بعد إعلان حزب الله عن مرشحيه للانتخابات النيابية المقبلة، تتجه الأنظار نحو "الحِيَل" التي يلجأ إليها مرشحو الحزب لتمويل حملاتهم الانتخابية، في ظلّ الرقابة الأميركية على المصارف اللبنانية لتجفيف مصادر تمويل الحزب الذي تصنفه واشنطن منظمة إرهابية، وسط محاصرة سياسية وعقوبات اقتصادية عليه.
ووفقاً للمادة 45 في طلبات الترشيح بحسب القانون النسبي، يتوجب على المرشح تقديم شهادة مصرفية تثبت فتح حساب الحملة الانتخابية المنصوص عليه في هذا القانون، تتضمن اسم مدقق الحسابات المعتمد من قبل المرشح، وكتاباً منظماً لدى الكاتب العدل يعطي هيئة الاشراف على الانتخابات الاذن بالاطلاع والكشف على الحسابات المصرفية المتعلقة بالحملة الانتخابية الخاصة بالمرشح.
مراقبون انتخابيون أشاروا إلى أنّ مرشحي الحزب يمكنهم فتح حسابات مصرفية كأفراد لبنانيين وليس كمنتمين له، ما يبعد عنهم المشاكل الرقابية، أو بإمكان وزارة الداخلية إصدار مرسوم تنظيمي استثنائي لفتح وإقفال حسابات فور انتهاء مدة الحملة.
من جهته، يلفت أحد الخبراء الانتخابيين لـ"ليبانون ديبايت" إلى أنّ القانون حمل في نصوصه بنداً يمكّن الحزب من الإفلات رقابياً، موضحاً أنه "في حال تعذّر فتح حساب مصرفي لأسباب تخرج عن إرادة المرشح، يمكن فتح حساب في صندوق عام ينشأ لدى وزارة المالية بنفس الإجراء والأصول". وفي هذه الحالة، يتمكّن مرشحو الحزب فتح حسابات وفقاً لهذا الصندوق، ما يعني حكماً أنهم لا يزالون تحت القانون.
لكنه يشير في الوقت عينه إلى أنّ مرشحي الحزب يمكنهم فتح حسابات كون الدولة لم تمنعهم من عدم الترشح، لكنه قد يعمد إلى وضع مبلغ بقيمة 50 ألف دولار مثلاً، باعتبار أنّه لا يملك أكثر من هذه القيمة لتمويل حملته الانتخابية.
وهنا، يعمد الحزب إلى تشغيل ماكينته الانتخابية التي هي أساساً منتمية له، ومندوبيه وهم موظفون محازبون، بالإضافة إلى الموظفين المنتشرين في مراكزه الصحيّة، والاجتماعية، والخدماتية، والتعليمية. ويقوم هؤلاء الذين يبلغ عددهم بالمئات إلى مساعدة الناس من خلال هذه المراكز أو عبر الدفع النقدي، فضلاً عن أنّه يمكنه قيادة حملة إعلامية عبر محطته الخاصة. بالإضافة إلى تشغيل البلديات في مناطق الحزب التي تقوم بتقديم الخدمات، بحسب الخبير ذاته.
ويشير إلى أنّ من الطرق الأخرى التي بإمكان الحزب اعتمادها للتحايل على القانون هي تشكيل لائحة تضمّ شخصاً مؤيداً لا منتمياً إليه، ويحقّ لهذا الأخير تمويل اللائحة، وفقاً للأصول القانونية. ويقوم الحزب بإعطائه مبلغاً نقدياً لإيداعه في المصرف، باعتبار أنّ عليه إيداع مبلغ 8 ملايين ل.ل للترشّح، و150 مليون ل.ل للإنفاق الانتخابي، و150 مليون ل.ل للحملة الانتخابية بعد انضمامه إلى اللائحة.
يضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره 5 آلاف ل.ل عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى، الذي قد يصل المجموع في بعض الدوائر إلى مليارين ل.ل تقريباً. وبذلك، يصبح مجموع المبلغ المتوجب ايداعه في المصرف حوالي مليارين و300 مليون ل.ل.
ويبقى السؤال عن دور هيئة الاشراف على الانتخابات التي يتوجب عليها مراقبة كيفية الحصول على المال والانفاق. ويعيد الخبير الحديث عن تجربة انتخابات 2009، مشيراً إلى أن مدققي المحاسبة التابعين لمعظم المرشحين لم يقدموا للهيئة أية تصاريح مالية. الأمر الذي يعتبر مخالفاً للقانون، ما يبطل العملية الانتخابية، لكن ذلك لم يحصل.
وفي الوقت الذي لم يُسمح فيه للهيئة بالقيام بدورها القانوني مع مرشحين غير خاضعين للرقابة، فهل ستتمكّن من مراقبة إنفاق حزب الله الانتخابي وإبطال العملية الانتخابية؟".