أتاحت فقرة في قانون الانتخابات اللبناني لـ«حزب الله»، وللأشخاص الممنوعين من فتح حسابات مصرفية بموجب العقوبات المالية الأميركية، الالتفاف عليها، لكن هذه الإضافة من شأنها وضع عراقيل أمام هيئة الإشراف على الانتخابات تحول دون تحققها من الإنفاق الانتخابي لهؤلاء المرشحين، كونه لا حسابات مصرفية لهم.
وتحظر قوانين العقوبات المالية الأميركية على المصارف اللبنانية فتح حسابات لأشخاص مرتبطين بـ«حزب الله»، مع أن ممثلي الحزب في مجلس النواب يملكون حسابات بالليرة اللبنانية يتم تحويل رواتبهم من البرلمان إليها. وأوجد المشرعون اللبنانيون فقرة في قانون الانتخابات، هي الفقرة السادسة في المادة 59 تمثل منفذاً لترشيح أشخاص غير قادرين على فتح حسابات مصرفية لهم، أو مدرجين على لوائح العقوبات. وتنصّ المادة على أنه «عند تعذر فتح حساب مصرفي وتحريكه لأي مرشح أو لائحة لأسباب خارجة عن إرادة أي منهما، تودع الأموال المخصصة للحملة الانتخابية للمرشح أو اللائحة في صندوق عام ينشأ لدى وزارة المالية ويحل محل الحساب المصرفي كل مندرجاته».
ويفرض قانون الانتخاب في المادة 59 منه على المرشحين واللوائح «فتح حساب في مصرف عامل في لبنان يسمى (حساب الحملة الانتخابية)، وترفق بتصريح الترشيح، إفادة من المصرف تثبت فتح الحساب المذكور لديه وتبين رقم الحساب واسم صاحبه. ولا يخضع حساب الحملة الانتخابية للسرية المصرفية».
وقالت مصادر مواكبة لظروف إقرار قانون الانتخاب لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء هذا الصندوق «يمثل التفافاً على العقوبات الأميركية التي تمنع المصارف اللبنانية من فتح حسابات لأشخاص ينتمون لحزب الله»، مشيرة إلى أن المشرعين الذين ساهموا في وضع قانون الانتخاب «لحظوا هذه المعضلة، فتجنبوا العقوبات الأميركية عبر ابتكار آلية جديدة أتاحت لمرشحي (الحزب) تقديم ترشيحاتهم وإيداع الأموال في صندوق لا علاقة للمصارف اللبنانية به».
وأعلن «حزب الله» الاثنين الماضي ترشيح 10 من أعضائه للانتخابات النيابية المقبلة، بينهم 5 أسماء جديدة، يخوضون الانتخابات المزمع إجراؤها في 6 مايو (أيار) المقبل. ويحظر قانون العقوبات الأميركية على المصارف اللبنانية التعامل مع منتمين لـ«الحزب» أو يشتبه بتعاملهم معه، من ضمنها فتح كل أنواع الحسابات المصرفية بالدولار في المصارف اللبنانية.
وبينما وجد المشرّعون ثغرة لحل معضلة ترشيحات مرشحي «حزب الله» للانتخابات، لم يلحظ هؤلاء مشكلة أخرى ستواجه هيئة الإشراف على الانتخابات، وهي عدم القدرة على التحقق من الإنفاق الانتخابي لهؤلاء المرشحين، بالنظر إلى أن القانون ينص في الفقرة 60 على أن عملية الإنفاق «يجب أن تكون دوماً بموجب عملية مصرفية (حوالة، شيك، بطاقة ائتمانية....)».
ويرجع قانونيون بعض الثغرات القانونية في قانون الانتخابات إلى إضافات عليه لم تلحظ كافة التفاصيل. وأشار رئيس مؤسسة «جوستيكا» القانونية الدكتور بول مرقص إلى أن المادة السادسة من الفقرة 59 في القانون، لم تكن موجودة في المسودة الأولى للمشروع، وأُوجدت لحل معضلة ترشح الأشخاص غير القادرين على فتح حسابات مصرفية، وهو ما أنتج ثغرات في القانون. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المشروع «لم يكن معداً لاستيعاب هذه الإضافة التي تخوّل بعض المرشحين الذين قد يقعون تحت طائلة العقوبات الأميركية فتح أو إيداع أو استعمال حساب مباشرة لدى وزارة المال».
وقال مرقص: «الإضافة أتت مجتزأة وجعلت النظام المحاسبي الذي أتى عليه القانون صعب التطبيق، وقد تشوبه بعض الصعوبات التي تحول دون أن يتمكن المدقق المالي وهيئة الإشراف على الانتخابات من التحقق من التزام المرشحين بآلية الإنفاق موضوع هذا القانون».
وتنسحب مشكلة الرقابة على الإنفاق الانتخابي على سائر المرشحين، ولا تتحدد بغير القادرين على فتح حسابات مصرفية. ويقول مرقص: «المؤسف أن الحساب المصرفي الذي يفتحه المرشحون، كل المرشحين، رفعت عنه السرية المصرفية، بينما لم ترفع السرية المصرفية عن سائر حسابات المرشح الأخرى، وبالتالي تعد هذه النقطة ثغرة في القانون الذي قد ينفذ من خلاله المرشحون سيئو النية الذين قد يستعملون الرشوة الانتخابية من حسابات منفصلة محمية بالسرية بعيداً عن نظر ورقابة هيئة الإشراف على الانتخابات».
وتنص المادة 60 من قانون الانتخاب على أنه «يجوز للمرشح أن ينفق من أجل حملته الانتخابية مبالغ من أمواله الخاصة»، و«تخضع جميع النفقات التي يعقدها أو يدفعها المرشح من ماله الخاص لأجل حملته الانتخابية إلى سقف الإنفاق». ويحدد سقف المبلغ الأقصى الذي يجوز لكل مرشح إنفاقه أثناء فترة الحملة الانتخابية بـ150 مليون ليرة (100 ألف دولار) كقسم ثابت، يضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره خمسة آلاف ليرة لبنانية عن كل ناخب من الناخبين المسجلين في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى. أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره مائة وخمسون مليون ليرة لبنانية عن كل مرشح فيها.