حسم حزب الله خياره الشيعي في بعلبك الهرمل باكراً، وأملى على قاعدته الشعبية في دائرة البقاع الثالثة أسماء 4 مرشحين عن المقاعد الشيعية الأربعة (حسين الحاج حسن، وعلي المقداد، وإبراهيم علي الموسوي بدلاً من النائب حسين الموسوي، وإيهاب عروة حمادة بدلاً من النائب نوار الساحلي). وترك مقعدَين لكل من النائب غازي زعيتر عن حركة امل، واللواء جميل السيد كمرشح مستقل بمباركة الحزب الأصفر.
قبل الإعلان عن الأسماء تفاءل أهالي البقاع المحروم بتغييرٍ ينوي حزب الله القيام به على صعيد مرشحيه للانتخابات المقبلة. وتأملت عشائر المنطقة بتغيير قد يمنحها حقها بالتمثيل ولو لمرة واحدة. لكن جاء التغيير "شكلياً"، ما أغضب الأهالي وأشعل نيران الاعتراض في قلوبهم وهم الذين دفعوا الدماء في سبيل نهج المقاومة واستمراريته سواء على صعيد المواجهة مع العدو الاسرائيلي أو على صعيد الإرهاب.
اسم وحيد رحّب به قسم كبير من أهالي الهرمل، وهو إيهاب حمادة. "أولا جاء ليضع حدا للنائب نوار الساحلي غير المحبوب في منطقته، وثانياً هو من الأسماء المقربة من الناس في الهرمل، لا سيما أهالي القرى الحدودية، أي السورية التي يقطنها لبنانيون في ريف حمص"، بحسب مصادر محلية. وأكدت أنه صاحب خدمات على الاهالي وكان فاعلا بخدماته لأهالي هذه القرى في معركة القصير وجوارها.
علماً أنه وفق ما تؤكد مصادر آل حمادة لـ"ليبانون ديبايت" إن العائلة تتوجه لترشيح مرشح آخر على لائحة منافسة، لاعتبارها أن التبديل الحاصل في لائحة الحزب هو تبديل صوَري. "ليس المهم تغيير الوجوه، بل تغيير سياسة إفقار وتجويع وتهميش أهالي بعلبك الهرمل التي يتبعها حزب الله".
وتؤكد المصادر نفسها أن إيهاب حمادة لا يمثل عائلة حمادة بل هو كما يقول بلسانه ابن حزب الله وابن المدرسة الجهادية. أما آل حمادة، "لا يمكن لأحد أن يصهرهم في بوتقة حزب أو تيار معين، لأن ولاءهم التاريخي كان لخدمة المنطقة وأهلها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية".
أما الاعتراض الأكبر على مستوى الدائرة ككل هو على إعادة ترشيح النائب حسين الحاج حسن، الذي يحاول حزب الله الابقاء عليه، حفاظا على أصوات عشيرة الحاج حسن في البقاع الشمالي. وهو الاعتراض الذي تُرجِم لافتات مناهضة لترشيحه في تمنين منذ أيام. ولكن حتى لو أزيلت اللافتات بقرارٍ سياسي سريع، فإن هذا القرار لم يُسكِت الأحاديث التي ما فارقت يوميات أهالي بعلبك الهرمل منذ إعادة ترشيح الحاج حسن.
وتنتقل النظرة الاعتراضية على أهالي مدينة بعلبك نسبةً لترشيح إبراهيم علي الموسوي بدلاً من النائب حسين الموسوي. ويقولون: "ما الفرق بين الموسوي القديم والآخر الجديد؟". وتتساءل مصادر بعلبكية "من هو ابراهيم الموسوي؟ هو شخصية غير معروفة في المحيط البعلبكي ولم تقدم أية خدمات لأهالي بعلبك".
وفي محاولة فاشلة حاول حزب الله إرضاء آل زعيتر في الهرمل بترشيح حسين زعيتر عن المقعد الشيعي في جبيل، إذ ما زال الاعتراض قائما في العائلة على عدم ترشيحه عن منطقته.
ولم تتوقف اعتراضات الأهالي على المقاعد الأربعة الصفراء بل عبروا عن غضبهم من منح أحد المقاعد للواء جميل السيد وحرمان عائلات المنطقة منه.
أما آل جعفر، وناصر الدين، وعلوه، لم يرضوا بعد على حزب الله، بالرغم من تسابق بعض شخصيات هذه العائلات المنتسبة للحزب لتعليق اللافتات المؤيدة باسم العائلات للتمويه عن واقع مرفوض قوامه مصادرة خيار المنطقة وأهلها.
ويؤكد ياسين جعفر أحد وجهاء عشيرة آل جعفر لـ"ليبانون ديبايت" أن أهالي المنطقة يعانون من ظلم اجتماعي سببه أمر واقع مستمر منذ 25 سنة.
ويعلّق على عدم تمثيل عشائر بعلبك الهرمل بلائحة الحزب "مبارك عليهم النيابة، لا نريد مقاعد نيابية ولا حقائب وزارية، ما نريده فقط أن يعطوا أبناء المنطقة حقهم في التوظيف والإنماء، ونحن مستعدون لفتح صفحة جديدة مع الثنائية الشيعية لكن ليرفعوا الحرمان عن بعلبك الهرمل وأهلها".
تنتفض عائلات بعلبك الهرمل على لائحة أمر الواقع التي تُفرض عليهم في كل استحقاق انتخابي، لكن هل ستُترجم هذه الانتفاضة الشعبية أصواتاً مناهضة لتعيين من لا يمثلهم في الندوة البرلمانية؟ أم أنهم سيخلعون عنهم الاعتراض ويلبسون ثوب الولاء ما إن يُصدِر حزب الله بدعة التكليف الشرعي بانتخاب من يعلمون جيداً بأنهم لن يغيروا واقع الحال الذي ترزح تحته المنطقة منذ عقود؟