تمهيد: نشوء القضية السورية...
في زمن حكم آل الأسد في سوريا، وعلى أيديهم، تمّت ولادة قضية عربية ثانية، تكاد أن تضاهي في خطورتها ومآسيها القضية الأولى الأساس: القضية الفلسطينية، فقد بات شبه جاهزٍ وناجز انبثاق قضية سورية من رحم الحرب الأهلية الدائرة منذ حوالي سبع سنوات في سوريا لتنضم إلى شقيقتها الفلسطينية.
إقرأ أيضًا: مجزرة الغوطة بعد حلب... جرائم العصر في ضمير العالم الحر
أولاً: القضية الفلسطينية...
عام ١٩٧٢ (أي بعد حرب عام ٦٧ الكارثية) قال موشي دايان أمام طلاب مدرسة زراعية في حيفا، موجزاً ببراعة معنى المشروع الصهيوني بأكمله:" لقد اغتصبنا بلداً عربياً وجعلنا منه بلداً يهودياً"، إلاّ أنّه طلب من الطلاب أن يتأملّوا الطريق الطويل الذي اجتازه الاستيطان اليهودي منذ مئة سنة.
لقد خلق الاستيطان الصهيوني مع المجازر العسكرية لفلسطين، واقتلاع شعبها وطرده خارج البلاد عام ١٩٤٨ (ثمانماية ألف فلسطيني لاجئ) قضية شائكة لمأساة مرعبة، وحروبٍ متتالية ما زالت تُؤرق ضمائر من ابتدعوها واستغلّوها حتى باتت عصيّة على كل الحلول.
إقرأ أيضًا: الثورة الخمينية كغيرها من الثورات: مغلوبة على أمرها
ثانياً: القضية السورية...
كما بات معروفاً، تتعرض سوريا من سبع سنوات لحروبٍ مدمرة بأشكال مختلفة ومسارات مرسومة، أسفرت حتى الآن عن تدمير المدن والبلدات وقتل مئات الألوف واعتقال عشرات الألوف، وتهجير الملايين (داخل البلاد وخارجها) مُخلّفةً وراءها تفكُّكاً رهيباً لمقولات الدولة والنظام والأمّة والعرق والطائفة والدين وحتى الطبقة، للأسف الشديد، أصبحت سوريا اليوم قضية عربية شائكة، ولّى عهد الانتداب الفرنسي الذي مضى عليه قرنٌ كامل من الزمن، كان والحقُّ يقال، انتدابٌ "ناعم" بالقياس للانتداب الحالي المثلّث الرؤوس: الروس- الإيرانيّين- الأتراك، مع الأميركيين طبعاً، انتدابات النفط والغاز، بدل انتداب القطن والحرير والخشب والتمدين والديمقراطية الغربية، التي أفلت مع حركات التحرر الوطني، وحلّت محلّها أنظمة الديكتاتوريات العسكرية، والتي ما زالت تحلم باستمرار سلطانها تحت الانتدابات العسكرية.