لم نعرف إلاً عدواً واحداً اسمه العدو الاسرائيلي لا لأننا ورثنا النكبة والاحتلال والنكسة بل لأننا شهدنا وذقنا مرارة الاحتلال وعاينا عن قُرب عدواً محمياً بآلة غربية مُدمرة وبسياسة غربية أكثر تدميراً ومع ذلك استطعنا أن نردّ العدو من بور سعيد الى غور الأردن وجنوب لبنان ورغم أن العالم القوي كان مع اسرائيل الاّ أنّه لم يستطع أن يصفق لجرائمها المرتكبة وكانت صحوات الشعوب في العالم تمنع العدو من الدمار وسفك الدماء وكان في الأمّة بقية كرامة لذا كان العدو يتحرك وفق حسابات كثيرة وما القرارات الدولية الاّ شاهدة على إرهاب الدولة اليهودية بحق دول عربية ولا يمكن تغيير هذه الشهادة الدولية رغم سيطرة أميركا على الأمم المتحدة.
وفي تجربتنا العربية عرفنا حروباً داخلية وعدوان أنظمة مستبدة ويبرزُ البعث العراقي مثالا واضحاً وجلياً عن ظلم أبشع بكثير من ظلم العدو ويقاربه أخوه في الرضاعة البعث السوري الذي مسح حماة ذات ليل عن الخارطة السورية بتأييد دولي وعربي ومازال نظام البعث يرعى حرباً لم تشهدها حروب اسرائيل على العرب.
إقرأ أيضًا: الغوطة يا عرب
كل حروب اسرائيل على العرب وحروب العرب على العرب تكاد أن تكون خجولة أمام حرب روسيا على سورية لأنها غير خاضعة لقيود دولية ولا الى قيود ذاتية ولا توجد عندها مخاوف من ردّات فعل عربي وغير عربي وهذا لم يكن متاحاً بالنسبة لإسرائيل التي كانت مقيدة بالموقف الأميركي وبالمواقف الدولية والمواقف الاقليمية والاسلامية والعربية وبالحسابات الاسرائيلية نفسها لهذا كانت في عدوانها محاطة بجملة موانع وكذلك الأمر بالنسبة للأنظمة المستبدة التي كانت تقتل وهي خائفة من ردّات الفعل حتى النظام السوري وفي استخدامه للبراميل المتفجرة كان يُدمر وهو خائف من المجتمع الدولي وقد اتخذت بحقه مواقف وقرارات عربية ودولية وقد هددته أميركا بالنفخ عليه إن لم يسلم الأسلحة الكيماوية فأذعن طائعاً أيّ أن النظام وطيلة حربه على السوريين كان خائفاً ومرتبكاً من المواقف التي قد تُتخذ بحقه لذا كان يراعي في التدمير والقتل رغم تجاوزه للخطوط الحمر، وكان هناك ما يُلزمه ويفرض عليه الإذعان للشروط الدولية.
إقرأ أيضًا: البلطجي الروسي
عندما دخلت روسيا على خط الحرب السورية شهدنا إرهاب دولة لم تقم به الدولة الارهابية الاسرائيلية حتى من تدّعي روسيا محاربتهم من إرهابيّ داعش والنصرة لم يدمروا بالقدر الذي دمرت به روسيا ولا يمكن المقارنة بين فصائل مسلحة بأسلحة حروب شوارع و بين دولة تملك ما يكفي لتدمير الكرة الأرضية هذا من جهة ومن جهة ثانية لا يمكن مقاربة أطراف خاضعة لنفوذ دول تأتمر بها وبين دولة لا تأتمر بأحد طالما أن الأميركي قد فتح لها شهية القتل في سورية.
بعد دخول روسيا الحرب أطبقت البلاد على العباد من حلب الى الغوطة والمجمتع الدولي يقف عاجزاً أمام الفيتو الروسي في مجلس الأمن وأمام الموقف الروسي في الأمم المتحدة بحيث أنه يعارض كل حلّ متصل بوقف الحرب ويدّعي حرصه على السلام في سورية في لعبة مكشوفة تفضح دولة تتقن فن الكذب فكيف يمكن لدولة بلا مصداقية أن تكون نظاماً دولياً متبعاً؟ وكيف يمكن لنظام أسوأ من البعثين أن يكون طموحاً للعرب الذين كوتهم نار البعث؟ وكيف يمكن لدولة بلا معايير أن تكون حكماً دولياً يحكم بنزاهة ضمير السلطة المسؤولة؟ للأسف لقد تورطت المنطقة بعصابة مافياوية قد تكون من أسوأ ما ورطت فيه المنطقة من الوكالات اليهودية إلى الأنظمة التوتاليتارية.
لقد دربت روسيا إسرائيل على كيفية خوض الحروب الجديدة من خلال الدروس السورية لهذا نُدين العدوان الروسي لندفع عنا عدوان العدو الذي يحتاج الحرب التي تساعده على فرض شروطه في مرحلة سهلة للعدوان طالما أن الدمار والقتل أصبحا مشاعاً وقد شرعتهما الشرعة الروسية التي ترتكب ما حرمته الشرعة الدولية.