سجلت جمعية "حماية" نحو 1218 حالة عنف ضد الأطفال وسوء معاملة واستغلال بحقهم في لبنان للعام 2017. فيما رصدت دراستان محليتان شملتا أطفالاً لبنانيين، أن 65% من الأطفال اختبروا العنف النفسي مرة على الأقل، و54% اختبروا العنف الجسدي مرة على الأقل، و15% اختبروا العنف الجنسي مرة على الأقل في Usta & Farver, 2010) . (Usta, Farver, & Danachi, 2013; وغيرها من الأرقام التي تتحدث عن وضع الطفل في لبنان، وما يشهده من عنف بحقه، أكان في المنزل أو في المجتمع. ورغم أن نسب الارقام أعلى بكثير نظراً لأن معظم الحالات لا يبلّغ عنها، إلا انها تبقى وصمة عار لمجتمع يتغنى بالحرية والديموقراطية ورعاية الطفل.
وتظهر الدراسات أنه حتّى 65% (Usta, Farver, & Danachi, 2013) من الأطفال اللبنانيين اختبروا، على الأقل حادثة واحدة من أشكال العنف ضدهم. ولكن محدودية توافر التدابير الوقائية للعنف ضد الأطفال، والتعرُّف والتبليغ غير الكافي لحالات العنف في المؤسسات الصحية، ونقص التنسيق بين القطاعات في إدارة قضايا العنف ضد الأطفال، تهدد عمليات حماية الأطفال في المؤسسات الصحية في لبنان.
مدير مركز ترشيد السياسات الصحية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فادي الجردلي اعتبر في حديث لـ"النهار" أن "بحسب الدراسات العالمية، فإن لتعنيف الأطفال انعكاسات صحية سلبية، مثل الاضطرابات العقلية، والاضطرابات الغذائية، والأمراض المنقولة جنسياً، وزيادة الوفيات. كما ترتبط ممارسات تعنيف الأطفال بالأعباء الاقتصادية الكبيرة على مستوى الفرد ومستوى النظام على حدٍ سواء".
حماية الاطفال
أضاف، "أنه بالرغم من جسامة المشكلة وخطورتها، فإن دور المؤسسات الصحية يجب أن يفعلّ في حماية الأطفال، بحيث إن بعضاً من هذه المؤسسات لديه سياسات أو هيكليات شاملة، كفيلة بمراقبة ورصد ومعالجة حالات التعنيف. ولكن أظهرت الدراسات المنشورة أن عدم قدرة العاملين في القطاع الصحي على التعرف إلى حالات العنف ضد الأطفال، هي من الأسباب الرئيسية اللي تعوق وتؤثر بشكل سلبي على عملية التشخيص ومن ثم المعالجة. لذلك، وبالنظر إلى انتشار حالات العنف على الأطفال، وبالنظر إلى التأثيرات الضارة على الأمد البعيد التي تسببها على الأطفال أنفسهم وعلى النظام الصحي، فهناك حاجة ملحة لتبنّي نظام حماية الأطفال في المؤسسات الصحية، وبخاصةٍ إذا كان لبنان يصبو إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDG) في العام 2030".
بدورها، اعتبرت مسؤولة قسم بناء القدرات والأبحاث والتطوير في جمعية حماية ساندرا مناشي، أن العنف منقسم إلى أنواع متعددة منها النفسي والجنسي والإهمال بحق الأطفال. وفي دراسة تعود إلى العام 2008، تبين أن هناك طفلاً من أصل ستة تعرضوا للعنف، وأن طفلاً من أصل اثنين تعرضوا للعنف الجسدي. وأضافت ساندرا أن المشكلة الحقيقية في لبنان تكمن في عجز القطاع الصحي عن متابعة الطفل في المؤسسات الصحية. وفي حال تم التبليغ عن تعرّض طفل لعملية تعنيف ،لا يتم متابعتها بطريقة سليمة في معظم القطاعات الصحية، وهي المشكلة الأساسية التي يجب العمل على اصلاحها في لبنان.
ولأهمية وجود سياسات محددة وتعزيز الممارسات في المؤسسات الصحية في لبنان المرتبطة بالوقاية والتعرّف والكشف والمعالجة وإحالة حالات العنف ضد الأطفال، نظمت وزارة الصحة العامة، بالتعاون مع جمعية "حماية"، ومنظمة يونيسف ومركز ترشيد السّياسات الصّحيّة في كلية العلوم الصحيّة في الجامعة الأميركية في بيروت، حواراً حول تعزيز ممارسات حماية الطفل في المؤسسات الصحية في لبنان يعقد الجمعة (23 شباط 2018) مستنداً إلى المذكرة الموجزة التي انبثقت من هذا التعاون.