بينما تُكثِر الأحزاب المدنية من تبنّي ترشيح الإعلاميين في لوائحها عن الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق اللبنانية، لاستثمار شعبيتهم في المعركة الانتخابية الشرسة مع الأحزاب السياسية التقليدية، تحجم الأخيرة لا سيما المسيحية منها عن ذلك، وكأنها لا ترى في الإعلاميين مشاريع نواب حقيقيين يمثلون سياستها وينقلونها للندوة البرلمانية.

يسأل أحدهم: إذا كان حزب الله المُتهم بالانغلاق على ذاته، رشّح الإعلامي أنور جمعة عن المقعد الشيعي في زحلة، لماذا لا نرى مثل هذه الترشيحات على صعيد الأحزاب المسيحية الكبيرة؟

حمل "ليبانون ديبايت" هذا السؤال وطرحه على الأحزاب المسيحية ليستوضح منهم أسباب عزوفهم عن ترشيح الإعلاميين في لوائحهم، مع العلم أن لكل حزب منهم إعلاميين أوفياء ومسيسون ربما أكثر من القياديين المحازبين أنفسهم.

يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبّور لـ"ليبانون ديبايت" أن للأحزاب المنظمة مقاربة مختلفة لمسألة النيابة عن الأحزاب المدنية التي تسعى لترشيح شخصيات شكلت منابر إعلامية لتختصر الطريق والمجهود على نفسها، مقاربة قوامها أبعاد ثلاثة أساسية. الأول، أن يكون نائب شعبياً، قادراً على التواصل بشكل مستمرّ وفعّال مع الناس وخدمتهم، ويشكل مرجعية للناس في منطقته، ويشعر الرأي العام أن هذا الشخص سيكون لجانبهم في أفراحهم وأتراحهم وسيعبّر عن همومهم وحاجاتهم وينقلها بكل أمانة إلى مجلس النواب.
أما الثاني وهو بعد تشريعي، أي أن يكون نائب مجلسياً بامتياز، يتابع أمور اللجان والقوانين ونائب مواظب على عمله البرلماني. والبعد الثالث يتمثّل بأن يكون نائب وطنياً سياسياً، يعبر عن الموقف السياسي للحزب الذي ينتمي له.

ويرى جبور أن الإعلامي بشكل عام يعبر عن جانب واحد هو السياسي، لكن يبقى السؤال الجوهري هل للإعلامي قدرة على أن يكون نائب مجلسياً وشعبياً؟ فـ"النيابة ليست منبراً إعلامياً، بل تشريعياً ووطنياً وشعبياً بنفس الوقت".

ولعضو لجنة الشؤون السياسية في تيار المردة ميرنا زخريّا مقاربة مختلفة لموضوع تبني ترشيح الإعلاميين، وتؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أنه "لو كان هناك إعلامي كفوء بالسياسة ولديه حظوظ الفوز في الاستحقاق الانتخابي المقبل كنا رشحناه".

فـ"المردة مثل أي تيار أو حزب سياسي يبحث عن الذي يملك الحظ الأوفر للوصول إلى البرلمان أكثر من غيره، ولكن المشكلة في لبنان أنه يتم الخلط كثيراً بين الكفاءة السياسية للموقع السياسي وما بين الوجوه المعروفة".

وتلفت زخريّا "طبعا هناك إعلاميون وإعلاميات يستحقون المراكز السياسية، لكن ليس بمجرد أن يكون الشخص وجهاً معروفاً من الضروري أن يكون نائب. فالأخير ليس فقط وجه معروف إنما أعماله التشريعية هي التي يُفترض أن تجعل منه وجهاً معروفاً. والمواطنون سينتخبون الإعلامي سياسياً لأسباب إعلامية ما يتناقض مع السبب للترشح للنيابة. وهناك فرق بين تأييد شخص اختبرناه ونعرفه على المستوى الإعلامي وبين تأييد شخص لأن لديه ملفاً سياسي نظيف أو لأن لديه طروحات تشريعية جيدة".

على الجهة الأخرى، يؤكد عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب سيرج داغر أن لا إعلاميين مرشحين عن حزب الكتائب حتى اليوم. ويوضح لـ"ليبانون ديبايت" أن حزب الكتائب ليس ضد ترشيح الإعلاميين خصوصاً إذا كانوا إعلاميين مسيّسين كونهم قادرين على أن يكونوا قيمة مضافة في المجلس النيابي".

فـ"الإعلامي مثل الطبيب مثل المحامي... وكل الناس من حقها العمل في السياسة، نشجع على ذلك، ويُمكن أن يكون لدينا في اللوائح التي سنتبناها في المناطق إعلاميون ومهن أخرى، لا سيما أن الإعلاميين هم شريحة من المجتمع، وأشخاص مسيّسون بامتياز وقادرون على التفاعل وإيصال رأيهم بسلاسة".

وأبدى داغر ملاحظته على الوجوه الإعلامية التي تتبناها الأحزاب المدنية، وتساءل "كيف لإعلاميين انخرطوا لسنوات بخط سياسي واضح أن يصبحوا فجأة مجتمع مدني. "فالشعب اللبناني ذكيّ كفاية ليدرك أيها الوجوه المدنية التي هي فعلاً مدنية وأيها تلك التجديد والإصلاح. فالأهم في كل هذا ليس أن يكون المرشح إعلامي أو غير إعلامي، بل أن يكون صاحب كفاءة ونهجه تغييري ومنخرط بمكافحة الفساد".

في المقابل، لا تنفي ولا تؤكد المسؤولية الإعلامية في التيار الوطني الحر ألين فرح إن كانت لوائح الوطني الحر ستضم إعلاميين، فـ"لا يمكن الحديث عن أي اسم من المرشحين قبل أن يعلنها رئيس التيار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل".

وتؤكد في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" أن "التيار لا يستثمر شعبية أحد، وإن كان أحد ما يستحق أن يكون مرشح يرشحه التيار، بغض النظر إذا كان هذا الشخص إعلامي أم لا، فالوطني الحر مع ترشيح الكفؤين والكفؤات بغض النظر عن حقول العمل التي ينتمون إليها".