي السابق. وتقول مصادر مطلعة ان واقع الامور يفترض الاقرار بان ليس الحزب وحده عراب هذه العودة التي تشجعت بها هذه الشخصيات من خلال ميزان قوى بات مختلا لمصلحة المحور السوري الايراني في المنطقة بل انه حين سرى قبل اسابيع الكلام على ان ثمة نية لاحداث تغيير في رئاسة المجلس النيابي في المرحلة المقبلة بدأ التحضير لها عبر بعض المواقف لافرقاء سياسيين معينين انما استندت الى الرغبة والعزم على ترشيح لا بل تزكية شخصية حليفة للنظام السوري بديلا محتملا من الرئيس بري حتى لو وضع عنوان لذلك الثأر من هذا الاخير لعدم انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة الاولى او بذريعة الرغبة في احداث تغيير في موقع الرئاسة الثانية بدلا من استمرار التمديد في هذا الموقع. ما حصل لاحقا من تداعيات كادت تطيح بالسلم الاهلي والذي ساعدها انطلاق تهديدات اسرائيلية على خلفية بناء جدار حدودي ومنازعة لبنان حقوقه في البلوك 9 ادى الى طي ملف التغيير علما ان الوساطات التي بذلت على هذا الخط اظهرت ممانعة لدى الحزب في هذا المسعى وعلى قاعدة ان الطريق التي تتبع ليست هي الطريقة المناسبة في الوقت الذي اثيرت تساؤلات عن كيفية تسويق ذلك مع القوى في الداخل التي لا تستطيع السير بذلك لاعتبارات متعددة وعن كيفية تسويق ذلك في الخارج ايضا. ولكن في ضوء الترشيحات التي بدت واضحة لجهة تبني افرقاء وقوى مؤثرة ترشيح اشخاص في لوائح اهل السلطة انما تشكل دليلا على عودة “مظفرة” للشخصيات التي تميزت بدفاعها عن النظام السوري خلال السنوات الماضية بغض النظر عن حق هؤلاء في الترشح على غرار سواهم. لكن هذا امر معنوي يعيد اليهم الاعتبار من جهة لكنه ايضا يوجه ضربة لخصوم الحزب من باب فرض جدول اولويات يضطر الاخرون الى التوقيع عليه في نهاية الامر. ويشكل هذا عمليا تتويجا لمسار اعادة عقارب الساعة الى الوراء وربما الثأر مما جرى في 2005. وهذا يمنع تحقيق افرقاء سياسيين حصة اكبر من حصتهم السياسية لكن المشهد العام بدأ يتسرب الى الخارج على هذا النحو.